إيران من التهديد والوعيد إلى القلق على طريقة الإتحاد الاوروبي

لم تعد مقولة «زحفًا زحفًا نحو القدس» الشهيرة والتي رفعتها ايران لعقود، من الشعارات الرائجة في ظلّ الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة، والتي بدأت في حين ينشغل العرب والعالم في الحرب السورية والتدخل الروسي العسكري فيها، وتنشغل إيران في بيانات وتصريحات الوعيد والتهديد ضدّ المملكة العربية السعودية. ففي اللحظة التي تسيل فيها دماء الشعب الفلسطيني بوجه الاحتلال الصهيوني، أصدرت وزارة خارجية إيران بيانًا أعربت فيه عن قلقها مما يجري في القدس.

موقف القلق الذي اعتدنا أن يصدر من دول الإتحاد الأوروبي عندما يحدث أي تعد اسرائيلي على الفلسطينيين، جاء هذه المرّة في بيان أصدرته وزارة الخارجية الإيرانية التي لطالما جاهرت بعدم التخلّي عن فلسطين، والتي اتخذت منها قضية مركزية ومحورية في سياستها الخارجية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

 

القدس الشرقيةمواقف ايران من الإعتداءات الإسرائيلية إن في القدس أو قطاع غزة طوال السنوات الماضية كانت واضحة، فإضافةً للمظاهرات التي كانت تخرج في شوارع طهران للإحتجاج على ممارسات الإحتلال ضدّ الشعب الفلسطيني والمقدسات، اعتمدت إيران سياسة المواجهة العسكرية لمساندة أصحاب الحق وحسم الصراع لصالح الفلسطينيين، من خلال الدعم العسكري لحماس، والتصريحات السياسية التي تؤكدّ العداء للكيان الصهيوني.

 

خامنئيومن أبرز التصريحات الإيرانية التي كانت تجاهر بها طهران على لسان مسؤوليها من أجل تثبيت موقفها أمام العالم من القضية الفلسطينية، جاءت من قبل قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي الذي قال إن «الكيان الصهيوني هو المصدر الرئيسي للأزمة في المنطقة ولذا لا بد من محوها، فالهدف الرئيسي وراء خلق إسرائيل في المنطقة هو زرع الخلاف بين المسلمين. وليس هناك قوة تستطيع محو فلسطين من التاريخ والحضارة الإنسانية». كذلك قال كمال خرازي وزير خارجية إيران السابق في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2000 الذي قال إنّ «السلام مع إسرائيل ليس إلا سراباً».

 

وكان قد أشار الرئيس السابق محمد خاتمي إلى إسرائيل باعتبارها «أكبر عدو للعالمين العربي والإسلامي». واعتادت إيران أن تصف إسرائيل بأنها نموذج «للإرهاب الحكومي».

إقرأ أيضاً: هكذا نسي «المقاومون» فلسطين: أسعد ذبيان أهمّ من الانتفاضة الجديدة

أمّا الآن ومع خوض الشعب الفلسطيني بطولات في الإنتفاضة الثالثة ضدّ الإحتلال الإسرائيلي، كان لإيران التي لم يمرّ على توقيعها الإتفاق النووي مع الدول الغربية إلاّ أشهر قليلة، بيانا بلغة مهذبة، غاب عنه التهديد والوعيد والوعود بالدعم والتسليح وإزالة إسرائيل عن الوجود، كما اعتدنا على إيران التي كانت تزعم أنّ إسرائيل عدوّها الأول، وأنّ تحرير الأقصى أولويتها.

 

مرضیة افخمفقد أعربت المتحدثة بإسم وزارة الخارجیة الایرانیة مرضیة افخم يوم الأحد الماضي عن قلقها وإدانتها جراء الممارسات الإسرائيلية في حقّ الشعب الفلسطيني، ودعت «الحکوماتِ والشعوب الاسلامیة والمؤسساتِ الدولیة المعنیة الی ردّ جاد وعاجل لوقف جرائم الکیان المحتل للقدس».

 

إذاً وبعد أن نصّبت إيران نفسها لسنوات متحدثة بإسم القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني، يبدو أنّ أولوياتها تبدّلت حتّى باتت تتعامل مع القضية الفلسطينية وكأنّها خارج حساباتها، واكتفت بإصدار بيان لو محينا إسمها عنه لاعتقدنا أنّه صادر عن الإتحاد الأوروبي!

 

حسن نصراللهموقف طهران لم يفاجئ الكثير من المراقبين، فكان واضحًا أنّ أولويات ايران تبدّلت منذ اندلاع الثورة السورية ودخول إيران وحليفها حزب الله كطرف رئيسي في هذه الحرب. فبعد أن كانت فلسطين جزءًا من خطابات أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وكانت نبرته تعلو لتهديد الكيان الصهيوني بصواريخه التي تصل إلى حيفا وما بعدها، هذه التهديدات غابت في المقابلتين الأخيرتين التي أطلّ خلالهما نصرالله، إلاّ أنّ النبرة لم تغب ولكن الوجهة تغيّرت، فباتت السعودية العدو الأول لطهران وحلفائها وبيانات التهديد والوعيد موجّهة لها، فتهمة تصدير الإرهاب وزرع الفتنة بين المسلمين أصبحت لصيقة بالسعودية العدو الأول لايران وحلفائها.

 

إذًا يبدو أنّ الحرب المذهبية، والصراع على النفوذ في المنطقة باتت من أولويات إيران، فهل من الممكن أن نرى إيران، ربما في السنوات المقبلة وبعد تعميق اتفاقها النووي مع الولايات المتحدة، تدين العنف المفرط من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على الطريقة الأميركية؟

السابق
هذه هي صواريخ «تاو» التي قلبت الموازين في الحرب السورية؟
التالي
الطقس غدا قليل الغيوم مع استقرار في الحرارة