الخطاب العاشورائي بين السنّة والشيعة في المجمع الثقافي الجعفري

في خطوات جريئة ومتميّزة للعلامة الشيخ محمد حسين الحاج عُقد اللقاء الحواريّ الجامع بين مختلف الأطياف في “المجمع الثقافي الجعفري” الذي عالج موضوعا حسّاسا وحيويا في لقائه الشهري والذي جاء تحت عنوان “عاشوراء الخطاب الإنساني: مذهبيّ أم وحدويّ؟” مع مجموعة من العلماء المتنوعي الإتجاهات والإنتماءات، وهم على التوالي العلامة الشيخ محمد حسين الحاج رئيس المجمع الثقافي الجعفري، والشيخ عبد المجيد عمّار عضو المجلس السياسي في حزب الله، ورئيس القضاء الدرزي السابق القاضي الشيخ مرسل نصر، والشيخ زهير جعيّد المنسق العام لجبهة العمل المقاوم، والشيخ صفوان الزعبي رئيس جمعية الإخوّة الإسلامية، والشيخ أحمد العموري عضو أمانة سرّ هيئة العلماء المسلمين، إضافة الى عدد من المهتمين والمثقفين والإعلاميين كما حضر المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

الحاج
افتتح العلامة الحاج اللقاء بكلمة أكد فيها على “أننا جميعا نعرف مصيبة الإمام الحسين، وهو الذي خرج بهدف الإصلاح، وطريقة الإصلاح الأمر بالمعروف والنهيّ عن المنكر اذ كل ما هو حسن للمجتمع العمل به والإبتعاد عن كل سيئ وقبيح. لذلك نرى ان غير المسلمين تبنىّ قضية الإمام الحسين”. وأكد ان “الإمام الحسين ليس لمذهب او لطائفة وانما لكل الإنسانية. وهو الذي حاول تجنّب المعركة الا أنه لم يسمح له، ولكن ان يتحول الأمر بعد سنوات الى السبّ والشتم واللعن للصحابة، فهذا أمر نرفضه”.

نصر
في حين لفت الشيخ مرسل نصر الى ان “قيم عاشوراء هي قيم الإمام الحسين الذي خرج على يزيد لتجويعه المسلمين، وخنقه للحريات، وتشريده ذوي الآراء السياسية التي لا تنسجم مع سياسته وإيقاظه للفتنة. اما شعارات الإمام الحسين فهي شعارات إنسانية جامعة. وكل من يطارد وعّاظ السلاطين فهو حسينيّ”. “ونرى ان شخصية الحسين شخصية جامعة تستدعي التجرد عن النوازع والأفكار والا كل رؤية محكومة بنازعة المبالغة، وهذا لا يفيدنا كمسلمين بشيء”.

عمّار
اما الشيخ عمّار فقد اعتبر أن “ان ما حصل في كربلاء ترك بصمات كبيرة جدا، وأسّس لأجواء إستطاع المتسلطون على الحكم لاحقا ومن لحق بهم من دول تعيش أزمة كبيرة جراء واقع الثورة الحسينية – والتي لم تكن صراعا بين قبيلتين، بل هي حركة إصلاحية- مما وضع عاشوراء في البعد المذهبي خاصة اذا علمنا ان من تبوّأ المناصب كان يستعمل اللغة المذهبيّة مما شكل منطلقا لفتاوى تراكمت وحاول الآخر تسويقها، إضافة الى عدم براءة الشيعة من تقديم عاشوراء بقالب مذهبيّ، لكن يجب ان تبقى عاشوراء قادرة على تقديم المشروع الإستنهاضي للأمة من سباتها..”.

جعيّد

بالمقابل، شدد الشيخ جعيّد على “أهمية إستخلاص العبر وخاصة الوحدوية منها لاسيما ان المشروع المقابل لمشروع الإسلام هو مشروع خطير جدا وآخر محاولاته هي الفتنة السنيّة – الشيعيّة في كل البلاد الإسلامية. وتكمن المشكلة بما يتعلق بعاشوراء حيث ان الشيعة مقصرّون جدا في إظهار قيم عاشوراء من أن الإحتفال بالمناسبة ليس ثأرا ولا إتهام للآخر. والمشكلة عند أهل السنّة أنهم تراجعوا عن إظهار حبّهم لآل البيت كما كان ديدن أهلنا. رغم ان السيد حسن نصرالله يوّجه قراء العزاء كل عام، الا اننا نشهد قراءات غير عقلانية كما هو الحال بعض القرّاء في كل من سوريا والعراق وفلسطين وباكستان وأفغانستان أيضا.. وشدد على أهمية القراءة النقدية لمجالس عاشوراء وان يكون للمرجعية دورها كما فعلت في مسألة تحريم سبّ الصحابة..”. واضاف جعيّد “مع الإشارة الى ان السنّة هم من حمى المقامات تاريخيا في سوريا والعراق خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، عندما كان اللبنانيون الشيعة منضوون في الحركات اليسارية ولا يقصدونها كما اليوم. ونحن نؤيد الشيخ الحاج في طرحه لتنقية المجالس من الشوائب”.

الزعبي
سرد الشيخ الزعبي عددا كبيرا من الأحاديث الواردة في كتب الصحاح حول الإمام الحسين، مؤكدا على “ان موقف السلفية لا تتماشى مع موقف الوهابيّة بخصوص أهل البيت”. ووّجه شكره “لمن عمل على إطفاء الفتنة من الشيعة كحزب الله -الذي يواجه الغلوعند الشيعة الذي يستفز السنّة-، ونحن ننتظر فتوى من أعلى المراجع الشيعية في تحريم الغلو في عاشوراء”.

العموريّ

وختاما، كان مع الشيخ أحمد العموري حيث قال ان “عاشوراء هي عنوان للحق وليس للثأر، لذا نؤكد على الحاجة المستمرة لهذا المشروع في تعميق الجذور ومحاولة التعارف العميق مع الجذور، ومحاولة بناء أوثق العلاقات القائمة على جسور ثلاثية: المعرفة والتعارف والمعروف، كوننا نشهد الان إختلالات في الهوية، وضمورالهويات الجامعة، فلا يتعملق المذهب على الدين، ولا الحزب على الدولة. وكما اتفقنا على عدم سبّ الصحابة فإننا قادرون على الإتفاق على الحثّ على يوم صيام هو العاشر من محرّم الذي يظن الشيعة ان السنّة يعتبرونه عيدا!!”.

في ختام الحلقة تم تسجيل الإقتراحات فيما يتعلق بالمجالس من أجل العمل على تصويبها في أحداثها التاريخية.

السابق
معلمة تشرح الدروس من خلال جسدها
التالي
مسؤول إيراني يعترف بسقوط صواريخ روسية على بلاده