الحراك متهم: ملف الكهرباء… وإلا فلن يصدقكم أحد

طلعت ريحتكم
الحراك المدني امام خطر الضمور والتراجع وبالتالي تراجع تأثيره الايجابي على الحكومة. فتجربة النفايات كانت النموذج الايجابي لما يمكن ان يحققه الحراك المدني. لكن هذا النجاح يجب ان يحافظ عليه وان يستثمر نجاح الحراك المدني في ملفات فساد اخرى تمس حياة اللبنانيين ومصالحهم.

الحراك المدني بات امام اسئلة وجودية. مشهد الحراك بحشده امس لم يكن مطمئناً. انتابتنا، ونحن في وسط هذا الحشد ومعه، تساؤلات حول اسباب تراجع حشود المشاركين: هل هو احباط من عدم القدرة احداث تغيير ايجابي في المجال السياسي والوطني العام؟ ام هي قضية النفايات التي باتت تضغط حلولها المطروحة على منظمي الحراك اكثر مما تحرج الحكومة؟ هل هي الحساسيات بين مكونات الحراك التي بالغ اصحابها في اظهارها الى حدّ نابذ لمشاركة واسعة للمواطنين؟ هل عجز الحراك عن منع محاولات تسييسه في لعبة الانقسام الداخلي؟ هل هي الجرأة التي التبست عبر التصدي لفريق من السلطة بالاسماء من دون ايّ حساب، هو فريق 14 آذار؟ وفي المقابل وضع حسابات حين محاولة تناول اسماء الفريق الآخر في السلطة؟ فريق 8 آذار.

 
هذه الاسئلة وسواها ليست بهدف تنزيه السلطة عن مسؤوليتها عن الفساد سواء في ممارسة القمع ضد المتظاهرين وفي تطبيق القانون استنسابيا، ام عن مسؤوليتها عن تردي الأوضاع العامة التي وصلت اليها البلاد من تراجع او انهيار شروط الدولة في حياتنا الوطنية… بل تنطلق من حقيقة ان الحراك المدني هو بارقة الأمل الوحيدة امام اللبنانيين اليوم، وهي لأنها كذلك لابد ان تستمر لتتحول الى وقائع يترجمها الحراك ويلمس المواطنون من خلالها آثارا ايجابية في واقع الدولة وشروطها. لذا تبدو هذه الاسئلة ملحة على منظمي الحراك بمختلف مجموعاته، تحتاج الى اجابة تنطلق من استعداد لممارسة النقد الذاتي، بغية تنزيه الحراك وتحريره من الاثقال التي حالت دون اوسع تفاعل لبناني معه.

طلعت ريحتكم
ليست الاجابات جاهزة من أجل اعادة تفعيل الحراك. يجب عدم الركون فقط لفدائية المجموعات التي تتقدم الصفوف. والفدائية امر مطلوب من مجموعات الحراك. لكن ما هو اكثر اهمية يتمثل في تحصين جسر الثقة مع الرأي العام، الذي بدا في الاسابيع الماضية انه بات يتصدع ويحتاج الى اعادة ترميم. قراءة تجربة الحراك ونقدها تتطلب ايضا شجاعة وجرأة في رصد الاخطاء واعادة التصحيح، رصد لاسباب المراوحة في اسلوب التصدي للسلطة، والانتقال الى وسائل جديدة تفعل العلاقة بين الحراك والرأي العام اللبناني، لمنع تراجعه وانكفائه الى مجرد مجموعات متحركة وناشطة، تفتقد للالتفاف الشعبي المطلوب.

 
الحراك المدني امام خطر الضمور والتراجع وبالتالي تراجع تأثيره الايجابي على الحكومة. فتجربة النفايات كانت النموذج الايجابي لما يمكن ان يحققه الحراك المدني. لكن هذا النجاح يجب ان يحافظ عليه وان يستثمر نجاح الحراك المدني في ملفات فساد اخرى تمس حياة اللبنانيين ومصالحهم. وكما نعيد ونكرر فإن ملف الطاقة الكهربائية هو ما ينطوي على شروط القضية النموذجية لاستعادة الحراك زخمه في الشارع. التهيب من مقاربة هذا الملف سيساهم في ازدياد نبرة الاتهام للحراك المدني.

 

طلعت ريحتكم
عودة الناس الى الشارع تتطلب مزيدا من تحفيز المواطنين على الانخراط في الحراك، ولأن السلطة بطبيعتها تتضامن في مواجهة اي حراك يستهدفها، وتتجاوز كل خلافات مكوناتها للتصدي لمن يواجهها، فالحراك المدني معني بأن يذهب نحو ما يحفظ تماسكه والمحافظة على جاذبيته لدى المواطنين، وهو بالضرورة مطالب بأن يحسن برمجة نظام الاولويات، بما يوفر شرط الوضوح والحيوية في القضية التي يتناولها، والابتعاد عما يمكن ان تنفذ منه السلطة لشق الحراك او انفضاض الناس من حوله.

 
التحديات المطروحة، لاسيما في اللامبالاة التي يعبر عنها سلوك السلطة حيال الازمات التي تتراكم على الشعب والمؤسسات، تترك المجال مفتوحا لاعادة تنظيم المواجهات مع السلطة. فالحراك المدني مطالب بأن يكون على مستوى طموح المواطنين، الذين يريدون ان يخرجوا من دوامة الانقسام العبثي المتحكم بالدولة. انقسام جعل من القوى السياسية في الحكومة حريصة اكثر من اي وقت مضى على حماية معادلة الانقسام وترسيخه ما دام يوفر لأطرافه شروط المحاصصة بعناوين مذهبية وطائفية.

 
الثابت ان ما يجري في لبنان من مآس ومن تراكم الازمات وسياسات ترسخ تعطيل مصالح الناس، لا تبدو محل اهتمام المسؤولين. الاولويات بشكل صريح هي خارج لبنان. اذ لا يستفز الممسكين بمفاصل البلد والدولة ما يجري هنا بقدر ما تستفزهم وتستثيرهم حرب اليمن او ازمة العراق والقتال في سورية.

السابق
قوى 14 اذار طلبت من الحكومة وضع حد للفلتان في العاصمة
التالي
قوى الامن تمنع محاولة إقتحام فندق “لو غراي” من قبل مشاغبين