كيف نبني وطناً؟

بيروت
تتوالى المعضلات التي نكتشفها اليوم في لبنان وكأنها وليدة اللحظة، ولكن واقع الأمر مُغاير جدًا ويتضمن كثير من الاحداث التي تحثنا على القراءة أكثر في واقعنا بشكلٍ شامل.

إذا إنطلقنا من شكل الدولة الحالي والمتخبط بالفراغات كما بالتجاذبات المتكررة نجدها متطابقة بشكلٍ كبير مع واقع الأحزاب التي عادةً ما تُعنى ببناء الأوطان، فكلاهما لا يملكان مشروعا حقيقيا أو رؤية ديمقراطية لبناء هيكلية الدولة التي يزعم البعض دائمًا أنها قيد إعادة التأسيس من جديد.

إقرأ أيضاً: لبنان الجديد.. العقدة والحَلّ

 

أعتقد اليوم بأنَّ هناك جزءاً من السياسيين موجود لإبقاء إرثه الحزبي حَيّ، وهناك بعضهم موجود لتحقيق أحلام كانت ومازالت شخصية، كذلك هناك بعضهم من هو هنا لإنه يملك مشروعا غير لبناني يريد تحقيقه. هذه العوامل كلها تلتقي في خانة عدم تقديم آلية بناء الوطن الحقيقية وهنا تكمن المشكلة عند كل من خرج مطالبًا بعددٍ من المطالب التي من المؤكد أنها محقة بالمضمون وتختلف الشكل إختلافًا نوعيًا قد يؤثر سلبًا على المضمون الذي يُعتبر أهم بكثير من الشكل الخارجي.

في المضمون تُعتبَر كل مشاكل لبنان روتينية ومتدرجة انطلاقًا من أعلى الهرم وحتى مختلف طبقات المجتمع، أما حلولها فهي كذلك بديهية ولبنانية بامتياز.

الكرسي الرئاسي مُخَوَّل للمرة الأولى بأن يكون خيارا وطنيا منذ ما يناهز أكثر من ربع قرن من التحكم الخارجي المباشر، وبناءً عليه لا تحتاج القضية أكثر من إجتماع وطني للمجلس النيابي لكي يقوم بواجبه.

النفايات

الأزمات الإجتماعية وبالأخص المعيشية والإنمائية والتي تضرب المواطن في صميم حياته، حلولها مرتبطة بفك الإرتباط بين السياسة من جهة ولقمة عيش المواطن من جهةٍ أُخرى. وإذا أخذنا مثال الكهرباء لوجدنا بأنَّ إستخدام الطاقة البديلة قد يجعل من لبنان بلدًا مُصَدِّرًا للطاقة وليس بلدًا يعيش في العتمه!

صحيًا، تتنصل الدولة المتخبطة من مسؤوليتها بإطلاق البطاقة الصحية لجميع المواطنين والتي بدورها يمكن ان تكون الحل الأنسب لإنقاذ المواطن من ذُلِّ السياسيين وكذبهم وإستعبادهم للناس. هنا لا يمكننا الا ان نربط هذا العبء الكبير على الدولة بإقرار قانون تلزيم النفط وبدء العمل به، لكي تستطيع خلق تقديمات للمواطنين ورفع مستوى الخدمات المرفقية والصحية والتربوية وغيرها…

لا تخرج السياسة عن محور حديثنا الذي لا ينتهي، فتطوير الديمقراطية هو واجب حقيقي يهدف بدوره إلى قلب الموازين وإلى خلق رؤية وطنية تُهَيئ لمستقبل واعد ولغدٍ أفضل.

إقرأ أيضاً: بين وحدتنا وتوحدنا.. أين لبنان؟

 

هذا الجزء نقطة بسيط جدًا من النقاط التي لا بُدَّ من تداولها هذه الايام، والتي تشكل جزءاً من ما قد نحتاجه لبناء ما نحلم به كل يوم وهو “الوطن”.

السابق
ريفي: دولة بلا رأس دولة ضعيفة لا أمل فيها
التالي
عون: هناك من يريد تطيير الحوار ولسنا جماعات تسويات