خارج المساومة الاسد

بشار الأسد

الحضور العسكري القوي لروسيا في سوريا تقابله مرونة غربية حيال مصير الرئيس السوري بشار #الاسدخلال الفترة الانتقالية التي سينص عليها أي حل سياسي. هذه المرونة وظيفتها استيعاب الاندفاعة الروسية اكثر مما تعني تغيرا جوهريا في الموقف الغربي حيال سوريا وأزمتها. ذلك الموقف الذي يساوي بين الاسد و”داعش” ويحاذر اتخاذ موقف يشتم منه اضعافا للتنظيم المتطرف وتقوية الاسد على عكس الموقف الروسي المعلن والمؤكد بأن ضرب “داعش” يمر عبر تعزيز قدرات النظام #السوري من دون الاخذ في الاعتبار ذلك التفريق الغربي الوهمي بين النظام والاسد.

وعندما رأى الغرب انه لن يستطيع تغيير الموقف #الروسي من الاسد سواء بالضغوط او بالاغراءات، يسعى منذ بدء موسكو ارسال تعزيزات عسكرية، الى محاولة فهم الى أي مدى يمكن ان يذهب الرئيس فلاديمير بوتين في خطواته الداعمة للنظام من دون اخفاء الخوف والامتعاض من ان يترتب على التحرك الروسي تعويما لدور الاسد ، من خلال اضعاف “#داعش ” او ” جبهة_النصرة ” الى الحد الذي يتيح للنظام السوري بالتقاط الانفاس واستعادة زمام المبادرة.
وقبل القرار الروسي بتغيير قواعد اللعبة في سوريا ، كان المسار الاميركي والاوروبي والخليجي يتجه نحو البحث عن عناصر “معتدلة” في “جبهة النصرة” كي يشركها في القتال ضد ” داعش” وضد النظام، لا سيما بعدما تبين لتركيا ودول الخليج العربية ان تجربة “جيش الفتح” في ادلب قد حققت نجاحا في دحر النظام من كامل المحافظة وان المعركة باتت على ابواب اللاذقية. وليس بخاف ان “النصرة” تتصدر الفصائل المنضوية تحت لواء “جيش الفتح” وان العامل الرئيسي الذي اتاح لهذه الفصائل التغلب على الجيش السوري في الشمال السوري كان حصول مقاتليها على صواريخ “تاو” الاميركية المضادة للدروع من مخازن دول الخليج العربية.
وتأسيسا على نتائج معارك ادلب كانت تركيا على وشك اقناع الولايات المتحدة بان الوقت قد حان لاقامة منطقة عازلة داخل الاراضي السورية لاستيعاب اللاجئين و”تحييد” سلاح الجو السوري، مما كان سيترتب عليه واقعا ميدانيا جديدا يتيح للفصائل الاسلامية بينها “جبهة النصرة” ان تكون رأس حربة ضد النظام وضد “داعش” في آن واحد، على رغم ان “النصرة” موضوعة على اللائحة الاميركية للارهاب باعتبارها فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا.
هنا جاء الدور الروسي ليحدث ارتباكا في الولايات المتحدة واوروبا وتركيا ودول الخليج العربية، التي تخشى ان لا يقتصر التوجه الروسي على استهداف ” داعش” فقط وانما ان يشمل ايضا ضرب “النصرة” وتنظيمات اسلامية جهادية اخرى ترعاها دول اقليمية معروفة وتغض اميركا النظر عنها باعتبارها عاملا مساعدا نحو تحقيق الهدف الاساسي للغرب في سوريا ألا وهو اسقاط الاسد ، حتى ولو تحول هذا البلد الى ليبيا اخرى او يمن آخر او افغانستان على البحر المتوسط.
لذلك اتى الرد الروسي من خارج التوقعات الاميركية والاوروبية والتركية والخليجية. فروسيا بامكانها اليوم فرض وقائع في سوريا تخلط الاوراق وتفرض مسارا جديدا في الميدان وفي السياسة.

وعندما تقول اميركا ان دعم روسيا للاسد سيزيد من قوة “داعش”، فالاحرى بها ان تجري تقويما لسياستها التي اعتمدتها هي في مواجهة التنظيم المتطرف ليتبين فداحة الفشل الاميركي في احتواء “داعش” او حتى التأثير على تمدده. لكن المثير في الريبة ان واشنطن لا تريد من روسيا ان تتصدى للتنظيم الا في اطار الحدود التي ترسمها هي، وليس في الاطار الذي يمكن ان يؤثر على “داعش” قبل الانتهاء من دوره الوظيفي في احداث التغيير الجيوسياسي في سوريا.
لعل هذه النقطة بالذات هي الحافز الاكبر لروسيا للقدوم الى سوريا من دون الدخول في مساومة على الاسد .

(النهار)

السابق
الحريري أبرق للعاهل السعودي معزياً بضحايا منى: كلنا ثقة بحكمته على جلاء مسببات هذا الحادث
التالي
ما هي أسباب التغيير المفاجئ لموقف أردوغان من الاسد؟