حقوق المرأة اللاجئة من فلسطين وسوريا حوارات وتوصيات وشهادات

برزت معاناة المرأة اللاجئة من فلسطين، ثم من سوريا بقوة، في ورشة العمل الأولى حول حقوقها وذلك في وادي الزينة في 24/7/2015. فأدارت الندوة وحاضرت فيها مسؤولة فرع تجمع النساء الديموقراطي اللبناني في الجنوب بانا السمرة. وساد جو من التفاعل في طرح حقوق المرأة وطرح النسوة صوتهن على أمل وصوله.

في بداية الورشة رحّبت الناشطة الاجتماعية هيفاء الأطرش بالحضور. وركّزت بانا السمرة على أن معاناة المرأة الفلسطينية اللاجئة ارتباطت بظروف اقتلاعها وتشريدها من أرضها. ورأت هذه المعاناة لم تخف وطأتها بعد ثمانية وستين عاماً على كارثة اللجوء؛ حتى وإن كانت الأرض التي احتضنتها جزءاً لا يتجزأ من أرض فلسطين، وجزءاً من هويتها الوطنية والسياسية والثقافية، فالمكان الأصلي بالنسبة للمرأة على وجه الخصوص مرتبط بتحقيق الاستقرار المادي والمعنوي والأمني.

اقرأ أيضاً: من هي المرأة التي يجمع عليها الرجال؟

المعاناة الإنسانية والمعيشية هي القاسم المشترك للمرأة اللاجئة في جميع أماكن تواجدها وتحديداًفي داخل المخيمات. وتتشابه معاناة المرأة اللاجئة مع بعضها في العديد من القضايا والعناوين وبالتالي تتوحَّد برامجها، وتختلف مع بعضها وفق سياسة البلد المضيف وقوانينه التي يمنحها أو يوفرها لهذا القطاع الواسع من اللاجئات الفلسطينيات.

حق العمل والتملّك

على سبيل المثال فإن المعاملة التمييزية التي تخضع لها المرأة الفلسطينية في لبنان؛ الناجمة عن وجود قوانين تحرم العاملات من حق العمل في عدد كبير من المهن كالطب والمحاماة والهندسة والصيدلة على الرغم من المؤهلات المتقدمة التي تمتلكنها؛ إلى جانب حرمانهن من حق امتلاك العقارات، لا شك في أن هذه المعاملة التي تبررها الدولة اللبنانية برفض التوطين؛ تضيق سبل العيش أمام المرأة وتحد من إمكانيات تطورها وتقدمها الحضاري الإنساني؛ وتفاقم من معاناتها الناجمة أصلاً عن التهجير، مما يجعلها تعيش في مجتمع يشعرها بالممارسة بأنها منفصلة وغريبة عنه عملياً، مما يدفعها إلى التقوقع والانزواء بمشاعر مريرة من الاغتراب والتّوحُّد، ويجعلها غير قادرة على تطوير ذاتها؛ أو الانخراط في أعمال اجتماعية او سياسية منظمة.

حق العمل والتملّك وعدم التمييز لا تعني “التوطين”

جميع المؤشرات تقود إلى حقيقة أن حياة الفلسطينيات في المخيمات صعبة؛ وتفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحياة في أماكن لا تصلح أحياناً للسكن؛ في بيئة تفتقر إلى الشروط الصحية وإلى الخدمات الضرورية التي تعتبر شرطاً ضرورياً للحياة الإنسانية، وهذه المشكلات هي أحد سمات مخيمات لبنان.

ومن الناحية الاقتصادية في لبنان تتأثر المرأة الفلسطينية بالظروف الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون، حيث يبلغ متوسط دخل الأسرة السنوي 3500 دولار، الأمر الذي يدفع المرأة إلى الانخراط في سوق العمل ضمن محددات القانون الذي يحظر على الفلسطينيين العمل في مهن عديدة، وتكون الحلول العملية أمامها ضيقة؛ لذلك فإننا نجد أن عمل اللاجئات في لبنان يتركز على الخدمة المنزلية؛ حيث يعمل 28% من النساء في هذا المجال، وتتوزع باقي العاملات على مجالات الزراعة والصناعة الحرفية والتجارة والتعليم.

وتعاني المرأة الفلسطينية اللاجئة أيضاً من صعوبات كبيرة في مجال التنقل والسفر.

وتعاني المرأة الفلسطينية اللاجئة من إمكانيات اللجوء المتعدد، بسبب الحروب والصراعات، سواء كانت تلك الحروب بسبب العدوان الإسرائيلي المتكرر، أو بسبب الصراعات الأهلية، التي أدّت إلى نزوح ولجوء جديد من مخيم إلى مخيم آخر أكثر أماناً، فنشأت مأساة متكررة من اللجوء المستمر، بالإضافة إلى خطر تهديدهن بالإخلاء من جديد.

إن تجذير المساواة بين المواطنين هو مطلب أساسي ومقدمة لبناء دولة القانون والمؤسسات، وقد برزت حقوق النساء كتحدٍ في مسيرة الاتفاقيات والنصوص الناظمة لحقوق الإنسان، التي أكدت على عالمية وشمولية وعدم تجزأة حقوق الإنسان وضرورة تمتع جميع البشر دون تمييز بالحقوق والحريات العامة بشكل يضمن الكرامة الإنسانية للجميع ويحرر البشر من الخوف والفاقة.

التّمييز ضد النساء

برغم كل الاتفاقيات والإعلانات والمؤتمرات، فلا نزال نعيش في عالم يعاني من تحديات تطال الكرامة الإنسانية هذه التي يحرم منها المهمشون كالأطفال والمعوقين واللاجئين والنساء ولا نزال نشهد لتحديات خطيرة كالفقر والأمية والبطالة والأمراض.

على صعيد النساء، ثمة الكثير من الإخفاقات التي تعاني منها النساء في العالم، لذا كان على النساء وعلى الحركة النسوية النضال لوقت طويل من أجل الاعتراف بالمرأة كإنسانة كاملة وبحقوقها الإنسانية الأساسية وكمواطنة كاملة الأهلية في ظل البنى المجتمعية والثقافية والقانونية السائدة والأحكام المسبقة.

حياتنا في المخيمات تفتقر إلى أقل شروط الصحة والخدمات العامة

اتخذ هذا النضال منطلقاً له مبدأ المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء وهو مبدأ أساسي لحقوق الإنسان، وقد شكل التمييز ضد النساء العائق الأساسي لتحقيق المساواة بين الجنسين.

حوارات وتعقيبات

وفي ختام المحاضرة المفتوحة على حوارات وتعقيبات أضفت نوعاً من التفاعل بين المحاضِرة بانا السمرة والنسوة المشاركات، كانت ردود ومشاركات مفيدة نقتطف أبرزها للأهميّة:

· ما هي أبرز الصعوبات التي، تواجه النساء الفلسطينيات اللاجئات في لبنان، سواء أكنّ مقيمات في المخيمات أم خارج المخيمات؟

· فاطمة: الصعوبة الأساسية، التي نواجهها، هي عدم حصولنا على إقامات، أو تصاريح بالإقامة، داخل المخيمات، وخاصة للاجئين واللاجئات الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان.

· فاطمة عبد العال (حقوقية، وعضو لجنة المهجَّرين من سوريا إلى لبنان): معاناة اللاجئات الفلسطينيات من سوريا إلى لبنان، هي كبيرة جدّاً، وأوّلها المعاناة، التي تواجهها خصوصاً، المرأة العاملة، التي لا يضمن لها قانون العمل اللبناني، حتى ولا واحد بالمئة، من حقوقها، في مجال العمل. هذا إلى شعورنا كلاجئين بإحباط عام، أساساً، بسبب ما نواجهه من صعوبات حياتية كثيرة، تؤدّي إلى عدم الاستقرار، والتشتّت في كل مناحي الحياة، وعلى الوجه الأخص التّشتّت الأسري، على صعيد الأسرة الواحدة.

اقرأ أيضاً: لماذا تعيش المرأة أكثر من الرجل؟ سؤال حيّر العالم

· هيفاء الأطرش (كاتبة في مجال اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، وعضو لجنة متابعة المهجَّرين الفلسطينيين): المرأة الفلسطينية اللاجئة، من سورية إلى لبنان، بدأت معاناتها، بدءاً من الحدود اللبنانية، فعوملت كسائحة، وليس كلاجئة، قادمة من مناطق حرب، فتمّ التمييز، بين اللاجئة الفلسطينية، واللاجئة السورية، ما سبّب مشكلة كبيرة جداً، إلى جانب مشكلة حرماننا كنساء لاجئات من تجديد الإقامات، ففي البداية أُعطينا إقامة لمدة ثلاثة أشهر فقط، وفيما بعد، مُنعنا من تجديدها، هذا مع تقييد تحركات زوج المرأة اللاجئة وأولادها، داخل لبنان، فالدّولة اللبنانية عزت السّبب إلى دواع أمنيّة، ومع أننا قد دخلنا في السّنة الرابعة، كلاجئات ولاجئين في لبنان، ولم تُسَجَّل أيّ مشكلة أمنيّة متعلّقة باللاجئين إلى لبنان، يجب أن يكون ذلك دافعاً للدولة اللبنانية لأن تمنحنا إقامات.

وكذلك فإن كثيراً من النساء اللاجئات من سوريا إلى لبنان، يعاني من أمراضٍ مزمنة، أو مستعصية، مثل “السرطان” و”التصلّب اللّويحي”، ولقد زادت معاناتهن، فافتقدن المعاملة الصحية التي كنّ يجدنها في سوريا مجاناً. بعض الجمعيات اللبنانية المختصة، قدمت لنا مساعدات في هذا الخصوص، لكنها كانت مساعدات محدودة جداً. والمرأة اللاجئة، عانت أيضاً من التمييز وللأسف كما أسلفت الأخوات.

بالنسبة لحرمان أطفالها من التّعليم في البداية، فالأنروا مثلاً، كمنظمة مسؤولة عن اللاجئين، تخلّت عن دفع مصاريف المواصلات المدرسية، فكان أننا، وفي السنتين الأوليين من تهجيرنا (من سوريا إلى لبنان) شهدنا ما نسبته خمسين بالمئة من التسرّب المدرسي لأطفالنا.

حقوق المرأة

· مريم الخطيب (ومسؤولة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في إقليم الخرّوب): نحن كلاجئات فلسطينيات سكان لبنان، نعاني أكثر من اللاجئات الفلسطينيات، من سورية إلى لبنان، فمعاناتنا في لبنان، نواجهها منذ العام 1948 في المجالات الحياتيّة المختلفة، المرأة الفلسطينية في لبنان، ممنوع عليها التوظيف في الدولة اللبنانية، بينما المرأة الفلسطينية التي كانت تعيش في سورية، كان وضعها أفضل على هذا الصعيد، فالمرأة، داخل المخيّمات، تجد أحياناً – مؤسسات تعمل فيها، لكن المرأة خارج المخيّمات ممنوع أن تزاول أيّة مهنة من دون إجازة عمل.

· نبيلة حسن: المشكلة الأساسية، هي في معاملتنا كسائحات بدل أن نُعامَل كلاجئات.

اقتراحات المشارِكات

– بالمعنى القانونيّ، نريد تشريع وجودنا – المؤقت طبعاً – على الأراضي اللبنانية.

– اللاّجئات الفلسطينيات يطالبن بالعيش بكرامة إنسانيّة.

– إلغاء التّعامُل المُسيء التمييزي (في الكلام وفي التّصرّف معاً) مع اللاجئين واللاجئات، هذا التّعامل يؤدّي إلى الضغوط التي تعرّضنا لمزيد منها إلى اليوم.

– تعزيز المساعدات الصّحيّة، وخصوصاً بالنّسبة للأمراض التي تتطلّب علاجاً دائماً، وذات تكاليف عالية جدّاً، ولا تحتمل التّهاون التأجيل.

– تأمين السّكن اللاّئق والملائم للنّازحين والنّازحات.

– تأمين فُرص عمل. والاهتمام بالجوانب التربوية والتعليميّة لشبابنا وشابّاتنا وأطفالنا.
شهادات في ندوة حق المرأة اللاجئة

بعد انتهاء الندوة كان لشؤون جنوبية لقاءات مع عدد من المشاركات للتعليق على مضمونها وإبداء وملاحظاتهن وقد جاءت الآراء كالآتي:

· فاطمة: لقد سلطت هذه الندوة الضوء على تأثير كارثة اللجوء بما يخص المرأة وخصوصاً على المستوى النفسي والاجتماعي، وكانت مناسبة لتأكيد المساواة بين الرجل والمرأة بالحقوق والواجبات.

· فاديا: من خلال هذه الندوة ونشرها في مجلتكم يمكن أن يصل صوتنا، إذا كان هناك من يريد أن يسمع ويحس بنا ويسعى لمنع معاناتنا الصحية والنفسية.

· جنان: مضمون الندوة يعبّر عن المشاكل التي أواجهها في حياتي اليومية، وأرجو أن تنجحوا في نقل صوتنا ونقل وجهة نظرنا تجاه المشاكل التي نواجهها وتجاه الآخرين.

· غادة: أكثر ما أثر بي في الندوة أنها كانت مساحة للتعبير عن مشاكلنا كلاجئات، وكنساء، وشعرت أن هناك من يستمع لنا ونحن نعاني من ظلم المجتمع والرجل بالإضافة إلى مشكلاتنا الصحية.

· أمال: كانت فرصة للتعبير عن معاناتي التي لا يرغب أحد بالاستماع إليها خصوصاً وأنني أعيش وشقيقي، ولا معيل لنا. فشقيقي مريض بالتلاسيميا وأبي لا يستطيع العمل، وأنا لا أحد “يشغّلني” لأني فلسطينية نازحة من سورية.

السابق
أهم فضائح المشاهير التي شهدها عام 2015 حتى الآن
التالي
عكاظ: جسر جوي فوق بغداد لنقل اسلحة روسية الى سوريا