السيناريو الكامل لطاولة الحوار الأولى

يوم ماراتوني حاشد عاشه اللبنانيون أمس، تسابقت فيه الأحداث سياسياً وميدانياً وحكومياً بين ساحتي النجمة ورياض الصلح. فمن مجلس النواب كانت إشارة الانطلاق، حيث انعقد حوار الأربعاء النيابي تحت ضغط الشارع المطلبي الذي كمن لسيارات المسؤولين عند مداخل ومخارج الساحة، وتحت وطأة أولوية رئاسة الجمهورية التي استحوذت على معظم الجلسة وأربكت معطلي الانتخاب.

يمكن القول إن الجلسة الاولى من الجولة الحوارية الثالثة منذ عام 2006 لم تخرج عن كونها جلسة “اعلان نيات” أولية للمتحاورين حيال البنود المطروحة ولا سيما منها بند الأزمة الأم المتمثلة بالفراغ الرئاسي. ولو لم تشتعل فيها مواجهة كلامية حادة بين رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون ووزير الاتصالات بطرس حرب لكانت مرت برتابة.

بري: لا لحوار الطرشان

وكان بري افتتح انطلاق أعمال الطاولة المستديرة بالتأكيد على أهمية انعقادها بعد أن “كادت السلبية المتأتية عن السياسات الخاصة والمصلحية الحزبية والشخصية أن تهدد وجود لبنان، مطالباً بعدم تحويله إلى “حوار طرشان”.

وقد شدّد بري في استهلاليته لدى افتتاح الجلسة على كون أولوية رئاسة الجمهورية فرضت تقديمها بنداً أولاً على جدول أعمال الحوار. بالقول: “إذا لم نتفق هنا سيأخذوننا إلى عاصمة أخرى لنتفق”. عندها علّق رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط ممازحاً: “لم يعد هناك “دوحة” تستقبلنا بل سيأخذوننا هذه المرة إلى جزيرة نائية في المحيط الهندي”.

عون يتوتر

وأربكت  أولوية رئاسة الجمهورية  معطلي الانتخاب بشكل انعكس توتراً ملحوظاً على أداء رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون. وتحدث عون في مداخلته عن الدستور والقانون والميثاق متهماً عدداً من الأطراف بأنها “خرقت الدستور بالتمديد لمجلس النواب ولموظفين في الدولة من دون وجه حق (في إشارة إلى التمديد لقائد الجيش)، بينما خرقت الميثاق من خلال عدم قبولها بانتخاب من يمثل أكثرية المسيحيين (في إشارة إلى شخصه)، ولذلك، تابع عون، إما ننتخب رئيساً يمثل الأكثرية المسيحية أو نقر قانون انتخاب جديداً ونعدل المادة 49 من الدستور لانتخاب رئيس من الشعب”. عندها سأله بري: “بواسطة شو؟”، أجاب عون: “بواسطة المجلس النيابي”، فأردف بري مستغرباً: “لكنك تعتبره غير شرعي”، وهو ما ردّ عليه عون بالقول: “نعتبره حينها مجلساً تأسيسياً”.

“حزب الله” عن عون: “ما بيتخلى عنو”

وتولّى رئيس كتلة “حزب الله” النائب محمد رعد إعادة تصويب الدفة التعطيلية للاستحقاق بالتشديد أمام المتحاورين على كون الحزب يتمسّك بترشيح عون “وما بيتخلى عنو”. متوجهاً إلى المتحاورين بالقول: نحن في “حزب الله” مرشحنا واضح (ميشال عون).

“8 آذار غير مرصوص الصفوف

كما بدا في مداخلات المتحاورين أنّ فريق “8 آذار” ، غير مرصوص الصفوف والطروحات خلال الجلسة، بوجود “تمايز واضح” بين مقاربة رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية وبين أداء عون، اذ كانت مداخلة فرنجية وإن أتت “تحت السقف العوني” إلا أنها تميّزت عنه “بهامش أكثر هدوءاً وموضوعية “.

مداخلة حرب تستفز عون

أما الوزير بطرس حرب الذي أدلى بمداخلة أثارت حفيظة عون وأخرجته عن طوره، فقد استغرب بحسب كيف يرفض من يطالب بتعديل الدستور من خلال مجلس يعتبره غير شرعي أن يقوم هذا المجلس بانتخاب رئيس للجمهورية:

عندئذٍ رد عون بانفعال شديد وبنبرة عالية على حرب قائلاً: “أنا مش مرشح وما بسمحلك تحكيني بالشخصي”، فأجابه حرب بأنه يخاطب طاولة الحوار ولا يخوض في جدال شخصي معه.فأجابه عون وفق معلومات “النهار”: “عم تحكي عني وأنا هون”. وتصاعدت الردود بين الرجلين مما اضطر الرئيس بري الى التدخل لتهدئة الموقف. ووصفت المصادر هذا الجدل بأنه كان عابراً.

مشادة بين السنيورة وعون

وعلى الرغم من نفي مكتب الرئيس السنيورة لاحقاً حصول مشادة بينه وبين العماد عون، الا أن معلومات اشارت إلى ان الخلاف بدأ حينما قال الرئيس السنيورة انه ليس من الضروري ان يكون الرئيس العتيد قوياً، بل يكفي أن يكون يمثل وحدة اللبنانيين.. هنا علق عون قائلاً: هذا الكلام كان قائماً قبل الطائف أما اليوم فلا يجوز، فالبلدان التي فيها مجلس نواب شرعي تعود إلى النّاس، فكيف الحال في لبنان، حيث مجلس النواب الممدّد له؟

وهنا أيضاً تدخل الرئيس برّي والوزير بطرس حرب وقال بري: إذا لم يكن المجلس النيابي الحالي غير شرعي فكيف تريده أن يعدّل القانون؟ فرد عون: اعتبروه مجلساً تأسيسياً. أضاف: كيف تريدون أن يكون الرئيس المسيحي غير مقبول بأن يمثّل طائفته بينما الرئيس المسلم يمثّل هو طائفته؟ وردّ الرئيس السنيورة: منصب رئيس الجمهورية غير منصب بقية الطوائف والمناصب، عندما سقطت حكومة الرئيس سعد الحريري، سقطت لسبب دستوري ، بينما رئيس الجمهورية لا أحد يستطيع أن يحركه من منصبه، وعندما حاولنا أن نعيد تسمية الرئيس الحريري لم نستطع، فجيء بالرئيس نجيب ميقاتي، وهذه هي اللعبة السياسية البرلمانية، ناس تغلب ناس.

السابق
الشيوخ والشباب والحِراك
التالي
هذه مخاطر تساقط الأمطار بعض العاصفة الرملية