التغيير قد بدأ

بعيدا عن كل الصخب الدائر حول الحراك المدني والحملات التي تعددت أسماؤها إلاّ أنّها تجتمع على مطالب حياتية تمسّ مصالح الناس في يومياتهم، سلامه الغذاء، الصحة، النفايات، الكهرباء، المياه وغيرها من العناوين التي تطال كل مواطن دون استثناء.

ليست الطائفه ولا الحزب ولا المنطقة ولا العائلة حاجز أمام تسلل الخطاب المطلبي الى أذهان المواطنين وخاصة الشباب منهم. هذا الكسر والعبور لكل الحواجز التي لطالما استعمرت العقول وكانت الموجه والمؤثر الاساسي في تحديد خيارات الناس هي عاجزة اليوم أمام كل المطالب.

الصورة الإيجابيه لما يحدث في الساحة اللبنانية هذه الايام يعكره العديد من المحاولات للتشويه والسيطرة والاحتواء لصالح كل المتضررين من الاعتراض. إنّها مرحلة جديدة عنوانها “مصالح الناس” ستغير في الكثير من جوانب الحياة السياسية أو الإجتماعية والإقتصادية.

إن التغيير الحقيقي هو في دخول مصطلح “مصالح الناس” إلى أجندات الأحزاب التي تقرأ الواقع بعيون بصيرة، وتحجز لنفسها حيزًا في المجتمع السياسي اللبناني في مستقبل الأيام.

هذا التحرّك الشعبي لن يشكّل تهديدا إلا لمن يعطل البلاد والمؤسسات ويدخل البلد في مغامراته وليس آخرها التدخّل في سوريا

إن استمرار هذا الحراك وبغض النظر عن انجازه لمطلبه اليوم أو غدًا، بالرغم من أنّ الإنجاز سيساعد أكثر. إلاّ أنّ المسار قد بدأ ولن ينتهي عند حدود حملة بعنوان محدد وتاريخ محدد، إنّه المسار الجديد الذي سيشكل تهديدا لكل القوى المستفيدة من خطاب كمّ الأفواه لصالح القضايا التي تلبسها هذه القوى لبس القداسة والايديولوجيا الدينيه والسياسية.

ليس من مستفيد من هذا التغيير أكثر من القوى السياسية البعيدة عن العقائد والقوميات والمذهبية، فلو دققنا بالمشاركين في الحراك المدني لوجدنا بينها شخصيات معروفة بانتمائها لقوى 14 آذار بتعدد أحزابها. ومن لم يشارك منهم كان مؤيدًا ضمناً، وتسجيل الفيديو الداعم للتحرّك للنائب سامي جميّل مثال على ذلك، حيث أيّد هذا الحراك وذهب الى صلب الموضوع. وكذلك فعل تيار المستقبل الذي أعلن في بياناته وتصريحاته عن ضرورة الاصغاء جيدًا لأصوات الشباب والشابات وتأكيده على أنّ قيام الدولة المدنية الحديثة في لبنان هو أبسط حقوق الشباب وإنّ العيش الواحد والحر والكريم هو جوهر الهوية الوطنية.

فلو دققنا بالمشاركين في الحراك المدني لوجدنا بينها شخصيات معروفة بانتمائها لقوى 14 آذار بتعدد أحزابها

في المقابل لم يسجل مشاركة لقوى 8 آذار في هذا الحراك واقتصر على “ارباك” في التصريحات، وما حصل مع التيار العوني دليل صارخ انتهى به الجنرال البرتقالي إلى اتهام المتظاهرين بسرقه شعاراته التي بقيت شعارات. أمّا حزب الله و حركه أمل، فأنصارهما اتهموا بالمشاغبة على الأرض لمحاولة افشال التحرّك من خلال وسائل الاعلام التي تحدثت مطولا عن شواهد واسماء ومقابلات وذلك لأخذه الى التصادم مع القوى الأمنيه، مرة بحجة قداسة صورة الامين العام لحزب الله، وتارة بسبب تقدّم المتظاهرين الى مجلس النواب الذين ووجهوا بالرصاص الحي من قبل الأجهزه الأمنيه المولجة حماية أمن مبنى المجلس.

تظاهرة رياض الصلح

إن التغيير بدأ، وعلى القوى السيادية والمنادية بالدولة المدنية أن تعيد قراءة المشهد، ومعلوماتنا انها قد بدأت فعلا، ونحن نرى ان تلك القوى أمام التحدّي الحقيقي اقتناص الفرصة كي تساهم في رعاية هذا التغيير وتزخيمه وتحفيزه، لأنّ هذا التحرّك الشعبي لن يشكّل تهديدا إلا لمن يعطل البلاد والمؤسسات ويدخل البلد في مغامراته وليس آخرها التدخّل في سوريا.

السابق
أغنية غريبة تمجّد جبران باسيل.. واللبنانيون يسخرون
التالي
هل يصبح يوسف الخال رئيساً للجمهورية