تظاهرة 29 آب…حضور حاشد غاب عنه الفقراء

قدّر محايدون عدد الذين تظاهروا أمس في ساحة الشهداء وسط بيروت بدعوة من هيئات المجتمع المدني ضدّ النظام وفساده، بـ 25 ألف شخص. ولكن هل هذا هو العدد الفعلي حقا؟

قالت وكالات الانباء أمس أن عدد المحتجين من المواطنين اللبنانيين الذين تظاهروا ضد الحكومة وفسادها وفشلها في تأمين الحقوق الاساسية للمواطن من ماء وكهرباء اضافة الى تفاقم ازمة النفايات، هذا العدد بلغ 25 ألف مواطن.

لم يستطع الفقراء الذين كان من الممكن أن يحضروا من مسافات بعيدة عن بيروت على تحمّل تكاليف هذا الحضور الباهظ الثمن الى قلب العاصمة السياحي، فلم يقدّم لهم أحد “نقليات مؤمنة” ولا “بونات بانزين” للسيارات ولا “سندويشات” ومشروبات وعصائر كما يفعل منظمو حملات الاحزاب اللبنانية عادة عند حشد الأنصار لتأمين نجاح مهرجاناتهم الحزبية والانتخابية المشدودة بالعصب الطائفي والتعبئة المذهبيّة.

اليوم يحتفل لبنان بمناسبة وطنية كبيرة وهي ذكرى غياب الامام موسى الصدر، غير أن حركة أمل لا تترك جمهورها ومناصريها يأتون وحدهم الى مكان الاحتفال مدينة النبطية في جنوب لبنان من القرى النائية أو من العاصمة والأطراف، ولقد شاهد الجميع اليوم من على شاشات التلفزة عشرات الباصات ومئات الفانات المؤجّرة لحساب هذا الجمهور تدخل الى مدينة النبطيّة من مداخلها المحروسة جيّدا والتي ينظم دخولها وركونها عناصر من حركة امل وحزب الله.

من المؤكّد انه لن يصل عدد من تظاهروا أمس في ساحة الشهداء الى عدد من سوف تحشدهم حركة أمل اليوم في مهرجان الامام الصدر، وهو لن يتساوى أيضا مع عدد أي احتفال يقيمه حزب الله في المستقبل، وقد يتفوّق على عدد حضور مظاهرة الـ25 ألف من المواطنين الغير معبئين طائفيا وعقائديا ويفوقونهم عددا “العونيون” بثيابهم البرتقالية يوما ما، غير أن تلك المظاهرة التي حرم الفقراء من حضورها لأن مبلغ الـ10 الاف أو 20 ألف ليرة لبنانية حسب بعد المسافة، تكفي عائلة فقيرة مدة يوم أو يومين، لا يستطيع حتما، رب أسرة مستورة أن يدفعها كلفة انتقاله الى وسط بيروت للتظاهر ضد الفساد.

العدد الحقيقي لتظاهرة المجتمع المدني أمس التي دعت اليها هيئات “طلعت ريحتكم” و”بدنا رياحتكم” و”بدنا نحاسب” و”حلوا عنا” وغيرهم ووجّهتها ضد احتكار الزعماء الطائفيين للسلطة وضدّ فسادهم واحتقارهم لحقوق المواطن في لبنان، العدد الحقيقي هو 250 ألف وليس 25 ألف مواطن كما أعلن، وذلك اذا أضفنا لعدد الحضور عشرة أضعاف، وهم الفقراء الذين تسمّروا خلف شاشات التلفزة في بيوتهم يتابعون ويتمنون لو أن المسافة كانت أقرب لينزلوا مع اخوتهم المتظاهرين أو أن في جيوبهم كانت نقود أكثر مما فيها ليدلفوا واهلهم واصدقائهم الى ساحة الحريّة.

 

السابق
لبنانيون يبدعون في التهكم على السياسيين
التالي
مقتل طفل وإصابة طفلة بحادث في مدينة الملاهي بعاليه