من كان منكم بلا خطيئة فليرجم هذا الحراك بحجر

هي مسرحية برع التيار الوطني الحرّ في أدائها، حين ينتقدون حكومة هم جزء منها، ويعلقون عضويتهم في مجلس نيابي هم أساس تعطيله، ويستاؤون من وضع هم أوصلوا البلد إليه. وكل ذلك ليس كما يعلنون بهدف الإصلاح والتغيير لكنّ هدفهم بات واضحًا لدى الجميع..

عن قول الأم لابنها: أنت لست إبني، ومثله لو قالت الإبنة لأمها: أنت لست أمي، فذلك لن يغيّر في الأمر شيئا. إذ أنّ إثبات البنوة أوالأمومة وقع بالنفي. وهذا هو بالتحديد حال وزراء رابطة آل عون وأنسبائهم من النواب حين يتبرأون من حكومة هم بالأصل جزء أساسي منها وبفعل المحاصصة هم يحملون حقائب سيادية فيها.

للسخرية، كم يضحكنا عندما يعلنون تعليق عضويتهم من نيابة مجلس لا يلتئم أصلاً وهم للمفارقة من أكبر الكتل النيابية فيه. لكن في الرابية فقط وحصراً يجتمعون ويكتمل نصابهم. وليس أروع من قول نبي استفتوه في حكم امرأة قالوا فيها إنّها زنت حين ردّهم بالقول :”من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر”.

قد يكون عند هؤلاء الخروج على الإصلاح والتغيير الذي لم يستطيعوا الإلتزام به هو أسلوب من أساليب الإعتذار إليهم. فوريث السياسة العونية معالي وزير الخارجية جبران باسيل يسهل انتقاده من كلامه، وتبرير انسحابه من الحكومة يشكل فصلا من فصول مسرحية يبرع وفريقه في تأدية الدور فيها. ذاك الدور الذي لن يفضي إلا إلى الفوضى التي لن يسلم منها لا هو ولا خصومه، بل وحدهم حلفاؤه من سيفعل، إذ سيجنون ثمرة الشرق الجديد بالقياس إلى ما قد تحققه جمهوريتهم حين تصير جمهورية الولي الفقيه.

وزير الإستعراض و العرض المتواصل يستعيب زج إسمه بمناقصة النفايات مباشرة ولا يستعيب إستغباء الناس مواربة أو الإستخفاف بعقولهم، لكونه وببساطة ملياردير حديث النعمة ومصنف على أنه أحد أسرع السياسيين تحقيقاً للثروة وبزمن قياسي. وريث الغضب الصوتي يعطل عمل الحكومة بحجة أنه لا يجوز أن تعمل السلطة التنفيذية بشكل طبيعي ما دام رئيس الجمهورية غائب، في حين أن نواب تياره لا ينزلون إلى جلسة إنتخاب الرئيس في المجلس النيابي ولأكثر من جلسة ولم يكترثوا لكل دعوات رئيسه.

جنرال الرابية إختار أن يطل على الناس بعد جلسة مجلس الوزراء المقررة نهار الخميس، وهي أول إطلالة متلفزة له بعد مراسم التوريث. وعلى ما يبدو هو أخفق مرة أخرى في اختيار التوقيت إذ كان من الحكمة والحنكة لو أنّه تمهل بإنتظار أن يطل دولة الرئيس بري غداً نظراً لما من المتوقع أن تحمله كلمته في ذكرى الإمام المغيب من مواقف. لأنّه وكما هو معلن سيطرح خلالها مبادرات. ذلك أنّ مطلب الجنرال بات واضح وليس بحاجة لهذا الكم من التكرار، وإلا فالإستمرار لا يعني سوى التزامه بالمهمة الموضوعة له.

ميشال عون
أخشى لو نقدت أو لعنت هؤلاء أن تهدي إليهم وساماً وأخاف أنه لو قسوت عليهم كان الوسام المهدى إليهم أعلى. فالطعن في هؤلاء ما زال حتى الساعة فيه نوع من الثناء، وإلى أن يشاء الله سيبقى الأقوياء في هذا البلد هم من يرضون عن أنفسهم والضعفاء هم من يتهمونهم.

وما واجهناه ونواجهه وسنواجهه منهم سيبقى يشكّل مصدرا هائلا من مصادر التحقير لقيم وكرامة الإنسان. وستبقى وسائل الإخضاع المفروضة من الاقوياء على الضعفاء هي أقوى أساليب هذه الإهانات وأعظمها.

السابق
حزب الله يستغلّ الحراك بعد تململ بيئته.. وعون ينتقم من الحريري
التالي
لماذا نضال الاحمدية ستقطع لسان أصالة