حزب الله يستغلّ الحراك بعد تململ بيئته.. وعون ينتقم من الحريري

طلعت ريحتكم
في جميع بلدان العالم المتحضرة وغير المتحضرة يحصل حراك داخل المجتمعات المدنية من أجل مطالب معينة، ويحصل تصادم مع القوى الأمنية، لكن ضمن ضوابط أخلاقية وإنسانية. فلا يخرج عن أطر البرنامج المرسوم له من قبل القيمين عليه، ولا يتسبّب بأعمال تخريبية كتكسير مؤسسات تجارية أو إشعال الحرائق أو حتى تخريب للأملاك العامة... إلا إذا كان هناك أجندات مخفية.

في ظل الفراغ الذي يسيطر على الحياة السياسية لبنان، وفقدان الشرعية الشعبية لمجلس نيابي ممدد لنفسه من دون انتخابات حرة وتوكيل من الشعب اللبناني، وفي عهد حكومة غير منتجة، باستثناء رئيسها المعتدل سياسياً “الآدمي” تمام سلام المشهود له بكفه النظيف، العاجز تمامًا عن اتخاذ أي قرار حكومي أمام تكتل، ووسط شلل مجلس وزراء فاسدين غير كفوئين في مناصبهم ومراكزهم كوزراء، محسوبين على تيارات وأحزاب سياسية عدّة، وبعدما اعتاد الشعب اللبناني على وجودهم في حكومات عدة سابقة… باتت الطبقة السياسية عاجزة تماماً عن حلّ المشاكل البيئية والانمائية وغيرها التي تتعلق بشؤون المواطن، وعلى رأس تلك المشاكل النفايات والكهرباء، باستثناء مصالحهم وصفقاتهم المالية والتجارية. وذلك كلّه على حساب المواطن والوطن.

إثر ذلك خرجت تحركت المجتمعات المدنية اللبنانية من الجنوب في النبطية وصور، ثم في بيروت ومحيطها وجبل لبنان، من أجل حلّ مشكلة النفايات المتكدسة والمتراكمة كالأطلال في المناطق والشوارع والاحياء السكنية بعد انتشار الروائح النتنة. من هذه الروائح ما يسبّب أوبئة خطيرة على صحّة الناس. وكانت بداية الحراك بهاشتاغ #طلعت_ريحتكم.
#طلعت_ريحتكم شعار أطلقه الشعب اللبناني ضمن حراك مدني ضد الطبقة السياسية الفاسدة. أطلقه آلاف عدة من الشعب الفقير اليائس من الوضع المعيشي المزري، المظلوم في دفع الضرائب من دون مقابل. ضرائب تذهب إلى جيوب اللصوص من وزراء ونواب وبعض المنتفعين الكبار في إدارات الدولة الفاسدة. خرج المقهور والمجروح من عدم حل مشكلة النفايات والكهرباء والمياه والطبابة والتعليم.

“حزب الله” الذي استغل هذا الحراك بأن دسّ عناصر مأجورة له، محترفة في إشاعة الفوضى والمشاغبات الأمنية والطائفية

لكنّ هذا الحراك سقط منه سهواً إلى المطالبة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.

شعار #طلعت_ريحتكم انطلق بطريقة غير عفوية من قبل شريحة واسعة من الشعب اللبناني المظلوم ضمن تحرك سلمي بعد التحضير له من قبل جمعيات شبابية مدنية ضد بؤر الفساد في السلطة الحاكمة في الدولة اللبنانية. لكنّه انتشر بين الناس دون الالتفات إلى الظروف السياسية الحساسة التي تمر بها البلاد.

التيار “الوطني الحرّ” الذي كان مناصروه يجاهرون علنا بالرغبة في إسقاط الحكومة وتغيير النظام اللبناني

وهناك خبثاء دسّتهم أحزاب لبنانية معروفة، لها تمثيل وزاري ونيابي، وعلى رأسها “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” وحركة “أمل”. هؤلاء استغلّوا هذا الحراك بأن استعانوا بعناصر حزبية ذات خبرة وأصحاب اختصاص في مجال إشاعة الفوضى والتكسير والسرقة وإحداث بلبلة أمنية ونثر شعارات طائفية. وانطلقت هذه الجحافل من مناطق عدة: أنصار التيار “الوطنجي” الحر جاؤوا من منطقة سن الفيل – الصالومي من أمام مبنى سنتر ميرنا شالوحي، وأنصار الحزب من مناطق خندق الغميق وزقاق البلاط وحي اللجا والبسطة، باتجاه ساحة رياض الصلح، من اجل اقتحام مبنى رئاسة الحكومة.

طبعا ً ليس من أجل مساندة الحراك السلمي المدني والمطالبة بواجبات الدولة اتجاه حقوق الشعب بعد التقصير بحقهم وعلى رأسها حل لمشكلة النفايات وغيرها، بل استغل “التيار الوطني” و”حزب الله” و”أمل” هذا الحراك كمعبر من أجل مصالحهم السياسية الضيقة.
أولا ً: التيار “الوطني الحرّ” الذي كان مناصروه يجاهرون علنا بالرغبة في إسقاط الحكومة وتغيير النظام اللبناني، ليس إلا انتقاما من شخص الرئيس تمام سلام لأسباب تتعلق بالشأن السياسي والعسكري لجهة التعيينات ضمن المراسيم الحكومية، ولرفض أكثرية النواب انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية أو صهره شامل روكز قائداً للجيش.
ثانيا ً: “حزب الله” الذي استغل هذا الحراك بأن دسّ عناصر مأجورة له، محترفة في إشاعة الفوضى والمشاغبات الأمنية والطائفية، ليس من أجل إسقاط الحكومة أو تعاطفا مع تيار الجنرال ميشال عون كما يتصور البعض، بل من اجل لفت أنظار اللبنانيين بشكل عام والطائفة الشيعية بشكل خاص، عن كل ما يجري من إخفاقات وخسائر لـ”حزب الله” بعد انغماسه بالوحل السوري خصوصا بعد ارتفاع أعداد قتلاه في الفترة الأخيرة.

#طلعت_ريحتكم تظاهرة ضد الفساد وسط بيروت

إنّ إسقاط الحكومة في ظلّ هذه الظروف الراهنة الحساسة والصعبة ليس مستحبّاً لأنّه سيدخل البلاد في نفق مظلم ومجهول النتائج، خصوصا بعدما وضع رئيس الحكومة تمام سلام في الجلسة الأخيرة آلية لإدارة الملفات الحياتية الضرورية. لكن تحالف وزراء التيار العوني و”حزب الله” فاجأ رئيس الحكومة بمغادرتهم جلسة الحكومة، ليس إلا من اجل شل الحكومة العبثي تمهيدا لأخذها إلى مكب التعطيل متاجرةً بشعار #طلعت_ريحتكم.

السابق
#ثورة_آب: الفوضى .. الجميلة
التالي
من كان منكم بلا خطيئة فليرجم هذا الحراك بحجر