وأخيرا: السيستاني يواجه الخامنئي.. فهل يلتفت إلى لبنان؟

إننا نطالب الحوزة النجفية وعلى رأسها المرجع السيستاني أن ينظر إلى شيعة لبنان أيضا بعين الرعاية، وبأن تمتد إلينا أيضا يد العون السيستانية للتخلص مما نحن عليه. كما دعم الحراك الشعبي في العراق الذي رفع شعارات "بغداد حرّة حرّة، ايران طلعي برا". فشيعة لبنان كما شيعة العراق يعانون من الهيمنة الإيرانية.

أنفق العراق نحو 40 مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال الأعوام الأخيرة، فيما المحافظات العراقية لا تزال تغرق بالظلام ولا يصل إليها التيار الكهربائي لأكثر من 3 ساعات يوميًا، في بلد تصل فيه الحرارة لحدود الـ 50 درجة مئوية!!

هذه العينة البسيطة تعتبر غيضا من فيض ما يعيشه العراق، وما ابتلي به الشعب العراقي من طبقة سياسية فاسدة لا همّ عندها إلاّ سرقة أموال الدولة وامتصاص ثروات الشعب. وهذه العينة هي عن ملف الكهرباء، يمكن إسقاطها على كامل الخدمات المطلوب تقديمها من السلطة الحاكمة إلى مواطنيها.

ولا بدّ هنا من التذكير بأننا نتحدث عن دولة تمتلك ثاني أو أول احتياط نفطي في العالم، ما يشير بشكل بديهي عن حجم الثروات الهائلة التي يتمتع بها هذا البلد. ويشير أيضا إلى حجم السرقات التي يقوم بها أصحاب القرار في هذا البلد الجريح والخارج حديثا من قبضة الدكتاتورية الصدّامية، حتى صار الانسان العراقي بشكل عام والشيعي بشكل خاص يترحم على زمن البعث.

هذه المقدمة عن حجم الفساد والمفسدين في العراق ليست وحدها التي تذكرنا بشكل ميكانيكي بما نعاني منه نحن في لبنان. فالمشترك الجوهري بيننا هو أنّ لبنان والعراق محكومين بشكل مباشر وحقيقي للوصايا الإيرانية بشقها “الثوري”، الذي يتحمل هو أولاً وأخيرًا سبب ما وصلت إليه الأحوال من تدهور.

فرئيس الحكومة الأسق نور المالكي، الذي يمثل رأس الفساد في العراق، هو أيضا من صناعة الحرس الثوري الايراني. وما فراره الآن إلى إيران مع عائلته بعد رفع الحصانة عنه إلا دليلا ساطعا علة أنّ سلوكه الإجرامي وفساده الذي أنهك الشعب العراقي إنما كان يجري باشراف مباشر من أسياده في البلد المضيف.

وفي هذا السياق يمكن الحديث عما تشهده المحافظات العراقية، إن في ساحة التحرير ببغداد أو في البصرة والنجف وكامل منطقة الجنوب “الشيعية”، على أنّه انتفاضة شعبية ليست… في وجه نوري المالكي وزمرة الفاسدين من حكام العراق، وإنما في حقيقة الأمر فإنّ السيف الذي رفعه الشعب العراقي، وهو لا يجد قوت يومه، رفعه في وجه هيمنة الحرس الثوري وتجربته العراقية الفاسدة المحتضنة منذ أعوام من الولي الفقيه.

ومن هنا تبرز أهمية مواقف مرجعية بحجم السيد السيستاني الداعمة بالمطلق للحراك الشعبي، باعتبارها تمنح الغطاء الشرعي في مقابل غطاء “شرعي” آخر كان يتمتع به حزب الدعوة الحاكم. وتشكل هذه النقطة من أهمية قصوى في الوجدان الشيعي بشكل عام وبالخصوص عند الشيعة العراقيين المنضوين تاريخيا تحت عباءة الحوزة الدينية، من الذين لا يملكون أيّة تجربة جماهيرية خارج غطائها المباشر .

ومن هنا يمكن القول إنّ وقوف السيد السيستاني الى جانب المطالب الشعبية، وإعلانه الصريح دعمه لاصلاحات حيدر العبادي رئيس الوزراء، إنما هو بمثابة الوقوف في وجه الهيمنة الايرانية على العراق. وقوف بدا واضحا من الشعارات المرفوعة من قبل المتظاهرين: “بغداد حرة حرة ،، ايران طلعي برا”.

فإذا كان السيد السيستاني هو زعيم الحوزة في النجف الأشرف، إلا أنّ مقلّديه من الشيعة هم منتشرون على امتداد العالم الاسلامي ومن ضمنه لبنان الذي لا يقل مأساوية وضع الشيعة فيه عن اخوانهم شيعة العراق. وبالتالي فإننا نطالب الحوزة النجفية، وعلى رأسها المرجع السيستاني، أن ينظر إلى شيعة لبنان أيضا بعين الرعاية، وبأن تمتد إلينا أيضا يد العون السيستانية للتخلص مما نحن عليه.

كما يجب تذكير شيعة لبنان أنّ المرجعية العربية في النجف هي أولى بالتبعية والتقليد من أيّة مرجعية أخرى لم تجلب لنا إلاّ ما نحن عليه… فهل من مذكّر؟

السابق
اتجاه لإعادة فتح مطمر الناعمة في خلال 6 أشهر
التالي
القوى الامنية تقوم برش المتظاهرين بالمياه في ساحة رياض الصلح