عون يسقط في امتحان الديموقراطية

لم يكن في حسبان "الجنرال"عون أن يواجه قراره الحاسم بضرورة ترؤّس صهره وزير الخارجية جبران لتياره الحرّ بمعارضة، وأن يولّد أصوات رافضة هدّدت بكسر ارادته، وهو الذي ما تعوّد الّا ان تقابل أوامره بالطاعة العمياء من محازبيه وأنصاره .

انتهت معركة انتخابات التيار الوطني الحرّ قبل أن تبدأ، فسلكَت طريقَ التوافق بعدم تدخّل الجنرال الآمر والناهي بفرض صهره وزيرًا للخارجيّة والمغتربين جبران باسيل رئيساً مستقبَلياً، فتمّ حصر المرشّحين لرئاسة التيار بشخص واحد، الذي ينتظر نهاية مهلة قبول الترشيحات التي بدأت أمس لإعلان فوزه رسميًا بالتزكية. ما استدعَى إنسحاب النائب ألان عون، معلّلاً السبب أنّ استكمال المعركة سيشقّ التيار.

 

 وأتت هذه التسوية، نتيحة للخلافات والإنقسامات داخل التيار بين مؤيّدين للوزير باسيل المدعوم من عمّه الجنرال عون، مقابل مؤيدين لابن شقيقته النائب آلان عون، قبل أن تؤول لما آلت إليه الأمور انتهت بضغط من الحنرال حيث حسم نهائيّا كل اللبس الذي أثير حول خلافته في رئاسة “التيار الوطني”. والذي ترافق مع معركة جديّة داخل التيار، بالإضافة  إلى تدخلات وصفت بـ «الخارجية» لعب خلالها النائب إبراهيم كنعان دورًا أساسيًا أدت إلى انسحاب الان عون.

 

أمّا اللافت، فكان التناقض في مواقف الجنرال عون بشأن الانتخابات، ففي بادئ الامر وعد أنه سيترك اللعبة الديموقراطية تأخذ حقها، وعندما تأكد أنّ كفّةّ الميزان رجحت لصالح ابن اخته مقابل صهره، تدخّل الجنرال عندئذ بقوّة وفرض التسوية عبر ايعازه لنائب كتلته البارع في اللفلفة وتدوير الأمور ابرهيم كنعان من اجل التدخّل والقيام بعملية الاخراج اياها .فكان الاجتماع الموسّع الذي عقده العماد عون لجميع أركان التيار في الرابية الذي أدّى عمليًا الى تكريس رئاسة باسيل للتيار بعد سحب الان عون ترشيحه، ضمن تسوية تتضمن أيضا تعيين العماد عون نائبين للرئيس وتعديل النظام الداخلي وسواها من البنود.  وقد أعلن الجنرال فيها أيضا أنه سيبقى ضمانة الجميع، موصياً صهره وإبن شقيقته وكل الآخرين بأن يكونوا ضمانة لبعضهم بعضا. وهو من أصرّ على إعلان النائب آلان عون انسحابه، معلناً عدم وجود رابح أو خاسر إستباقًا لحملات المقربين من باسيل، التي رأت بانسحاب آلان عون نصراً كبيراً لوزير الخارجية. وأكدّ الجنرال ،وفي سياق الاخراج أيضا، أن عمل التيار بدأ معه، لكنه لن ينتهي معه.

 

وهنا أيضا تبيّن فشل وعد عون بـ “الإصلاح والتغيير”، إذ لم يبقَ من هذا الشّعار مـع مرور السنين سوى اسمه فقط. فشل التيار أيضًا في تقديم النموذج الديمقراطي لانتخابات حرّة، فآذى صورته بعدما كان يفترض أن تحييها هذه الانتخابات خاصّة لدى جمهوره.

 

وفي هذا الإطار، ظهرت معارضة للتوافق الذي حصل، وتمثّل بترشّح الأمين العام السابق للتيّار الوطني الحرّ في فرنسا فارس يوسف لويس نفسه لرئاسة التيار، وهذا  يعني ان قسماً كبيراً من الشريحة المؤيِّدة للنائب ألان عون قد تنتخبه، عدا عن ترشيحات قد تتقدّم لاحقاً، مع بقاء باب الترشّح لمنصب رئاسة التيار مفتوحا حتى 27 آب الحالي، ما ينذر بظهور مزيد من الأصوات الرافضة لوصول “صهر” العماد عون الى سدة هذا المنصب.

فلرس لويس
فارس يوسف لويس

 

السابق
ديلي تليغراف: عدم توجيه ضربة عسكرية الى سوريا خطأً
التالي
الحريري: جرائم داعش وجرائم بشار وجهان لمشروع واحد عنوانه تدمير سوريا