صلاحيات مجلس الوزراء: النصّ واضح و«لا اجتهاد في موضع النصّ»

مجلس الوزراء
آلية عمل الحكومة جدل قانوني وسياسي يعيشه لبنان منذ بدء الشغور في سدّة الرئاسة الأولى. لكنّ السؤال: لماذا كلّ هذا الجدل حول ما هو معلوم وما هو مذكور في الدستور اللبناني، طالما أنّه نصً صريحٌ وواضحٌ؟

“لا اجتهاد في موضع النصّ”، وهذا مبدأ فقهي وقانوني ومنطقي قبل كل شيء. إذ لا يُعقل أن يفتش المرء عما هو موجود. ما نعنيه هنا هو الاجتهادات والآراء المتعددة التي أثيرت حول آلية عمل مجلس الوزراء بصفته وكيلا عن رئيس الجمهورية. فنص المادة 62 من الدستور صريح وواضح بانتقال الصلاحيات كاملة غير منقوصة، إلى مجلس الوزراء وليس إلى مجموع الوزراء. فإذا كان الوزراء هم مجموعة أشخاص مختلفي الآراء والتوجهات، فإن مجلس الوزراء هو مؤسسة مستقلة عن ذوات هؤلاء الوزراء، تنطق بإسم اجتماعهم وفقًا لأسس ومواد دستورية تنظم شؤونه وآلية اجتماعه واتخاذ القرار فيه وتحدد الناطق بإسمه.

عليه، فإنه يكفي توقيع رئيس مجلس الوزراء مرتين، مرة بإسم مجلس الوزراء كسلطة تنفيذية على أساس توافق أو أغلبية معينة يحددها الدستور بحسب الموضوع المطروح “راجع الفقرة 5 من المادة 65 دستور”، ومرة باسم مجلس الوزراء كوكيل عن رئيس الجمهورية على أن يراعي أيضا أصول الموافقة والقرار في المجلس عينه والنصاب والأكثرية المطلوبين لذلك للموضوع، يكفي هذا التوقيع لاعتبار المراسيم التي تصدر عنه طبيعية وقانونية ودستورية.

تنص المادة 62 من الدستور بانتقال الصلاحيات كاملة غير منقوصة، إلى مجلس الوزراء وليس إلى مجموع الوزراء

هذا في القانون، أما في المنطق الذي يؤكد هذا القانون إياه، فإنه من غير المعقول أن يلجأ المشترع إلى شرط تعجيزي لمنع التعطيل، وإلا فهو يبرره، بل يسببه. فكلمة مجلس الوزراء تعني المؤسسة الواحدة التي تعمل وفق مواد الدستور. ولا يعقل أن تنتقل سلطة رئيس الجمهورية، بما يمثله قانونيا ومعنويا إلى مجموعة أشخاص لا يحتكمون إلى مؤسسة قانونية تنظم اجتماعهم وتمثلهم وتنطق بإسمهم وبالتالي تلزمهم.

مجلس الوزراء كوكيل عن رئيس الجمهورية على أن يراعي أيضا أصول الموافقة والقرار في المجلس عينه والنصاب والأكثرية المطلوبين

أما القول إنّ اشتراط توقيع الوزراء كافة، أي الإجماع، من اجل الضغط المعنوي على النواب والقوى السياسية للإسراع في انتخاب رئيس للبلاد، فهو أقرب إلى نكتة ممجوجة، وكأنّ النواب سيبادرون الى انتخاب رئيس، فيما لو مورست الضغوط عليهم، أوكأنهم باتوا أصحاب قرار في الإقدام أو الإحجام!

مجلس الوزراء

لن أنتقل بالحديث إلى السياسة كي يبقى منطقنا دستوريًا بحتًا، لكنّ منهجية التعطيل المتبعة في بلدنا من طرفي النزاع، كلّ بحسب مصالحه، يمكن أن يتم تفسيرها فقط بالسياسة ومقتضياتها، ولكنها تبقى بعيدة كل البعد عن منطق الدولة ورجالاتها، هؤلاء المفترض منهم ان يكونوا مسؤولين تجاه الشعب اللبناني ومؤسساته المنتخبة.

السابق
سلام سيدعو لجلسة حكومية.. ويلوّح بالاستقالة مجددا
التالي
مجموعة اليمن غروب باكورة تعاونها دعم وتطوير طائرة للإنقاذ البحري