بانتظار «أسير» جديد.. وربّما مسيحي هذه المرّة

احمد الاسير
بمناسبة اعتقال الشيخ الاسير، فقد ظهر أن الأجهزة الأمنية تحقق إنجازات، بينما السلطة السياسية تتهاوى وسطة خلافاتها. والتطرف هو نتيجة نظام المحاصصة الطائفية في غياب نظام مدني ديمقراطي يعيش فيه المواطنون متساويين في الحقوق والواجبات وفي ظلّ دولة ترعى الجميع وليس تحت امرة سلطة تفرّق بين الرعايا.

حققت الأجهزة الأمنية إنجازاً باعتقالها المطلوب الشيخ أحمد الأسير المشتبه بمسؤوليته عن حوادث عبرا التي جرت قبل عامين، وذلك في مطار بيروت خلال محاولته الخروج من لبنان بجواز سفر مزوّر.

هذا الإنجاز يضاف إلى إنجازات أخرى تحققها مختلف الأجهزة الأمنية في مواقع مختلفة خصوصاً تلك التي لا ترعاها جهات سياسية أساسية، وتتبارى الجهات السياسية بإظهار الإعجاب والدهشة لهذه الخطوات.

الأجهزة الأمنية تحلّ جزءاً صغيراً من المشكلة، لكنها تعالج النتائج فحسب. وهذا شيء طبيعي – فهي ليست مسؤولة عن معالجة أسباب المشكلة – وهنا تكمن الخطورة.

إذا لم يقدم أهل النظام على تطويره قبل خسارة الكيان، فنحن بانتظار مجموعات مسيحية متطرفة

السلطة السياسية تغمض عينيها وتدسّ رأسها في التراب كي لا تتحمل مسؤوليتها في رسم السياسات العامة، التي يمكن أن تؤمن الإنماء المتوازن وتجعل الناس يشعرون أنهم متساوون في الحقوق وكلهم تحت القانون في دولة تديرها المؤسسات.

في هذا البلد الذي يتناوب عليه عليّة القوم في طوائفه في الهيمنة وبدون حساب، للوصول إلى تسويات سياسية تؤمن المحاصصة لهؤلاء الحاكمين، ينمو تخلّف مجتمعي لا يسمح ببناء ديمقراطية لمواطنين متساوين.

والسؤال: لماذا انطلقت حركة أمل في ستينات القرن الماضي؟ أليس بسبب إحساس الرعايا الشيعة أنهم مهمّشون؟ ولماذا ازدهرت المجموعات المتطرفة السنيّة في مطلع الألفية الجديدة؟ أليس بسبب إحساسهم أن شريكهم السلطوي يستقوي بالإقليمي عليهم؟ لماذا ينشط التيار الوطني الحر في الوسط المسيحي ويعلن تحركات عدة من أجل الوصول إلى شراكة مع أطراف السلطة؟ أليس لإحساسهم أن السنّية السياسية تريدهم بعد عام 2005 أن يكونوا تابعين وليس شركاء؟ أليس إحساسهم أن الطرف الشيعي يستخدمهم من أجل خطته الإقليمية؟

أحداث عبرا

المجموعات المتطرفة التي يجري تفكيكها وضربها، هي نتاج هذه الأزمة المستعصية لهذا النظام الطائفي الذي لن ينفك أن ينتج مجموعات متطرفة من اتجاهات مختلفة، ويجري معالجتها بالقمع وليس بالتطوير الديمقراطي للنظام السياسي. إنجاز أمني وسقوط سياسي، معالجة للقشور من دون تناول النوى.

اعتقال الأسير يجعلنا بانتظار أسير آخر، وإذا كان مستوى معارضة المسيحيين في التيار الوطني الحر ما زال متدنياً… فإن ذلك يجعلنا بانتظار مجموعات مسيحية متطرفة. إذا لم يقدم أهل النظام على تطويره قبل خسارة الكيان.

السابق
مجموعة اليمن غروب باكورة تعاونها دعم وتطوير طائرة للإنقاذ البحري
التالي
في الذكرى الثانية لمجزرة السارين الكيمياوية