الأسير وخلية «حزب الله»…لبنان يرقص بين عهرين!

توقيف احمد الاسير
في الحدث الأول اعتقال الأسير رغم صغره وهشاشته، لم يبق مسؤول سياسي أو إعلامي صغيراً كان أو كبيراً إلا أدلى بدلوه للحديث عن "الإنجاز" الأمني الهائل، وفي الحدث الثاني أو الكارثة الكبرى خلية "حزب الله" الإرهابية في الكويت غاب الجميع عن السمع. فأيهما أشنع وأبشع جريمة الأسير، أم تفريط الحزب بكرامة وحقوق ومستقبل اللبنانيين في الداخل والخارج ؟! أيهما أقبح وأرذل جريمة الأسير أم مجازر وموبقات الحزب بحق لبنان وعلاقاته بأشقائه العرب؟!

هل كان توقيف الشيخ أحمد الأسير، الحدث الأمني الأوحد والأبرز خلال الأيام والساعات القليلة الماضية؟ يبدو الأمر كذلك بالفعل في ظل المبالغات التي وقعت فيها المؤسستان الأمنية والإعلامية من خلال التضخيم المقصود، وغير المقصود لعملية التوقيف بما يجافي الوقائع على الأرض.

اعتقال الإمام “الإرهابي” جاء في مقدمات غالبية نشرات الأخبار وعناوين معظم الصحف، ومقالات عشرات المحللين، لا يخرج شئنًا أم أبينا عن إطار صفقة لا تخطئها العين بين الأمن العام اللبناني من جهة، وفصيل فلسطيني — قد تُعرف هويته لاحقاً – من جهة ثانية.

على أي حال، النجاح في إبرام الصفقة يُحسب للأمن العام لا عليه، فالجهاز القوي تمكن ببراعة وذكاء من إلقاء القبض على أحد “أهم” المطلوبين للدولة من دون عناء يُذكر. بغض النظر عن إخفاقه وغيره من الأجهزة في إيقاف العديد من المتهمين في قضايا أكبر وأخطر، كـ علي ورفعت عيد المسؤولين عن تفجير مسجد “التقوى” الذي راح ضحيته ما يزيد على 50 شخصاً.

هل أرسلت الحكومة اللبنانية على الأقل كتاب اعتذار للحكومة الكويتية بعد اكتشاف خلية “حزب الله” الإرهابية،

قضية “التقوى” ليست وحدها العالقة أو المعلقة بتعبير أدق، فهناك عشرات تجار المخدرات وحبوب الكبتاغون المعلومون بالأسماء وأرقام الهواتف وعناوين السكن، وهناك عصابات الخطف وسرقة السيارات المحسوبة على جهات سياسية معروفة. وهناك نوح زعيتر المطلوب بمئات مذكرات التوقيف، وهناك المتهم بمحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب، وهناك قادة الجناح العسكري لآل المقداد، وهناك خاطفو الطيارين الأتراك وخاطفو جوزيف صادر، وهناك قتلة رفيق الحريري، وهناك الإرهابيون الذين يعبرون الحدود يومياً لقتل أبناء الشعب السوري، وهناك وهناك … إلى ما شاء الله.

بالعودة إلى السؤال حول ما إذا كان توقيف الأسير الحدث الأمني الأبرز، يمكن الجزم بأن غبار توقيف الشيخ السنّي “الإرهابي” حجب أضعف الإيمان داخلياً حمم زلزال إقليمي ضخم، تمثل في توقيف خلية إرهابية تابعة لـ “حزب الله” في الكويت.

الخلية تكاد تكون الأخطر في تاريخ دول الخليج برمتها، نظراً لكمية الأسلحة المضبوطة، ولطريقة تهريبها من إيران عبر إلقائها في البحر على أن يتم انتشالها لاحقاً وفق إحداثيات متفق عليها بين طهران ورجالها.

أعضاء الخلية اعترفوا وفق ما أكدت بعض الصحف الكويتية بأنهم ومجموعات أخرى من البحرين والسعودية تلقوا تدريبات ميدانية على استخدام الأسلحة والمتفجرات في جزيرة بالبحر الأحمر قرب إحدى الدول الإفريقية، كانوا قد توجهوا إليها من ميناء “ميري” بمدينة صعدة اليمنية، وأن مستقبليهم على تلك الجزيرة كانوا ضباطاً في الحرس الثوري، فضلاً عن ضباط آخرين تابعين لـ “حزب الله”.
بعيداً عن التفاصيل والمعلومات الكثيرة والخطيرة التي كشفها المتهمون، يحق للمراقب أن يسأل هل حاولت الحكومة اللبنانية عبر وزارة الخارجية التواصل مع نظيرتها الكويتية للوقوف على ملابسات القضية ؟!
هل أرسلت الحكومة اللبنانية على الأقل كتاب اعتذار للحكومة الكويتية بعد اكتشاف خلية “حزب الله” الإرهابية، في محاولة شكلية لامتصاص الغضب الكويتي على وقع مسلسل الجرائم المتتالية التي يرتكبها الحزب “الإلهي” في أكثر من دولة خليجية وعربية ؟!

ماذا يفعل لبنان إذا بادرت الكويت غداً إلى طرد السفير اللبناني وقطع العلاقات الدبلوماسية مع بيروت؟! ماذا بإمكان لبنان أن يفعل إذا قررت الكويت طرد آلاف اللبنانيين العاملين على أراضيها؟!
يحق للمراقب أن يتساءل، هل اتصل وزير الداخلية نهاد المشنوق بصديقه وفيق صفا للاستفسار عن القضية، أم إن الاستفسار ممنوع؟!

توقيف الأسير الحدث الأمني الأبرز، حجب أضعف الإيمان داخلياً توقيف خلية إرهابية تابعة لـ “حزب الله” في الكويت

هل فكّر الأمن العام أو أي من الأجهزة الأمنية الأخرى التي تتباهى بتوقيف هنا واعتقال هناك، باستدعاء أو الاتصال بأي نائب أو مسؤول في “حزب الله” لسؤاله عن “الجريمة الكويتية” بحق الحزب “المقاوم” و”الممانع”؟! هل فكّر أحد من هؤلاء بزيارة وزير “أصفر” لشرب القهوة والدردشة معه حول هذا الموضوع والاتهامات “الباطلة”؟!
أيهما أكبر جريمة الأسير المُدانة والمستنكرة – بكل تأكيد وبدون نقاش – بحق عناصر الجيش اللبناني، أم جريمة الحزب اليومية بحق الشعب والوطن بأسره ؟!
أيهما أشنع وأبشع جريمة الأسير، أم تفريط الحزب بكرامة وحقوق ومستقبل اللبنانيين في الداخل والخارج ؟! أيهما أقبح وأرذل جريمة الأسير أم مجازر وموبقات الحزب بحق لبنان وعلاقاته بأشقائه العرب؟!

أيهما أسوأ جريمة الأسير، أم ذبح “حزب الله” المتواصل للسوريين في القصير وحمص وحلب ودوما وداريا ودرعا والغوطة و و و … ؟!
الأسئلة برغم منطقيتها تبدو ساذجة وغبية كمن يعتقد بأن سيادة وسلطة الدولة تتجاوز حدود السرايا الحكومي وبضعة شوارع في بيروت الصغرى، تبدو الأسئلة ساذجة وغبية كمن يعتقد بأن الدولة قوية وقادرة ولم تتحول إلى دويلة بعد، وبأن “حزب الله” لا يزال حزباً “مقاوماً” يشق بثبات طريقه نحو القدس عبر بيروت والزبداني ودمشق مروراً ببغداد وصنعاء وصولاً إلى المنامة والكويت ومكة المكرمة.

الاسير
في الحدث الأول اعتقال الأسير رغم صغره وهشاشته، لم يبق مسؤول سياسي أو إعلامي صغيراً كان أو كبيراً إلا أدلى بدلوه للحديث عن “الإنجاز” الأمني الهائل، وفي الحدث الثاني أو الكارثة الكبرى خلية “حزب الله” الإرهابية في الكويت غاب الجميع عن السمع.
لا نشرات أخبار ولا افتتاحيات ولا مقالات ولا تحليلات عن آخر إبداعات الحزب الأصفر في المضي قدماً في هتك عرض لبنان أكثر فأكثر … بين التطبيل والتهليل الرسمي وغير الرسمي للحدث الأول، والتغاضي والتعامي الرسمي وغير الرسمي عن الحدث الثاني … يبدو لبنان وكأنه يرقص بين منطقين أو بوجه أصح يرقص بين عهرين !

السابق
أحمد الأسير الشنّاوي
التالي
جبران باسيل رئيس وحدة «التيار العوني» في «حزب الله»