أين بقية المطلوبين؟

حسناً. القى جهاز الامن العام القبض على الشيخ احمد الاسير، الملاحق بعدة مذكرات توقيف بتهم مختلفة، من بينها قتل عدد من الضباط والعسكريين في الجيش. لا اعتراض على العملية ما دامت اتت في اطار قانوني واضح المعالم. ولكن لا بد من متابعة التحقيقات، وما سيدلي به الاسير. والاهم من كل ذلك ان تأتي التحقيقات شفافة ، وان تراعى فيها حقوق الموقوف كاملة لجهة عدم المسّ به جسديا، أو تعريض كرامته خلال كل مدة التوقيف. اما في ما يتعلق بالنتائج فالامر متروك للقضاء وحده. من هنا مطالبتنا بان يواكب القضاء منذ الآن التحقيقات كلها، وان يتم التأكد من ان احمد الاسير لا يتعرض للتعذيب بأي شكل من الاشكال.

لقد جرى القاء القبض على احمد الاسير، لكن السؤال اين بقية المطلوبين للعدالة؟ اين “القديسون الخمسة” المتهمون بإغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ اين عشرات المطلوبين العاملين في اطار عصابات و مافيات  الخطف والمخدرات والسرقة على انواعها؟ ومقار هؤلاء وسكناهم في المناطق الخاضعة لنفوذ “حزب الله”. اين قتلة هاشم السلمان ووجوههم مكشوفة واسماؤهم معروفة؟ اين محمود الحايك المتهم بمحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب؟ واين؟ واين؟
اللائحة تطول وتطول، وقد تصل الى بضع مئات من المطلوبين للعدالة، وما زالوا طلقاء يسرحون ويمرحون على مرأى من الاجهزة الامنية بمختلف فروعها . بعض هؤلاء معتبر من فئة “القديسين”، فيما البعض الآخر من فئة “البيئة الحاضنة” التي لا تمس، ولا يسري عليها قانون أو  شريعة، على العكس من بقية اللبنانيين العاديين الذين يخضعون للقانون والدولة.
كل المطلوبين الذين نتحدث عنهم سابقون لأحمد الاسير في ارتكاباتهم، وامامهم يبدو الاسير هاويا.

لا نقول هذا الكلام من باب انتقاد عملية القبض على الشيخ احمد الاسير، انما من باب التحذير بأن العدالة لا تكتمل إلا اذا تساوى الكل امامها. والواقع أن لا مساواة امام القانون في لبنان، ولا امام العدالة، ولا في العلاقة مع الدولة والمؤسسات. في لبنان طبقية فاجرة يمارسها فريق بحق جميع اللبنانيين، متسلحا بالقوة المسلحة، وبقدرته على الايذاء، وبممارسته الارهاب والترهيب في الداخل والخارج على حد سواء.
عندما نرى فريقاً يدفع بمئات الشبان لارتكاب جرائم جماعية  في حرب عدوانية ضد الشعب السوري، وعندما نرى الفريق عينه يعيد مئات الجثث لشبان مضللين مخدوعين جرى القاؤهم في اتون الحرب في سوريا، وعندما نرى ان ارهابيين كباراً مطلوبين للعدالة الدولية يصولون ويجولون في شوارع الضاحية وبيروت وسط صمت  جبان من الاجهزة كافة، فإننا نخاف على مستقبل هذا البلد.

ان ظاهرة احمد الاسير لم تأت من فراغ. وما دام الخلل الفاضح الفاجر في البلد قائما، فسوف يولد من رحم الاسير آخر وآخر وآخر! من هنا نقول ان لم يتساوَ الجميع امام القانون فمكان احمد الاسير كغيره من المطلوبين هو البيت لا السجن.

(النهار)

السابق
خطاب وادي الحجير وقصة «المسيحية الجديدة» و«الشيعية القديمة المتجدِّدة»
التالي
حزب الله ينعي مقاتلين له سقطا في الزبداني