الطريق الى محاربة الارهاب سيمر من أي مكان

حزب الله
ضاعت فلسطين بين زحمة الشعارات وتعددها وكذلك بالنسبة لمحاربة الارهاب هذه الايام، فمع ازدياد أعداد الأعداء المحاربين له نراه لا يزداد إلا قوّة وتوسعًا. أمّا شعار محاربة الإرهاب التي اخترعته أميركا نراه اليوم شعارًا تتخذه إيران وأعوانها ومن بينهم حزب الله وحلفائه اللبنانيين ليستغلوه أبشع استغلال من أجل تحقيق مصالح خاصة.

نجحت الولايات المتّحدة الاميركية في تسويق ونشر شعار محاربة الإرهاب، والذي اطلقته بشكل أساسي بعد أحداث 11 أيلول وحمّلتها لتنظيم القاعدة، فكان دخولها العسكري تحت هذه العباءة الى أفغانستان واحتلالها للعراق تحت مبرر أن علاقة تربط صدام حسين بأسامة بن لادن.

إقرأ أيضاً: حزب الله بعباءته الجديدة: إسرائيل ليست عدوّاً

كان من الواضح ومنذ اللحظات الاولى لإطلاق هذا الشعار، بأنه يتمتع بحالة مطاطية سهلة تجعل منه غطاءً مفترضًا لأي تحرك تريده أميركا من أجل تحقيق مصالحها، وتبرر من خلاله تحريك اساطيلها وطائراتها ان اقتضت الضرورة لذلك.

 

هذا الاحتمال لم يكن ليغيب عن الاطراف التي كانت تضع نفسها آنذاك في الصف المعادي لأميركا، وكانت الخشية من استعمال شعار محاربة الارهاب ضدّهم، وهذا ما شكّل هاجسًا سياسيًا واعلاميًا لديهم. فحزب الله مثلا لطالما ناضل وحارب وأقام الندوات والمؤتمرات الاعلامية من أجل الوقوف في وجه هذا الشعار، فأقام لذلك حملات اعلامية طويلة عريضة فقط للتفريق بين ” المقاومة ” والارهاب، وكرّست ايران جهودًا دبلوماسية ضخمة في الامم المتحدة من أجل الوصول الى تعريف واضح وغير مبهم لمعنى الارهاب، هذا كله من أجل عدم استغلال هذا الشعار في غير موضعه الطبيعي، ومن أجل مآرب لا علاقة لها بالارهاب ولا من يرهبون.

الاتفاق النووي الايراني

والملفت في هذا السياق أن من كانوا هم من أوائل المعارضين لانتشار هذا الشعار “الاميركي” نجدهم اليوم في المقلب الاخر تمامًا، فمحور الممانعة بأمّه وأبيه الآن غدا من أشدّ المتمسكين به، والمتأربطين بأذياله، والمتدثرين بلحافه، ومن دون الحاجة لأي تغيير أو تحوّل في مدلولات الشعار أو محمولاته التي كانوا يطالبون بتحديدها.

 

واكثر من كل هذا، فقد بات محور الممانعة بشعاره الجديد وحلّته الاميركية المستحدثة، وتخندقه معها في نفس خندق لـ”محاربة الارهاب ” يعمد إلى ما كان هو نفسه يخشاه من عدوّه القديم. فلم يكتف باستبدال كل شعاراته الثورجية القديمة واحلال مكانها شعاره الجديد لمحاربة الارهاب لدرجة أن جواد ظريف نفسه، رئيس دبلوماسية الممانعة وفي جولته البيروتية ومؤتمراته الصحفية لم يذكر اسرائيل ومحاربتها إلا على استحياء في حين كان يصدح بشكل طلق بخيار محاربة الارهاب.

 

ليس هذا ما يثير الدهشة، بل ما يثيرها حدّ الغثيان هو ما ذهب إليه الممانعون انفسهم الى استغلاله أبشع الاستغلال بحيث تفوّقوا بخداعهم على أميركا التي كانوا يحذروها.

حزب الله

فإذا كان حزب الله يدافع عن أكثر نظام إرهابي في هذا القرن تحت مسمى “محاربة الارهاب“، ويخوض معاركه الشرسة مع جميع مناوئي نظام بشار الاسد، ما عدا تنظيم داعش الارهابي، وما معارك الزبداني التي اجمع كل المراقبين أن لا وجود فيها لأيّة منظمة إرهابية وإن المقاتلين هم من أبنائها إلا دليل إضافي على ما نقول، حتى أن الهدنة ووقف اطلاق النار التي أقرّت اخيرا هناك انما كانت بالحوار بين حزب الله من جهة وحركة أحرار الشام غير الارهابية من جهة اخرى!

 

وأما التيار العوني الذي شنّف أذان اللبنانيين بالتحذير من خطر الارهاب، ووجوب محاربته فلم يجد حرجًا من استغلال بساطة جماهيره وانزالهم على الشارع للوقوف في وجه المد الارهابي! ولكن بعد أن تفتّق عقل منظمي التظاهرة العونية بتحويل تيار المستقبل الى تيار إرهابي يطالب بالدولة الاسلامية بحسب اليافطات المرفوعة!

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يتوعد الزبداني بمصير القصير

فهذا الاستغلال الرخيص من قبل محور الممانعة لشعار “محاربة الارهاب” من أجل تحصيل أهداف سياسية خاصة لا علاقة لها بالموضوع، انما يذكرنا بالشعارات التي كانت ترفع من أجل فلسطين والقدس والطريق إليهما، وبالطرقات الى القدس التي تصل الى اي مكان إلا إليها، فضاعت فلسطين بين زحمة الطرقات وتعدّدها وكذلك هي حال الارهاب هذه الايام، فمع ازدياد اعداد الاعداء المحاربين له نراه لا يزداد إلا قوة وتوسعا ..

 

فلا غرابة بعد حين من الزمن أن نسمع أيضا من أحدهم يقول لنا إن الطريق إلى محاربة الارهاب يمر من أي مكان يزعج حزب الله.

السابق
حكاية امرأة من تموز
التالي
السيد محمد حسن الأمين: يمكن للإسلام استنباط «حداثته» ﻷنه دين وليس دولة