العبادي وجّه ضربته الشعبية فكيف سيردّ الفاسدون في العراق؟

أصدر رئيس مجلس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي، مجموعة من أومر توجيهيّة وتقضي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً، إضافة الى فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ ’من اين لك هذا‘، بعد بدء تظاهرات ضد الفساد.

على اثر التظاهرات الشعبيّة التي عمّت العاصمة بغداد والعديد من المدن العراقية الاسبوع الفائت واستجابة لضغط الشارع واحتراما لارادة المرجعية الدينية التي دعت بلسان خطيب الجمعة رئيس الوزراء حيدر العبادي بأن يكون أكثر “جرأة وشجاعة” في خطواته الاصلاحية، داعية اياه الى الضرب بيد من حديد لمن “يعبث” باموال الشعب… فقد أصدر رئيس مجلس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي، اليوم الأحد، مجموعة من أومر توجيهيّة وافق عليها مجلس الوزراء منذ قليل وهي تنتظر موافقة مجلس النواب وتقضي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً، وذلك بناء على مقتضيات المصلحة العامة، إضافة الى فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ ’من اين لك هذا‘ .

 

 

وجاء في البيان المنشور على الموقع الرسمي لمكتب العبادي أنه واستنادا الى المادة 78 من الدستور، فقد تقرر إجراء “تقليص شامل وفوري في اعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمدراء العامين والمحافظين واعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم، ويتم تحويل الفائض الى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين.
وأضاف البيان أن من القرارات أيضا “الغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم حسب تعليمات يصدرها رئيس مجلس الوزراء تأخذ بالاعتبار العدالة والمهنية والاختصاص، وإبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومدراء عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وتتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة بالاستفادة من الخبرات الوطنية والدولية في هذا المجال واعفاء من لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة.”

 

ولفت البيان إلى أنه تم إقرار “ترشيق الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات، وفتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ ’من اين لك هذا‘ ودعوة القضاء الى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين.”
وقبل خطبة الجمعة الأخيرة، كان العبادي قد سمع من المرجعية الدينية الشيعية الداعمة له والممثلة بالسيد علي السيستاني على وجه الخصوص كلاما حازما أنها والشعب العراقي ينتظران منه ضرب رموز الفساد في العراق الذين ما زالوا يتمتعون بحصانات نيابية ووزارية ويشغلون مناصب مهمة في الدولة، وكذلك تنتظر المرجعيّة منه أن يعيد بناء الجيش ويبعد ضباط العهد البائد الفاسدين ذوي الكفاءات المتدنية الذين كان قد أتى بهم سلفه نوري المالكي وهو ما أدّى الى هزائم متتالية تعرّض لها هذا الجيش على يد داعش منذ احتلالهم الموصل قبل اكثر من عام وحتى خسارة الرمادي قبل أشهر وخروج الجيش العراقي منها مهزوما.

 

 

غير أن السؤال المثير الذي يطرح نفسه هو: كيف سيردّ رموز الفساد الذين يتشبثون بمراكزهم ومناصبهم واداراتهم التي يحوزها المئات من مناصريهم واعوانهم المستفيدين مع تحلل واهتراء مؤسسات الدولة العراقية، واعتياد هؤلاء على استغلال حالة الضعف العامة في القطاع العام ليبنوا نفوذهم على اساسات دولتهم الضعيفة المتصدّعة؟
هل سيرد رموز الفساد عبر تعطيل ادارات الدولة التي يسيطرون على أغلب مفاصلها وجلّهم من الحرس القديم لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي؟ أم سيردون عبر اضعاف الجبهة التي تحارب  الارهاب في ظل سيطرتهم على قطاعات واسعة من الحشد الشعبي الذي يقوده النائب هادي العامري وقيس الخزعلي قائدا قوات بدر وعصائب اهل الحق، التنظيمان المدعومان بقوّة من ايران ؟
العبادي مدعوم من الشعب العراقي ومن المرجعية الدينية الرشيدة، أما الفساد فمدعوم من المليشيات التي تدعمها ايران، والبارز أن الصراع محصور الآن داخل البيت الشيعي العراقي، السيد مقتدى الصدر أعلن منذ قليل دعمه لاصلاحات العبادي، فيما المجلس الاعلى وزعيمه السيد عمار الحكيم ما زالا يلوذان بالصمت. والى ان تنجلي الغبرة ويتبيّن ما سوف تسفر عنه المعركة التي بدأها العبادي حربا على الفساد والمفسدين في وطنه، فان العيون شاخصة نحو الجيش العراقي الذي يقاتل بمؤازرة من الحشد الشعبي على أكثر من جبهة. فهل سوف يسمح الفاسدون باصلاحه فيتمكن العبادي من ضرب ضربته الثانية داخل الجيش كما يريد الشعب والمرجعية الدينية لتخليصه مما هو فيه من ضعف وانحلال ولاعادة بنائه على عقيدة وطنية راسخة، فيكون ذلك مقدّمة لعودة اللحمة الوطنية العراقية التي ستمهّد للانتصار على الارهاب؟

السابق
يا جمهور حزب الله بعد اتفاق ايران وأميركا: أوقفوا نهر دمائكم
التالي
إسرائيل تتهم فلسطيني – سويدي بالتجسس لحزب الله اللبناني