كتاب عن سير أعلام آل الصدر وآل شرف الدين

درة الأخبار
كتابُ "درّة الأخبار في دارة وسلالة الأخيار" هو عبارة عن "إضاءة على تاريخ دارة آيةُ الله المجاهد السيِّد صالح شرف الدِّين في شحور؛ مع شذرات من تاريخ أُسرة آل شرف الدِّين والصَّدر". وهذا الكتاب الجديد للشيخ محمد علي الحاج العامليّ، وهو كتاب صادر (في طبعة أولى في 2015) عن "الدّار العامليّة" في بيروت، بالاشتراك مع (المؤسسة اللبنانية للإعلان)، وتتولّى توزيعه في العراق "مكتبة العلاّمة إبن فهد الحلّي في مدينة كربلاء المقدّسة".

وجاءت مادّة الكتاب، في فصول ثلاثة وهي موزّعة على الشكل التالي: الفصل الأوّل: يدور حور دارة آية الله المجاهد، السيِّد صالح شرف الدِّين (المعروف بالسيِّد صالح الكبير/ 1122 هـ – 1710 م/ 1217 هـ 1803 م). والفصل الثاني هو ومضات من سيرة السيِّد شرف الدِّين(قده) وذرّيته. ويتألف هذا الفصل من ثلاثة أقسام: القسم الأول، يتناول السيد شرف الدين وعقبه. والقسم الثاني: يتناول ذريّة السيد صالح(قده)، والقسم الثالث، يتناول ذريّة السيّد محمد الثاني(قده). أما الفصل الثالث والأخير، فيتمحور حول أعلام أسرة آل شرف الدين.

ويقول المؤلّف في مقدمة الكتاب: “بسم الله الرحمن الرحيم… الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين..

من سنوات أشعر بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي اتجاه دارة الأجداد في شحور، ومنذ رحيل الوالد(قده) أخذت المسؤولية تتعاظم، حيث بتُّ مؤتمناً على تراث يعود لمئات السنين، تراث جُبِل بالدم والجهاد، وبني بالعلم والاجتهاد.

شاءت الصدفة أن أرث داراً تاريخيّة، عايشت أحداثاً مفصليّة في تاريخ جبل عامل، هذه الدار التي شيّدها وسكنها علماء وفضلاء، ومراجع أتقياء.. هي في الواقع أمانةً أكثر منها إرثاً، وذات قيمة معنوية أكثر منها مادية.

ومن هذا المنطلق، وشعوراً بالمسؤولية تجاه حفظ هذه الأمانة، وإخلاصاً لجهاد الآباء والأجداد، ووفاءً لعطاءاتهم..، كان أن دوّنت هذه الصفحات، حول تاريخ دارة العالم الجليل المجاهد آية الله السيد صالح شرف الدين(قده) تاركاً الكثير من التفاصيل لكتابي المخطوط حول الحراك الحوزوي الذي شهدته شحور في التاريخ… علماً أنني – ومنذ فترة – أعكف على تدوين مستدركات على كتاب امل الآمل في علماء جبل عامل، مضافاً لأنني في المراحل الأخيرة في إنجاز كتاب تاريخ حوزة شحور الدينية وخلال العمل فيهما وردتني فكرة إفراد بحث خاص حول دارة السيد صالح(قده)، وهكذا كان، فشرعت في الكتابة في اليوم الثامن من آذار عام 2015، ولم ينقض اليوم التالي، أي التاسع من آذار إلا وقد كنت أنجزت البحث.. هذا مع كون المادة العلمية، والمصادر التاريخية ماثلة أمامي، حيث انكبابي على موضوعات مشابهة.

وعقب كتابتي عن دارة السيد صالح(قده) أضفت فصلين، فجاء الكتاب في ثلاثة فصول: الأول: حول دارة السيد صالح(قده). الثاني: حول أسرة آل شرف الدين. الثالث: حول أعلام الأسرة.

هذا وينبغي الإشارة لكون آل الصدر فرع من آل شرف الدين، وكذلك انحدر منهم عائلات: صدر زاده، فضل عاملي، خادمي، مستجابي، أصولي…
أخيراً، أتمنى أن أكون أديت جزءاً من حق الآباء، كما أتمنى ان أكون وفّقت للإضاءة على هذه الدار بشكل سليم، على أمل أن يكون الكتاب مورداً لإفادة طلبة العلم والحقيقة.

وفي توطئة الفصل الأول، يشير المؤلف قائلاً: ما زالت قرية شحور – الواقعة في جنوب لبنان في قضاء صور – تحظى بمنزل عريف من منازلها القديمة، الشاهدة على التاريخ، ألا وهو منزل آية الله الإمام المجاهد السيّد صالح شرف الدين. وتقع الدار في حارّة السيّاد كما كان يطلق عليها قديماً، وتعرف حالياً لدى كبار أسرة آل شرف الدين بـ”دار السيّد صالح شرف الدين”.

ويقدّر عمر الدار بـ350 سنة تقريباً، حيث قيل أنّ آية الله المقدس السيّد صالح شرف الدين قد ولد فيها، وقد كانت ولادته في شحور في العام 1122هـ – 1710 م، حيث جاء جده الشريف إبراهيم بن زين الدين، والملقب بشرف الدين إلى شحور في العام 1667 م، واستوطنها، وتوفي فيها في العام 1670 م، وكان قبل ذلك في جبع، حيث ولد فيها في العام 1620 م. والمهم أن هذه الدار يطلق علهيا اسم دارة السيّد صالح(قده).

هذا الكتاب هو تاريخ دارة العالم الجليل المجاهد آية الله السيد صالح شرف الدين(قده)

وحول القيمة التاريخية للدار يوضح المؤلِّف بقوله: لأسرة آل شرف الدين مكانة عظيمة لدى الطائفة الإسلامية الشيعية، حيث لعبت دوراً كبيراً على مستوى الطائفة الشيعية في لبنان، وخرج منها علماء وفقهاء وساسة..، كان لهم حضورهم في الساحة اللبنانية، بل تخطو لبنان إلى العراق وإيران.. كما وانحدر من أسرة آل شرف الدين أسرة آل الصدر، وأسر أخرى.

علماً أنه لا تعتبر هذه الدار ذات قيمة شخصية لأفراد آل شرف الدين فحسب، بل أنها ذات قيمة تاريخية للطائفة الشيعية ككل، لما لأسرتيّ آل شرف الدين وآل الصدر في الوعي الشيعي. فضلاً عن أن هذه الدار هي أعرق منزل ديني شيعي في لبنان على الإطلاق، حيث لا يوجد دار بهذه العراقة لدى كل العائلات الدينية الشيعية اللبنانية. وهنا تكمن اهميّتها، لما لها من رمزية لهذا الجسم العلمائي بشكل عام، حيث افتقار الطائفة الشيعية لآثار وتراث عريقة في لبنان.

ولقد شهدت دارة آية الله السيد صالح(قده) الكثير من الأحداث التاريخية، وبشكل مختصر إن من يريد معرفة مكانة هذه الدار عليه معرفة مكانة ساكنها.. ومنه يتبين أهمية الدار.. فإن السيد صالح(قده) كان صاحب موقع ديني واجتماعي متقدم وريادي، وقد قال عنه المرجع الديني السيد حسن الصدر: “كان يعرف بالسيد صالح الكبير العاملي المكي، من أعلام العلماء في عصره، انتهت إليه رئاسة الإمامية في البلاد الشامية”.

لأسرة آل شرف الدين مكانة عظيمة لدى الطائفة الإسلامية الشيعية

ويقول عنه السيد حسن الصدر أيضاً: “كان كثير الاطلاع، غزير الحفظ، واسع الرواية، وله في الطب والرياضات يد فارعة، وقدح معلى. كان تولده سنة اثنتين وعشرين ومائة بعد الألف، في قرية شحور من بلاد بشارة من بلاد جبل عامل، وأمه الشيخ الحر صاحب الوسائل.

ربّاه أبوه وقرأ عليه وعلى غيره من علماء عصره في عاملة فمصر فالحجاز فالعراق، وحمل عن فقهاء هذه البلاد ومحدّثيها علماً كثيراً حتى فاق الأقران، وانتظم في سلك الأعيان، وكان جامعاً للعلوم العقلية والنقلية، ولبعض العلوم الأسرارية”.

وعن عودة السيد(قده) إلى شحور، وتصدره، يقول السيد الصدر: “وفي سنة 1163 هـ رجع إلى بلاده واستقرّ فيها مرجعاً وملاذاً لأهاليها، وله كرامات وحكايات تدل على مقامات عالية”.

درة الأخبار في دارة وسلالة الأخيار

وعليه، فإن الموقع الديني والاجتماعي للسيد صالح(قده) يظهر – وبوضوح – أن هذه الدار كانت مقصداً للعلماء وطلبة العلوم الدينية، وقبلة لأصحاب الحاجات وعامة الشعب، وموضع مراقبة ورصد من قبل الساسة والزعماء والحكام.. كما أن بعض الحوادث التي جرت فيها تُعطي صورة عن مركزية الدار.

وبالمحصّلة: يتبيّن الدور الريادي والمركزي لهذه الدار، التي جاهدت وضحّت وقدمت، وبقيت على الدوام تقف إلى جانب حقوق المضطهدين، والمستضعفين… حيث كان الثبات سمة أهلها، والإخلاص دينهم، والثورة طريقهم، والشجاعة مسلكهم. وعلاوة على كل ذلك، كانوا أصحاب مستويات علمية مرموقة، تخرج من هذه الأسرة عشرات المراجع والمجتهدين والفضلاء..، ملأوا سماء التشيّع علماً وعملاً، من لبنان إلى إيران والعراق.. ودورهم لا ينكره المنصف، وتضحياتهم يعرفها المطلع، ومستوياتهم يدركها العالم. وهذه الدار تعود لهذه الأسرة.

وهكذا نقرأ في هذا الكتاب سِيراً مضيئة لكلّ أعلام هذه الأسرة الشريفة التالية أسماؤهم:
آية الله الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين – آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر – آية الله العظمى السيد إسماعيل الصدر – آية الله العظمى السيد حسن الصدر – آية الله العظمى الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر – آية الله الإمسام السيد موسى الصدر – العلامة المؤرّخ السيد عبد الله شرف الدين – آية الله السيد حسين الصدر – النائب السيد جعفر شرف الدين – حجة الإسلام السيد مقتدى الصدر – الشهيدة آمنة الصدر (بنت الهدى) – السيد الفاضلة رباب الصدر.

السابق
في طغيان العاطفة عند العرب وانتهازية العقل الإيراني…
التالي
ماذا يريد «الظريف» من لبنان؟