سوريا نحو الهدوء ومحور المقاومة يبدأ نصره

تطرح الجمهورية الاسلامية الإيرانية مبادرتها المعدلة لحل الملف السوري٬ في وقت تجتمع فيه روسيا مع أميركا وحلفائها في العاصمة القطرية٬ لإيجاد صيغة تفاهم حول الأزمات التي تشهدها المنطقة فالاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية لابد وأن يغير ملامح السياسة الدولية لجهة نشأة علاقات اقتصادية جيدة بين إيران وسوريا من جهة٬ والغرب ومن خلفه أميركا من جهة أخرى.

وهذا المطلب أميركي بالدرجة الأولى للخروج من أزمات اقتصادية كبيرة وإن كانت مبعدة بقرار سياسي عن المنطقة وإذا ماكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد اتجه إلى إيران ليلتقي القيادة الإيرانية لمناقشة المبادرة المعدلة التي تأتي لضرب المحور المعادي لسوريا بشكل موجع بحيث تقطع عليه الطريق في محاولاته المستميتة للتهرب من طرح الرئيس الروسي لإقامة تحالف دولي ضد الإرهاب من جهة٬ وتسد في وجه المحور المعادي كل الثغرات التي يمكن الولوج من خلالها إلى منطقة يمكن من خلالها المساس بالسيادة السورية٬ فإقامة حكومة الوحدة الوطنية التي يفترض المنطق إنها ستضم بعضا من المعارضين السوريين٬ اشترط لإقامتها وقف القتال الفوري٬ وهذا الشرط إن كان مستحيلاً لجهة إن الميليشيات المسلحة الموجودة في سوريا متعددة الولاءات والتبعيات٬ إضافة إلى كون تنظيم داعش خرج عن سيطرة المخابرات التي تقوده بغرض الانفراد بالساحة بدفع واضح من المخابرات الإسرائيلية بكونها المستفيد الوحيد المتبقي من الحفاظ على حالة الفوضى الأمنية داخل الأراضي السورية٬ فإن الأميركيون اليوم باتوا ملزمين أمام حلفائهم الأوروبيين بإنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط٬ بغية خلق مناخ أمني وسياسي مناسب لإقامة تحالفات اقتصادية كبرى وجديدة تكون كل من إيران وسوريا طرفين أساسيين فيها.

 

وعلى هذا الأساس توجه وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى منطقة الخليج الفارسي٬ ليطمئن الدول الخليجية من الاتفاق النووي٬ ويضغط عليها في لقاءات بعيدة عن الإعلام للتوقف عن تمويل الإرهاب في الداخل السوري٬ وإن كان يحاول أن يرمي بورقة تسليح الدول الخليجية على الطاولة كواحد من المغريات الأميركية للخليجيين٬ فإن واشنطن تحاول في زاوية مهمة من الأزمات التي تمر بها المنطقة أن تتصيد صفقات كبرى تضخ إلى الخزينة الأميركية المليارات من الدولارات الضرورية لواشنطن لمواجهة العديد من الأزمات الداخلية.

 

وبالعودة إلى زيارة المعلم إلى طهران٬ يقرأ الملف السوري على إنه يتجه بفعل رياح التوافقات الدولية الناتجة عن الاتفاق النووي نحو الانفراج٬ لأن ناتج ما تحاوله أوروبا ومن خلفه أميركا من الذهاب نحو سوق الاستثمار الإيراني٬ يجب أن يصب في خانة المنطقة الهادئة٬ وبالمبادرة الإيرانية٬ تقدم طهران لأعداء سوريا المبرر المنطقي والعلمي للاستدارة في الملف السوري وتغير الاتجاه من كون هذه الدول الأوروبية من الداعمين الأساسيين للإرهاب في الداخل السوري من خلال التسليح المباشر أو الدعم السياسي والإعلامي٬ إلى دول تبحث عن تنسيق أمني مع الدولة السورية للقضاء على داعش٬ على أن يبدأ هذا التنسيق بعد حل الشق السياسي من الأزمة السورية٬ ما يمهد لعملية القضاء على الإرهاب والوصول إلى المناخ المناسب للاستثمار المتضرر من المبادرة الإيرانية المعدلة سيكون الدول التي ترفض أن يكون ثمة حل للملف السوري٬ وهذه الدول بشكل أساسي كل من قطر وتركيا والحكومة الإسرائيلية٬ والسعودية بنسبة أقل ٬ وتفسير ذلك أن الحكومة القطرية التي تحاول أن تجد لنفسها مكاناً متقدماً في مجلس التعاون الخليجي لتكون الحليف الأقرب إلى الإدارة الأميركية خليجياً٬ تحاول في الوقت نفسه أن تزيح المملكة السعودية من صادرة المشهد الخليجي٬ وهذه الإزاحة تحتاج إلى تطبيع أكبر مع الكيان الإسرائيلي.

 

لذا يلمس من خلال التقارير “الإعلامية التنافس الشديد بين قطر والسعودية على خطبة ود “تل أبيب في حين أن تركيا التي تحاول حكومة حزب العدالة والتنمية أن تجعل من أراضيها الخزان النفطي والغازي للمنطقة قبل التصدير نحو أوروبا٬ تجهد ليكون رئيسها رجب طيب أردوغان في صورة الإسلامي الأكثر تحضراً٬ وهذه الصورة تحتاج إلى صناعة إعلامية مشتغل عليها٬ ولكون الرئيس التركي يرى في ضرب الدولة السورية تقربا من الكيان الإسرائيلي وتعميقاً لعلاقته مع قطر٬ سيبقى على الموقف السلبي إلا إذا ما ضغط عليه أميركيا بورقة سياسية مبررة للموقف٬ في حين أن تل أبيب ترفض أن يكون ثمة هدوء أو علاقة هادئة مع إيران وسوريا٬ لذا ستحاول أن بتحشيد المعارضات السورية الخارجية .لرفض المبادرة الإيرانية المعدلة٬ على الرغم من منطقيتها في الطرح أما المملكة السعودية٬ فإن معيار تضررها من المبادرة الإيرانية مرتبط بمعيار قبول الولايات المتحدة الأميركية بهذه المبادرة٬ هذا من جهة٬ ومن جهة ثانية سيكون لزاماً على السعوديين البحث عن تعويضات سياسية ومادية لما خسرته في الملف السوري عبر دعمها للإرهاب على امتداد الأزمة السورية٬ لكن المبادرة الإيرانية تبقى هي أقوى الطروحات الموجودة على طاولة النقاش في العالم حيال الملف السوري٬ ولعل لقاءات الدوحة٬ وما سينتج عن اللقاءات الإيرانية السورية الروسية في العاصمة طهران خلال فترة تواجد كل من وزير الخارجية السوري وليد المعلم وممثل الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف٬ سيكون خارطة طريق لحل الأزمة السورية بشكل نهائي٬ وبذلك يكون محور المقاومة قد دخل في مرحلة الرتوش الأخيرة لإعلان النصر المطلق على المحور المعادي له.

السابق
رحيل الفنانة المصرية ميرنا المهندس بعد صراعها مع المرض
التالي
الحرارة تنخفض اليوم.. ولكن