لهذه الاسباب تستنزف الزبداني حزب الله والجيش السوري ..

تختلف معركة الزبداني بشكل كبير عن معركتي القصير ويبرود. بعد مرور أكثر من شهر لا تزال المعارك في الزبداني تراوح مكانها، على الرغم من القصف اليومي العنيف، والدمار الكبير الذي لحق بالمدينة.

لا يزال حزب الله والجيش السوري على حدود البلدة القديمة في الزبداني التي يتمركز فيها مسلحو المعارضة، ولم يسجل حتى اللحظة خرق حقيقي في تحصينات المسلحين داخل المدينة. ليس غريبا أن تسقط المدينة الساقطة عسكريا أصلا، والمحاصرة منذ أكثر من أربعة أعوام، لكن اللافت للإنتباه هو صمودها كل هذا الوقت، وتكبيدها لحزب الله والجيش السوري خسائر فادحة. ولعل السّبب الأساسي يعود إلى تطوّر قدرات المقاتلين، وتعاظم خبراتهم العسكرية، بعد مشاركتهم في معارك عدة.

فمعظم العناصر التي كانت تنتمي لكتائب المعارضة كانوا من الفلاحين ومن الأساتذة والعمال والمهندسين والبعض منهم أطباء أسنان كما قال أوباما، وبالتالي كان من السهل هزيمتهم في بداية الأزمة. أما اليوم، فالوضع تغيّر، وبات الثوّار أكثر حنكة وتمرّسا على القتال. بالمقابل، كان يعتمد حزب الله في معاركه التي خاضها خلال السنتين الماضيتين على قوات النخبة، أما اليوم فقد أضحى بعد مقتل المئات منهم يستقطب الشبان الصغار الذين لا يملكون الخبرة القتالية الكافية.

اليوم أصبح مقاتلو المعارضة أكثر حنكة وتمرّسا على القتال

وإلى جانب كل ذلك، فإن أهل الزبداني معروفون بعنادهم وصلابتهم وشراستهم. فهم من الأوائل الذين رفعوا السلاح في وجه الجيش السوري، وكانت مدينتهم أول مدينة تخرج من قبضة النظام، وفيها دمرت أول دبابة، وكان لهم دور بارز في معارك الغوطة وداريا ومسرابا والقلمون. شكلوا رأس الحربة في السيطرة على كتيبة الدفاع الجوي في أوتايا في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وعلى مستودعات دنحة المحصنة في القلمون.

المدينة تتعرض لقصف شبه يومي منذ سيطرة قوات المعارضة عليها

وأيضا من العوامل التي ساعدت المقاتلين على الصمود، ومنحتهم قدرة أكثر على المناورة، هو الدمار الهائل الذي لحق بالمدينة، حتى قبل المعركة، فالمدينة تتعرض لقصف شبه يومي منذ سقوط المدينة بيد المعارضة حتى الآن. وبحسب خبراء عسكريين، فإن المبنى المدمّر بالنسبة للمقاتل أفضل من المبنى السليم. لأن المنازل والبيوت حين تتهدّم، تتحوّل إلى كتل خراسانية ودشم، تمكن المقاتل من الاختباء، والتنقل بشكل أفضل، وتمتصّ عصف البراميل المتفجرة والصواريخ والقذائف، وتحدّ من أضرارها وقوة تدميرها، وتمنع النّظام من اتباع سياسة الأرض المحروقة، كما حصل في القصير.

الثوار ينتظرون عناصر حزب الله بفارغ الصبر كي يدخلوا الى البلدة القديمة

ومن العوامل الفارقة في هذه المعركة، هو انتماء جميع المقاتلين إلى هذه المنطقة، فكل المسلحين هم من أبناء الزبداني، ولا يوجد بينهم مقاتلين غرباء، ويعرفون بعضهم جيدا، وهم أدرى بمداخل المدينة ومخارجها وأحيائها، ولا سيما أن طرقها متداخلة بشكل كبير، وضيّقة وخصوصًا في الحي الغربي،الأمر الذي يتيح لهم قدرة أكبر على المناورة، ونصب الكمائن للقوات المهاجمة.

القصير

وقد خصّ أحد مقاتلي المعارضة «جنوبية» بحديث قال فيه “نحن ننتظر مقاتلي حزب الله وماهر الأسد بفارغ الصبر كي يدخلوا الى البلدة القديمة، وتتحوّل المعركة من قصف بالبراميل والصواريخ الى قتال شوارع. في مدينة القصير ويبرود انسحب المقاتلون، اما هنا فالانسحاب غير وارد حتى لو فتحوا لنا طريقا آمنا، نحن تبايعنا على الموت، ولا خيار امامنا سوى الاستشهاد على أرضنا، لكن بعد أن نقتل منهم المئات، ونكبّدهم خسائر فادحة، تفوق أضعاف ما خسروه في يبرود والقصير وحرب تموز”.

لا شك أن هذه العوامل قد تساهم في إطالة أمد المعركة واستنزاف حزب الله والجيش السوري أكثر فأكثر، ولكن من الصعب أن تحول دون سقوط المدينة، بسبب الحصار المحكم، وعدم وجود أي خط إمداد، وارتفاع عدد القتلى والجرحى، ونقص السلاح والغذاء، وفقدان التوازن العسكري في العديد والعتاد.

السابق
آخر توقعات ليلى عبد اللطيف..
التالي
طقس لبنان لليومين المقبلين