أردوغان و«داعش» يضربان الأكراد !

الاكراد

الحرب على “داعش” لا تشكّل أولوية في حسابات رجب طيب اردوغان، بمقدار ما تشكّل قناعاً للتغطية على المعركة الواسعة التي بدأها ضد الأكراد سواء في الداخل أو في شمال سوريا والعراق. كان هذا واضحاً منذ اتفاقه مع الأميركيين في السابع من الشهر الجاري على مقايضة رأس “داعش” برأس “حزب العمال الكردستاني” وعلى فتح القواعد التركية أمام أميركا مقابل الحصول على المنطقة الآمنة في شمال سوريا، التي طالما طالب بها لجعلها مقبرة لحلم الأكراد بالحصول على شيء من الحكم الذاتي ان لم يكن على دولة قد تسمح بقيامها عملية تقسيم سوريا.

وهكذا لم يكن مفاجئاً ان تقوم المقاتلات التركية بدك مواقع “حزب العمال الكردستاني” لليوم الرابع على التوالي، في حين لم ترد أنباء عن قصف مواقع “داعش”، بينما الصورة في الغرب ان تركيا تنخرط في قتال التنظيم الارهابي، وهذا يعني ان واشنطن أبتلعت طعماً جديداً، لأن اردوغان يقصف الأكراد في الخارج ويشن حرباً شرسة في الداخل على حزب الشعوب الديموقراطي الذي كان قد ألحق به الهزيمة في الانتخابات الأخيرة عندما حصل على ٨٠ مقعداً في مجلس النواب.

أردوغان الذي كان قد أعلن بنفسه عام ٢٠١٢ عن اتفاق السلام مع “حزب العمال الكردستاني”، يقول الآن ان من المستحيل مواصلة هذه العملية، ويرسل مقاتلاته لشن حرب واسعة على الأكراد، في حين يطلق حرب اتهامات لزعيم حزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دميرطاش، عندما يدفع النيابة العامة الى فتح تحقيق يتّهمه بالتسبب باضطرابات في النظام العام وبالتحريض على العنف، لأنه دعم التظاهرات الكردية احتجاجاً على عدم تحرك أنقرة لدعم كوباني!

من زاوية معينة يبدو اردوغان شريكاً لـ”داعش” الذي يهاجم بعض المناطق الكردية، ثم أنه منذ الافراج السلس عن الرهائن في القنصلية التركية في الموصل، ومع الانتقال السلس للمقاتلين الارهابيين عبر الحدود التركية للالتحاق بـ”داعش”، أجمعت التقارير منذ عامين على ان انقرة توفّر التسهيلات للتنظيم، وبهذا يكون اردوغان قد تفوّق على بشار الأسد في استثمار “داعش”!
الاسد يزعم انه قاتل “داعش” ويقاتل الارهاب الذي ظهر نتيجة مذابحه ضد الشعب السوري، واردوغان يزعم انه التحق ولو متأخراً بالحرب على “داعش”، لكن الأمر يبدو حتى الآن مجرد تعمية لتغطية حربه على الأكراد. واذا كان دميرطاش يرى ان حرب اردوغان على “داعش” مجرد خدعة، فإن الهدف الأساسي هو تغطية عملية التدمير الانتقامية من حزب الشعوب الديموقراطي الذي ألحق به هزيمة مذلّة في الانتخابات الأخيرة .

أردوغان ليس مستعجلاً على رأس “داعش” لأنه يوفّر له الغطاء لمحاولة قطع رأس الأكراد، لكن اوقاتاً عصيبة تنتظر تركيا !

(النهار)

السابق
«حزب الله» خسر عبارة «فدا السيّد»
التالي
ارسلان: الجيش هو الرهان الوحيد المتبقي لحفظ لبنان