السيّد محمد حسن الأمين(3)‎: الحريّة لا تتعارض والمقدسات الدينيّة

مقتطف: بين الحريّة والمقدّسات الدينيّة عداء، هذا ما يقوله المحدثون العلمانيون ناقدو الدين، وحجتهم أن التقديس يغيّب العقل ويعمل بإيحاء خالص من العاطفة الدينية ولا يتيح مجالا للنقاش، فهل يمكن للمتديّن الذي يقدّس انبياء وأولياء وشعائر أن يكون حرّا؟

يجيب العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين قائلا: “في المبدأ نقول بأن الإسلام هو الذي أقرّ حريّة الكائن الإنساني، أي المبدأ الذي يعني أن من حق الإنسان أن يتساءل وأن يبحث وأن يشك وأن يتيقّن خصوصاً. ولأنّ الحرية كما قلنا هي مسؤولية، فلا يمكن بدون إعمال العقل والفكر أن يمارس المرء الحريّة بوصفها تعبيراً عن الهوى والعزيزة وعما يسيء ويضرّ الآخرين. بالتأكيد فإن للأديان مقدّساتها التي يحافظ عليها الناس ويعتبرونها جزءاً من عقيدتهم وكرامتهم. وهو أمر يتيح للآخر أن يناقش هذه العقائد والمقدسات، ولكن ليس من الحرية في شيء أن يتعرّض بالشتم والسخرية لها. وبالتالي فلا يعدّ هذا تقييداً للحرية ولكنه جزأ من قواعد الحرية نفسها التي يشترط فيها أن تتسع للرأي الآخر وأن تحترمه حتى عندما تكون رافضة له”.

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الامين (2):الحرية الفكرية أطلقها الإسلام وقيّدها الحكام‏

ويضرب السيّد الأمين مثلا فيقول: “إذا أردنا أن نعطي مثلاً صريحاً فاضحاً في هذا المجال لنفترض أن أحدهم لا يؤمن بوجود الله، ويملك هذه القناعة، فالسؤال هنا، هل من حق هذا الفرد أن يكون ملحداً؟

الجواب على ذلك أن من حقّه ان يكون ملحداً، ولكن ليس من حقّه في مجتمع اختار أفراده الولاء للإسلام، أن يحوّل إلحاده إلى رسالة يبشّر فيها في هذه المجتمعات المتديّنة المؤمنة وإن كان من حقه أن يناقش بعض المؤمنين فيما يعتقدونه وما يعتقده”.

وحول أنواع المقدّسات الاسلامية والفروقات بينها يشرح السيّد الأمين: “الاسلام في صورة عامة وفي المذهب الشيعي الاثني عشري تجد فيه مجموعة من العقائد هي بطبيعة الحال متشابهة ومتماثلة بين الفريقين السنّي والشيعي. لكن يوجد عقائد خاصة بالشيعة، وعقائد خاصة بالسنّة. وبصورة عامة فإن العقائد المختلف عليها لا تخرج أحد المذهبيين من الإسلام، وذلك لأن هذا الاختلاف هو وجه من وجوه الاجتهاد والنظر. في الإسلام لا يمكن الحكم بالكفر على أي مسلم يتمسّك بالعقيدة الأساسية وبأصول الدين الثلاثة، وهي التوحيد والعدل والنبوة وهذا ما أسميه بالمقدسات الإسلامية التي تحصّن الفرد المسلم ضد أي شكل من أشكال التكفير.

أما فيما يخص بعض المعتقدات غير الأساسية فإنها قد تشكّل موضوعاً للاختلاف وأبرز صورة لهذا الاختلاف هو موضوع الإمامة والعصمة بين الشيعة والسنّة. فإذا لم يؤمن أحد من المسلمين بموضوع الإمامة والعصمة فهذا لا يخرجه من الإسلام وإن كان يخرجه من المذهب الجعفري الذي يشكّل هذا الإعتقاد ركناً أساسياً منه.

أما بالنسبة للسنّة النبوية، فهناك إجماع بين المسلمين على وجوب الأخذ بها بعد القرآن، ولكن الاختلاف هو على تحديد ما هو رواية صحيحة عن النبي أو رواية غير صحيحة، ولكن متى اعتقد المسلم بأن الخبر المروي عن النبي صحيح فعليه التمسّك به”.

إقرأ أيضاً: السيّد محمد حسن الأمين: مبدأ العداوة في الإسلام غير موجود

يختم السيّد الأمين مؤكّدا أن لا تعارض بين حريّة اعمال العقل والإيمان بالمقدسات فيقول: “من وجهة نظرنا أن سنّة رسول الله (ص) يوجد فيها جانبان أحدهما تشريعي والآخر تدبيري. والدليل على ذلك أن النبي (ص) كان يستشير أصحابه وكان يعمل أحياناً بمبدأ الشورى. ونلاحظ أن مورد الشورى كان من الأمور التدبيرية المقدسات العقل. ولا يوجد في الشريعة ما يتنافى مع أحكام العقل. ولو جد شيء يتنافى مع أحكام العقل ويؤدي إلى التناقض فلا يوخذ به ولا يعمل به على الإطلاق. وما يرد مخالفاً للعقل هو ليس شريعة أصلاً. والعقل الذي نتحدث عنه هنا ليس العقل الذي هو عقل فردي او مشابه لما هو مزاج. فبعض الناس لا يتقبل عقله فائدة الدعاء إلى الله في أمر من الأمور، ولا يعتقد أن هذا الدعاء يؤثر في تغيير الواقع….”.

السابق
عن أم الضحية ياسر علي شهلا التي ثارت ضد مسؤولي حزب الله
التالي
سنة ثانية سيوف الجيش تفتقد الرئيس واشنطن تؤكّد عدم تغيّر التزاماتها اللبنانية