إيران على أقل من مهلها!

من الأسئلة البديهيَّة التي طرحت على نطاق واسع بعد “الاتفاق النووي”، والتي ستزداد انتشاراً والحاحاً على صعيدي الوضع الملتهب في المنطقة العربية والوضع القلق على المستوى الدولي بصورة عامّة، هذا السؤال: أين كانت إيران وسياساتها وعلاقاتها، واين أصبحت؟ وما الذي تغيَّر أو المنتظر تغييره مستقبلاً، سواء في المنطقة أو على المستوى الدولي؟

ماذا عن الزيارة المبكرة والعاجلة التي سجَّلها وزير الخارجيَّة الفرنسيَّة لوران فابيوس لطهران، والتي عاد منها شبه خالي الوفاض، وخصوصاً من زاوية الوضع في لبنان والفراغ الرئاسي واستعداد أو عدم استعداد ايران للتدخّل السريع عَبْر حلفائها المعروفين بتأثيرهم المباشر والقوي في الأزمات اللبنانية بصورة عامة؟
الجواب الذي أنتجته زيارة فابيوس، وفق التحليلات العاجلة الواردة من طهران وباريس، لا يطمئن القلقين والمستعجلين ولا يضاعف قلقهم.
فالوضع في ايران لا يزال على حاله. وليس في المحادثات التي أجراها الوزير الفرنسي مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف، ثم مع الرئيس حسن روحاني، ما يوحي بأي متغيرات. بأي جديد بصورة عامة، وبالنسبة الى مختلف السياسات والأزمات التي لايران علاقة ما بها، مباشرة أو بواسطة الحلفاء.
والانطباعات ذاتها تنطبق على الوضع اللبناني، وخصوصاً بالنسبة الى الفراغ الرئاسي والاضطرابات السياسيَّة التي بدأ يستولدها هذا الفراغ، والتي تحمل في طيّاتها تهديدات مباشرة للتركيبة والصيغة اللتين يستند اليهما النظام اللبناني شبه الوحيد في المنطقة.
وفيما يرى بعض الخبراء والمحللين أن طهران ليست مستعجلة في اتخاذ قرارات جديّة، ومجدية، بتغيير سياساتها، ومواقفها، وتحالفاتها في المنطقة على الأقل، تعتقد باريس ان الزيارة التي سيقوم بها الرئيس روحاني بعد أشهر قد تنتج بداية واضحة لمتغيّرات محدودة وغير قريبة في السياسة الايرانية بصورة عامة.
وقد تأخذ وقتاً طويلاً، وعلى أقل من مهلها، وريثما تنفتح كل الأبواب المغلقة، وتحديداً أبواب الصناديق الحديد حيث تتكئ المليارات الايرانية منذ عقود، قبل أن يلمس العالم أية متغيرات جادة وفعّالة وجديدة تحمل الهويّة الايرانية والهوى الايراني.
إلا أن ما اعتبره البعض خيبة بالنسبة الى نتائج زيارة فابيوس قد عوَّضه أو أزاله كلام الرئيس نبيه برّي حين دعا اللبنانيين الى التعامل”بتبصّر وحكمة لحماية البلد وتمرير هذه المرحلة”، كون لبنان والمنطقة “في مرحلة انتقالية استثنائية وتاريخية بعد الاتفاق النووي”.
قد يكون الحق مع برّي والحق على فابيوس!

(النهار)

السابق
لبنان وأزمتا النفايات والخيارات
التالي
ماذا يوجد بين وائل كفوري وجيسيكا عازار؟