وزير الداخلية: لا نفايات في بيروت اليوم الحكومة تترنح.. ومخاوف على الاستقرار؟

نهاد المشنوق

كتبت صحيفة “السفير” تقول: لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني والثلاثين بعد الأربعمئة على التوالي.
لأهل بيروت أن يتنفسوا الصعداء اليوم إذا صحّت آخر وعود حكومتهم بإخراج عشرات آلاف أطنان النفايات من شوارع مدينتهم، وجمعها في عدد من الأمكنة بصورة مؤقتة، إلى حين التوافق سياسيا وتقنيا على قضية المطامر، ثم المحارق، خصوصا أن وزير الداخلية نهاد المشنوق كان جازما بقوله لـ”السفير” ليل أمس “لا نفايات في كل العاصمة بيروت مساء هذا اليوم”.
ولمجلس الوزراء في جلسته المقررة اليوم أن يناقش الخيارات المتاحة في ضوء اقتراحات اللجنة الوزارية، وأن يقتدي بمحافظ بيروت زياد شبيب بإعلان حالة طوارئ بيئية، لأجل عدم تكرار ما حصل على مدى 12 يوما من العجز واللامسؤولية في إدارة ملف حيوي وحساس.
وللبنانيين أن يتفحّصوا عداد فراغهم الرئاسي والتشريعي وساعات تقنين المياه والكهرباء المتزايدة، وأيام تراكم النفايات وقطع الطرق ورواتبهم المهددة بعد أقل من شهرين، وضباطهم المتخرجين من الكلية الحربية للسنة الثانية على التوالي بلا احتفال وهذه المرة بلا نجوم…
كل هذه العناوين وغيرها إن دلّت على شيء انما على الافتقاد للدولة أولا وللإدارة السياسية ثانيا والشجاعة والمبادرة ثالثا.
للبنانيين أن يواكبوا بدءا من هذا اليوم، كيف يبدأ العد العكسي لآخر أيام حكومتهم، بوصفها آخر المؤسسات الدستورية الحية.
لهم أيضا أن يترقبوا، وبفعل الإقحام القسري للبنان في الاشتباك الإقليمي المتصاعد، كيف تتوالد ديناميات أخذ البلد من فشل إلى فشل ومن مجهول الى مجهول.. فهل صار يحق طرح سؤال ما اذا كنا نقترب شيئا فشيئا من لحظة المحظور.. والخطر الكبير؟
بلغة المبالغات اللبنانية، صار التكفيري الانتحاري وقاطع الطريق والخاطف للفدية والقاتل المأجور واللص.. كل هؤلاء يستطيعون أن يؤدوا “وظائفهم” وهم “مطمئنون” الى أن لبنان محمي بمظلة أمان اقليمية ودولية!
غير أن التدقيق في ما يمكن أن يرتسم من سيناريوهات في الآتي من الأيام قد يعطي أجوبة مغايرة. يكفي أن رئيس الحكومة تمام سلام عندما كاد يقدم استقالته، قبل ايام قليلة ببيان يذيعه من السرايا الكبيرة، همس في آذان المحيطين به أنه يخشى أن تكون المظلة التي جعلت الحكومة تصمد لسنة ونيف لم تعد موجودة اليوم.
واذا كان الجواب النظري الأسهل عند معظم السفراء وأهل السياسة أن الانفجار في لبنان ممنوع، وأن الحكومة ومعها الاستقرار “أقوى من قدرة أي طرف محلي على المسّ بهما أو تعريضهما للاهتزاز”، فإن رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، عبّر للمرة الأولى منذ سنوات الأزمة السورية، عن خشيته من أن مظلة الاستقرار بدأت تتلاشى، وقال لـ “السفير” إنه بات يخشى على مستقبل الحكومة، وهو سيجري مشاورات سياسية مكثّفة سيدشّنها مع عين التينة في الساعات المقبلة.
ورأى أن حكومة الرئيس تمام سلام “تمثّل آخر صمامات الأمان الداخلية”، وشدد على وجوب التمسك بها، مشيرا إلى أنها ضرورة للجميع، منبها إلى أن انهيارها ينطوي على مغامرة متهورة، خصوصا ان الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة، باعتبار أن التفاهم على رئيس توافقي ليس ممكنا في المدى المنظور.
قد لا تكون مقاربة جنبلاط في محلها، وهو لا يدعي ذلك، لكن التجارب التاريخية في لبنان، كما في غيره من البلدان، تشي بأن التراكمات قد تجعل المحظور من أي نوع كان مسارا متدحرجا وليس بالضرورة قرارا تم تحديد ساعته الصفر.
ولعل التراكمات كثيرة. فمن يملك تفسيرا لكل ما جرى ويجري منذ تعميم شريط تعذيب سجناء روميه مرورا بالتعيينات الأمنية وآلية مجلس الوزراء وصولا إلى النفايات ـ الفضيحة؟
من يفسر هذا النزول العشوائي المتكرر إلى الشارع بعناوين سياسية ودستورية وبيئية وطائفية؟
من يفسر حرص الداخل والخارج، من دون استثناء على هذه الحكومة، وعدم استعداد أحد لتقديم مبادرة تنزع الألغام والقنابل التي ترمى بوجهها؟
من الواضح أن الكل يشد أحزمته في المنطقة، وخصوصا السعودية المتوترة أكثر من أي وقت مضى، غداة التفاهم النووي، ولا أحد في الخارج القريب يملك ترف الإقدام على أية خطوة قد تفسر تنازلا من هنا أو هناك، بل لعل المطلوب من اللاعبين المحليين رفع مستوى جهوزيتهم واستنفارهم لمواكبة اللاعبين الكبار، وخصوصا من يكابر منهم ويحاول أن يعاند التطورات المتسارعة في المنطقة الى حد تدفيع لبنان ثمن التوتر الاقليمي.
وليس خافيا على أحد أن استمرار غياب زعيم “تيار المستقبل” عن بلده وجمهوره، لا يبدو أنه قراره الشخصي بدليل أنه بات يستدرج فراغا ويفسح المجال أمام ولادة ظواهر تتمرد على خياراته، من مسقط رأسه صيدا إلى أقصى عكار مرورا بالعاصمة وإقليم الخروب والبقاع، والأمثلة أكثر من أن تحصى وتعد.
حتى أن فسحة الحوار التي كانت مفاعيلها النفسية ايجابية أكثر من ترجماتها العملية، تبدو أيضا في خضم الأسئلة من هنا وهناك الى حد المغامرة في طرح السؤال: هل أن جولة الحوار المقررة الأربعاء المقبل في عين التينة قد تكون آخر الجلسات الحوارية بدليل الهمس المتصاعد ضمن “تيار المستقبل” حول جدوى استمرار حواره مع “حزب الله”، وبدليل القناعة شبه الراسخة لدى “حزب الله” أنه لم يعد قادرا على تقبل لعبة المزاوجة بين مقتضيات خطاب عين التينة “الهادئ” وبين ضرورات مسايرة الجمهور بخطاب ناري عالي السقف.
ولذلك، ثمة من أسرَّ في أذن راعي الحوار الرئيس نبيه بري بأن الأمور ليست على ما يرام ولا بد من إعادة نظر وتقييم لئلا يتحول الحوار إلى عبء على طرفيه، فلا يكون أمامهما سوى تركه والذهاب إلى ساحات الاشتباك.. وصولا الى ادخال لبنان في خضم المحظور.
وليست “الحركات” التي يقوم بها وزير الدفاع سمير مقبل، عشية التمديد الحتمي لرئيس الأركان اللواء وليد سلمان، والتي قادته إلى الرابية وكليمنصو تحديدا، سوى محاولة تجميل لواقع لن يكون بمقدور أحد ترميمه عندما تتخذ الأمور منحى دراماتيكيا.
آخر المعلومات تفيد في هذا السياق أن العماد ميشال عون أبلغ تياره ومناصريه أنه بمجرد صدور قرار التمديد لرئيس الأركان في السادس من آب المقبل، لن يكون هناك خروج من الشارع قبل العودة عن هذا القرار.
وعندما سئل “الجنرال” ماذا إذا سار خصومك بفرضية المستحيل بقبولهم بك رئيسا للجمهورية مقابل تمرير التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في الثلث الأخير من أيلول، كان جوابه أن زمن الابتزاز “قد ولّى وأي طرح مقرون ببقاء قهوجي ومخالفة القانون والدستور مرفوض مني جملة وتفصيلا”!
وجدد “الجنرال” قوله إنه سيمضي بالمواجهة المفتوحة وغير المقيدة بحدود مع هذه الحكومة اذا قررت مخالفة الدستور ومضمون الشراكة.. “فاما نكرس الوفاق أو الانفجار”

السابق
دوّامة المطامر: مَنْ يطمر الحكومة بعجزها ؟ لا استقالة ولا اعتكاف في جلسة اليوم
التالي
حمد: الحريري رعى الخطة وشدّد على منع إذلال العاصمة «خطة طوارئ» لبيروت بانتظار الحل الوطني