ما هو المعنى الحقيقي للعلمانيّة؟

الأزمة الكبرى والخطيرة للغاية أنهم لا يفرقون في العالم الإسلامي بين العلمانية/ والالحاد! وهما شيئان مختلفان ومتباعدان عن بعضهما البعض بُعْد َالسماء عن الأرض.

الحكم الإلحادي هو ذلك النظام الديكتاتوري الذي فرضه جوزيف ستالين على الاتحاد السوفياتي حيث اضطهد الأديان والمتدينين من كل الأنواع والأصناف. بل ومنع ممارسة الشعائر والطقوس أو الذهاب إلى الكنيسة يوم الأحد أو إلى المساجد يوم الجمعة، الخ..

هذا إلحاد حقيقي، هذا كفر محض. أما الحكم العلماني فيفعل العكس تماما. إن العلمانية تحمي كل الأديان والمذاهب المتواجدة على أراضيها وتؤمن للجميع أداء الطقوس والشعائر إذا شاؤوا. ولكنها لا تجبر أحدا على التدين إذا لم يشأ.

إذا لم تكن راغبا في الذهاب إلى الكنيسة فلا أحد يجبرك على ذلك ولا أحد يستطيع أن يضطهدك إطلاقا اذا لم تذهب.

ولا تفقد وظيفتك أو عملك لأنك غير متدين ولا يستطيع جارك أن يشي بك أو يهددك أو ينظر اليك شذرا.

هذه مسألة شخصية بينك وبين ربك وهو وحده الذي يحاسبك عليها يوم القيامة.

هذه هي العلمانية. إنها الحرية الدينية بكل ما للكلمة من معنى. إنها أرقى نظام توصلت اليه البشرية على مدار تاريخها الطويل.

يضاف إلى ذلك أن النظام العلماني لا يفضل دينا معينا على بقية الأديان أو مذهبا معينا على بقية المذاهب المتواجدة في الدولة كما تفعل الدولة الدينية الطائفية القديمة التي سادت العصور الوسطى ولا تزال سائدة في أنحاء شتى من العالمين العربي والإسلامي.

فمثلا الدولة الفرنسية الحديثة لا تعطي أيّة امتيازات للدين المسيحي أو للمذهب الكاثوليكي على الرغم من أنه يشكل تسعين بالمائة من الشعب الفرنسي. فالمذهب البروتستانتي الذي لا يشكل إلا اثنين في المائة له نفس الحقوق. بل وحتى الاسلام أو اليهودية لهما نفس الحقوق. الدولة الفرنسية العلمانية تتخذ موقفا حياديا كل الأديان والمذاهب المتواجدة على الأرض الفرنسية. إنها تحترمها كلها دون أن تجبر أبناء الأقليات على اعتناق الدين الغالب أو المذهب المسيطر. إنها لا تعتقد بوجود الفرقة الناجية (أي المذهب الكاثوليكي البابوي) وبقية الفرق والأديان في النار!

هذا شيء عفا عليه الزمن في بلاد الحداثة والعلمانية وحقوق الانسان والفلسفة التنويرية برمتها. ولكن هذا ما كانت تفعله الدولة الدينية الأصولية التي كانت سائدة في فرنسا طيلة العصور الوسطى قبل انتصار التنوير والثورة الفرنسية والعلمانية. وبالتالي فالدولة العلمانية تناضل ضد دولتين: الدولة الإلحادية الشيوعية والدولة الدينية القديمة سواء أكانت طائفية أم مذهبية. أرجو أن نكون قد فهمنا معنى كلمة علمانية في العالم الاسلامي

السابق
فضيحة جنس ومخدرات لنائب رئيس مجلس اللوردات البريطاني جون بتيفانت سويل
التالي
سؤال «لئيم» لأهالي الإقليم: لماذا لا تعترضون على معمل سبلين؟