قطع طريق الجنوب سياسي ضد حزب الله أم مطلبي ضد النفايات؟

مع استمرار أزمة النفايات في بيروت وضواحيها للأسبوع الثاني على التوالي، كان للحكومة اللبنانية ووزير البيئة محمد المشنوق اقتراحات من أجل إزالة النفايات التي ملأت شوارع العاصمة ونقلها إلى مطامر مؤقتة. وآخرها اقتراح إنشاء مطمر في اقليم الخروب، ما استدعى ردّة فعل شاجبة من قبل أبناء المنطقة.

تعددت الإقتراحات بين منطقة وأخرى من قبل المعنيين لنقل النفايات، من صيدا إلى البقاع وصولاً إلى عكار ومرورًا بإقليم الخروب من دون وضع خطة مدروسة وعلمية تطمئن أهالي هذه المناطق على صحتهم وصحة أبنائهم. فما كان واضحًا للجميع أنّ نقل النفايات وطمرها سيتم بطريقة غير علمية وبالتالي ستشكل خطرًا صحيًا وبيئيًا.

 

لذلك كان من الطبيعي أن تواجه هذه القرارات والحلول العشوائية التي يقترحها وزير البيئة، من قبل اهالي البلدات التي زجّ اسمها في الملف كحل مؤقت. ومن بينها بلدات إقليم الخروب التي وصلتها مساء السبت أخبار بأن هناك قرارا اتخذ بنقل نفايات بيروت إلى عقار يملكه النائب وليد جنبلاط في بلدة سبلين، فهبّ أهل برجا والجية وسبلين وكترمايا.. وأقفلوا الأتوستراد الساحلي الذي يربط بيروت بالجنوب من الإتجاهين منعًا لوصول أي شاحنة إلى بلداتهم.

 

أهالي الإقليم انتفضوا خوفًا على صحتهم وصحة أبنائهم من مصدر جديد للتلوث في منطقتهم يضاف إلى معمل سبلين وكهرباء الجية، اللذان ينفثان يوميًا السموم في سماء الإقليم. وهو ما اعتبره العميد المتقاعد أمين حطيط “مؤامرة ضدّ حزب الله ينفذها أهالي الإقليم بأمر من النائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري”، فكتب على فيسبوك: «قطع طريق الجنوب كما يبدو ظاهره صراع بين جنبلاط والحريري على حصص في النفايات والنفوذ في الاقليم وردّ من جنبلاط على زيارة سمير جعجع للسعودية، وردّ من الحريري على مشاكسات جنبلاط هذا في الظاهر لكن يبدو حقيقته وخلفيته ابعد من ذلك وتعاكسه حيث يبدو أنه مناورة اتفاقية احتيالية بين الفريقين لاختبار قدرتهم على قطع طريق الجنوب وجس نبض الجنوبيين عامة والمقاومة خاصة لمعرفة ردة الفعل وحدودها فالامر يتصل بالتحضير لمواجهة قائمة تخشى منها السعودية في لبنان تكون بداياتها مع استقالة الحكومة ثم التعطيل و الفوضى التي قد تقود الى مؤتمر تأسيسي يطيح بالطائف وبالحكم السعودي في لبنان …المسالة ظاهرها نفايات وباطنها صراع اقليمي حول لبنان وموقعه الاستراتيجي …و احمق من يختبر القوي في ميدانه وقوته في الوقت الذي لا يملك فيه قوة على اتقاء ردة الفعل … لكن السعودية عودت العالم على القرارات الحمقاء والخيارات الاستراتجية الخاسرة فكما فعلت في اليمن وخسرته يبدو انها تفعل في لبنان وهي على طريق الخسارة فيه».

unnamed

كلام العميد حطيط، وهو شخصية محسوبة على خط 8 آذار، ربط لهذا التحرّك الاحتجاجي المطلبي بالصراعات الإقليمية في المنطقة. ومن أجل الاستطلاع واعادة التأكّد من حقيقة ما كتب، اتصلنا بالعميد أمين حطيط، فأكدّ أنّ موقفه الذي أصدره بما يتعلق بإقفال الأتوستراد الذي يربط بيروت بالجنوب هو «صادر عن قناعات ومعطيات حصلت عليها»، وتساءل عبر «جنوبية»: «لماذا تمّ قطع الأتوستراد ولم تقطع طرق مداخل البلدات؟» وأكدّ أنّ «لهذا التحرك ظاهر وباطن، فلو كان ظاهره مطلبيًا، فباطنه هو كما جاء في التحليل».

 

unnamed (1)إذًا حطيط أصرّ على موقفه بأنّ اقفال طريق الأتوستراد هو «جس نبض الجنوبيين عامة والمقاومة خاصة لمعرفة ردة الفعل وحدودها». لكن جولة ميدانية وفيسبوكية على أجواء تحرّك أبناء الإقليم، الذين قطعوا الطرق اعتراضًا على نقل النفايات إلى بلداتهم تُدحض نظرية العميد حطيط كليًا.

 

فقد أكّدت عضو بلدية برجا فاطمة الخطيب في حديث مع «جنوبية» أنّ «التحرك كان ضدّ نقل النفايات وطمرها في سبلين، وليس ضدّ أهالي الجنوب أو بيروت، هؤلاء الناس الذين نزلوا الى الشارع بمختلف انتماءاتهم عبروا عن غضبهم بتحرك سلمي وديمقراطي».

 

وبحسب أحد المشاركين، وهو رفض ذكر اسمه لـ”جنوبية”، فإنّ «أهالي برجا والجية وسبلين وكل بلدات الإقليم نزلوا الى الشارع في رد فعل عفوي، قطعوا الطرق يدًا واحدة دون الدخول بزواريب السياسة لأنّ مصلحتهم واحدة وخوفهم واحد. فعلى الأرض لا أوامر من تيار أو حزب سياسي، القرار كان واضحا وهو منع وصول أي شاحنة محملة بالنفايات إلى أي بلدة من بلدات الإقليم، وفتح الطريق مرتبط بوعود بعدم تحويل منطقتهم إلى مطمر للنفايات».

 

أمّا عن انتماء الشباب السياسي فيؤكد المصدر أنّ المشاركين ينتمون إلى كل الأطراف السياسية: شباب تيار المستقبل، والحزب التقدمي الإشتراكي والجماعة الإسلامية وكل الأحزاب. إضافةً إلى من لا ينتمون إلى أي حزب. وكان من بين المنتفضين من حملوا مسؤولية اتخاذ قرار طمر النفايات في سبلين إلى تيار المستقبل والحزب الإشتراكي.

 

كل ما سيق يظهر أنّ ما حصل في الإقليم ليس مخططًا سياسيًا، ولا علاقة له بالصراع القائم إن في لبنان أو في المنطقة… ما حصل هو تحرّك شعبي عفوي من أجل مطلب إنساني محق يتعلّق بصحّة القاطنين الآمنين في المنطقة.

السابق
كيف أن الاتفاق النووي انتصار للثورة الخضراء؟
التالي
« أزعران » أرديا المقدّم ربيع كحيل ليصارع الموت