«ستائر ممزَّقه» مجموعة شعرية لــــــ ذوقان عبد الصَّمد

“ستائر ممزَّقة”، عنوان المجموعة الشعرية الجديدة الصادرة حديثاً للشاعر ذوقان عبد الصّمد، (في طبعة أولى 2015، عن دار الفارابي في بيروت)، وتتصدّر نصوص هذه المجموعة كلماتٌ ثلاث لكل من: الشاعر البروفسور جورج طربيه، والدكتور أسعد السكاف، والدكتور الشاعر محمد علي شمس الدِّين، وتضمّ هذه المجموعة خمسة وعشرين قصيدة، موزونة ومقفّاة، بينها قصيدة يرثي بها عبد الصّمد الشاعر العربيّ الفلسطيني، الراحل سميح القاسم. وقصيدة خصَّ بها المطرب وديع الصافي، ومن أجواء هذه المجموعة هذه الأبيات من قصيدة “جبال الروكي” في كندا: خفّ العمامُ، وظلّتْ فوقُ واحدةٌ على رفوفِ أعالي السّفحِ تعتلقُ!!/ كأنّها ثوبُ غيداءِ يطيرُ بها/ خلفَ البهاءِ إلى أحلامِها الغَسَق/ تخالُها تركتْ منْ شالها نُتَفاً/ على صخورِ الذُرى بيضاءَ تأتلق/ تنساحُ عند هبوبِ الرّيح طرْحَتُها/ وذيلُ فستانِها يطفو ينزلق

ومما جاء في كلمة الشاعر شمس الدين، والتي جاءت تحت عنوان: “الزّمن الجوفيّ للشِّعر العربي”، والتي هي “نظرة (دراسة) في شِعر ذوقان عبد الصّمد: “وقد سمّيتُ هذا الزّمن للشعر العربي، الذي ينتمي إليه ذوقان عبد الصمد، كما ينتمي آخرون، وأنا منهم، على تمايزات لا تخفى على القارئ الحصيف أو الناقد المتتبع للشعر، بالزمن الجوفي، لأدلّ من خلال هذه التسمية بالذات على معنى بعينه أقصده منه أولاً ولأدل على أزمنة أخرى مغايرة لهذا الزمن، متقاطعة معه أو متنافرة أو متناحرة. فليس للشعر العربي اليوم زمن واحد بل له أزمنة متعددة. فالزمن الجوفي موصول بالأصول الشعرية بشكل أساسي… أما سائر الأزمنة فتتفاوت في ذلك ابتداءً من قلق العلاقة بالأصول وصولاً إلى القطع والتغريب وحتى القتل.

وتعدد الأزمنة علامة فيها من الخصوبة بمقدار ما فيها من الخطورة. فمن الطبيعي أن يتطور الشعر كأي كائن حيّ في الزمان والمكان، ولا مفرّ من الحداثة الشعرية لأنها قدر القصيدة، وبما أن القصيدة هي المعطى الوحيد للشعر في اللغة، فإنها متصلة اتصالاً مصيرياً بهذه اللغة، التي تخضع للتطور وتماشي حركة الوجود كواقع وكافتراض أو متخيل معاً. وكل ذلك ليس بعيداً عن الإيقاع، ولا الميتافيزيك، ولا التاريخ ولا الفلسفة.. فالتراث على سبيل المثال، ليس قبراً ننفض منه أيدينا ونقول: انتهى خلاص. بل هو طائر نغادره في أول الطريق، فنجده يحلّق فوق رأسنا أثناء سيرنا، ونجده يستقبلنا في آخر الطريق.

لذا، فالحداثيون الغربيون بخاصة، والعرب من بعد ذلك، الذين انقضّوا على الكلاسيكية انقضاضاً أعمى، فاعتبروها كما قال ماياكوفسكي عن الرومانسية “بمثابة ساق ميتة لا يحتاجها الجسد الحي”، وأسسوا على هذا الافتراض الموهوم والمشتبه، مدارسهم الحداثية من دادائية وسريالية وما بعد حداثية من تفكيكية وتدميرية… إلخ أفاقوا من غفلتهم الطويلة على خراب هائل في الجسد والروح، وعلى أعطاب لا حصر لها ولا عدّ، وكأنّ الوحش الذي أطلقوه عاد فالتهمهم… فانتبهوا إلى أنه في الحقيقة “لا شيء يضيع ولا شيء يولد، بل كل شيء يتحوّل”.

السابق
كلمة الشيخ عباس الجوهري في ندوة «مكافحة التطرف ومواجهة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط»
التالي
الراعي: مخطىء من يعتقد ان نفوذه يزيد بغياب رئيس للجمهورية