وائل كامل الأسعد: لنا حصة من تاريخ الجنوب لن نسمح بطمسها

وائل كامل الاسعد
في الذكرى الخامسة لرحيل الرئيس كامل الأسعد، "جنوبية" التقت وائل كامل الأسعد، نجله الأصغر وشبيهه و "سر أبيه". فرغم اهتمامه بدراسته الجامعية، وبمتابعة المشاكل والقضايا العقارية المتصلة بأملاك العائلة في بلدات الطيبة وجوارها، والتي يصفها بـ"مصدر الرزق الوحيد"، يظهر وائل الأسعد (24 عاما) متابعة واعية ومسؤولة لمختلف القضايا المطروحة على المستويات كافة.

إلتقينا الشاب وائل كامل الأسعد سليل العائلة الوائلية العروبية، الذي ورث من والده الكاريزما والرغبة في العمل السياسي. والده الذي هو واحد من أعمدة الجنوب اللبناني والطائفة الشيعية والذي ساهم في رسم تاريخ جبل عامل. فكان معه هذا الحوار.

كيف تعيش اليوم ذكرى مرور خمسة أعوام على رحيل والدك الرئيس كامل الأسعد؟

كسائر الأبناء، بل كسائر البشر، تتراجع مشاعر الحزن مع مرور الأيام. لكن الشعور بالفقد والفراغ والحاجة للوالد تزداد عاما بعد عام، لا سيما إننا نعيش هذا الفقد بكوننا أبناء كامل الأسعد وأسرته. بالإضافة الى كوننا مواطنين لبنانيين يفتقدون رمزية حضور كامل الأسعد ليس بشخصه وحسب، بل بالقيم والمثل التي كان ولا يزال يمثلها.

 أيهما تفتقد أكثر، كامل الأسعد الوالد أم الزعيم السياسي؟

كإبن، فإن الشعور بغيابه يستمر استمرار الحاجة إليه كوالد. فلقد رحل وأنا في التاسعة عشر وأنا اليوم في الرابعة والعشرين. ولا شك أن هناك فرقا على المستوى النفسي وكذلك على المستويين العملي والإجتماعي. أما بكون والدي زعيما وطنيا وقائدا سياسيا، فإن المشهد السياسي الراهن يؤكد الحاجة إلى رجال، قبل الحاجة الى مواقف ورؤى وخطط عمل. فالرجل الرجل هو الذي يثبت على موقفه ويكون أكبر من مصلحته الشخصية وأبعد عن عاطفته وأرفع من أي منصب أو طموح. وهذا ما لا نجده اليوم للأسف، وعلى كل الصعد، بدءا من ملف النفايات “أجلَك” مرورا بوضع المؤسسات المعطلة والفراغ الرئاسي، ووصولا الى حالة الإنقسام السياسي الحاد الذي انتقل من الشارع الى المؤسسات الدستورية فعطلها وإلى الحياة الإجتماعية فسمّمها.

في هكذا ظروف تبرز الحاجـة الماسـة والمتزايــدة الـى كامـل الأسعد، لشخصه، لنكرانـه لذاتـه، لعزة نفسه وعفتـها،  للا طائفيته، لمنهجه الدستوري المؤسساتي السليم، هذا المنهج الذي نشهد للأسف، محاولات حثيثة لطمسه ومحوه من وجدان اللبنانيين.

 ما هي محاولات الطمس تلك؟ ومن ورائها؟

الدولة بكل مؤسساتها تقاعست عن القيام بواجباتها تجاه ذكرى والدي منذ لحظة إعلان خبر وفاته، وهذا ما لا نستغربه. لكن هناك تجاهل لمحطات في تاريخ هذا البلد ولمفاصل ومواقف مدموغة بإسم كامل الأسعد، لا بل بإسم آل الأسعد كعائلة مؤسسة في هذا الكيان الحاضر. فمن البرامج الوثائقية إلى تلك التاريخية والإجتماعية تظهر جلية، عملية تشويه تاريخنا والتعتيم على محطات مشرقة ومشرفة في تاريخ الجنوب ولبنان، كان لعائلتنا الدور الأبرز فيها.

هل تتابع ما يجري في سوريا، وهل من تصور لأفق معين؟وائل الاسعد

طبعا أنا أتابع، وبغض النظر عن النهاية المتوقعة لهذه الحرب، من حيث تحديد الرابح والخاسر… فإن الغاية منها قد تحققت وهي تدمير سوريا وتقسيم شعبها على أسس مذهبية وطائفية تحقيقا للمخطط الصهيوني القديم المتجدد والذي يقضي بجعل العالم العربي كله مجموعة دويلات متناحرة. هذا المخطط الذي لم يتوقف الوالد رحمه الله عن التحذير به والتنبه لحلقاته.

 ماذا عن دور حزب الله في الحرب السورية؟

الموضوع دقيق وحساس ومعقد، فلا يمكننا تصور مشاركة فئة من اللبنانيين دون غيرهم ودون قرار حكومتهم بصراع عسكري على أرض دولة أخرى، وذلك بمعزل عن موقفنا من هذا الصراع وهذه المشاركة وعن مكامن الخطأ والصواب في ذلك. لكن التاريخ وحده يستطيع ان يحكم على صوابية هذا القرار أو عدمه. فهناك تضحيات جسيمة تقدم من خيرة شبابنا وهناك انقسام داخلي في البلد على خلفية هذا التدخل. هل هذا التدخل هو فعلا وقائي كما يزعم الحزب؟ أو هو تدخل بناء لأجندة خارجية؟ الجواب رهن الأشهر المقبلة وربما السنوات، وليس من السهل الفصل به ونأمل أن لا يفوت الأوان لذلك.

ماذا عن أصل الدور العسكري لحزب الله في لبنان كمقاومة؟

المقاومة حق طبيعي ومقدس، لكن بعد الإنسحاب الإسرائيلي صار العمل العسكري دفاعيا فقط وخاضعا للقرار الدولي 1701 . هنا نرى أن نزع سلاح الحزب بوجود عدو يتربص بنا شرا هو نوع من الإنتحار، لكن بقاء هذا السلاح دون خطة استراتيجية للدفاع تكون الدولة هي محورها نكون قد وقعنا في محظور يمس الدفاع والأمن وهما موضوعان سياديان.

لكن عندما تقوم هناك دولة، تستطيع القيام بما تقوم به المقاومة في حربها مع العدو وحماية الحدود، بعد تسليح الجيش بما يلزمه لهذه المهمة، دون اعتراضات اسرائيلية وقحة، عندها يجب العمل على الإستفادة من خبرات المقاومة وربما دمجها بالجيش إذا أمكن، لكن بقاء سلاح خارج الشرعية أمر غير صحي وغير صحيح. ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، موضوع سلاح المقاومة يعالج بمسؤولية و بعيدا عن الكيدية، ويعالج بعد جمع كل السلاح غير الشرعي المنتشر على الأراضي اللبنانية.

 ما رأيك بما تحقق في الملف النووي الإيراني؟

الملف أصبح اليوم اتفاقا، لكن المهم في هذا الإتفاق إن القضايا النووية هي واحدة من قضاياه، والتوصل الى اتفاق يعني حكما التوصل الى سلة من التفاهمات التي من شانها أن تنعكس استقرارا في المنطقة، وذلك بغض النظر عن رأينا في جوهر هذا الإتفاق وظروفه ومندرجاته.

 هل سينعكس على الأزمة اللبنانية؟

لا شك سينعكس بشكل نسبي وتدريجي. وكما تعلم فإن سياسيي هذ البلد منقسمون وموزعون على المحاور ولا يتمتعون باستقلالية سياسية كافة،  تجعل البلد بمنأى عن ما يجري في المحيط من تجاذبات، والمضحك أن بعض سياسيي هذا البلدن يضعون “إجر بالبور وإجر بالفلاحة”  ضمانا لمصالحهم.

 ماذا تقول في الفراغ الرئاسي وانت إبن  الرئيس كامل الأسعد صانع الرؤساء لعقود وعهود؟

ببساطة، وبغض النظر عن موقفنا من الدستور والشوائب التي تعتريه، فإن الإحتكام إلى الدستور هو السبيل إلى حل الأزمة الرئاسية، وهو كفيل بإصلاح الدستور نفسه. الفراغ أمر مرفوض والإنتخاب ممكن عمليا في أي لحظة، لكن كجزء من package deal وليس كموضوع منفصل. الأمر بحاجة الى بعض الوقت لمعرفة كيفية تبلور نتائج الاتفاق بين ايران والغرب والإنعكاسات المرتقبة منه.

ماذا عن دورك المستقبلي في السياسة؟ هل من برنامج للتحرك؟

نحن اليوم نتابع، ونتابع باهتمام كوننا ندعي المسؤولية، وذلك بمعزل عن الموقع الذي نحن فيه او المركز الذي نشغله. فالمسؤولية بالنسبة الينا واجب وليس رفاهية، تكليف وليس تشريف، أما المراكز والمناصب فهي أدوات ووسائل وعدة عمل ليس إلا.

 كلمة أخيرة في الذكرى الخامسة لرحيل الرئيس كامل الأسعد

أشتاق لوالدي واحتاج إليه، وإن تراجع حزني بمرور الأيام، إلا أنني يوما بعد يوم أزداد فخرا به واعتزازا بسيرته وتاريخة وإسمه المجيد. وفي الوقت عينه بدأت أستشعر ثقل المسؤولية التي تركها، في الحفاظ على الوطن والكرامة، تلك المسؤولية الشرف، التي لن نتوانى أنا وأشقائي في حملها والنهوض بها.

السابق
شرب البنزين وأضرم النار من فمه… لماذا انتحر ابن الـ23 عاماً؟
التالي
انفجار قنبلتين في خراج بلدة القاع