عرمون تقتدي بعربصاليم: فرز النفايات وإعادة تدويرها

مرة جديدة يؤكد المجتمع الأهلي القدرة على استشراف مخاطر وتحديات المستقبل، أكثر من مؤسسات الدولة، وهي غالبا ما تكون محكومة بالروتين الإداري والبيروقراطية وأحيانا كثيرة الرشى، فضلا عن الفساد في مثل حالتنا في لبنان، وما قضية النفايات الماثلة كأزمة تقارب الفضيحة وسط معالجات قاصرة عن مجاراة التطور في ميادين الفرز والمعالجة والتدوير، إلا مثالا فاضحاً تتداخل فيه مصالح السياسيين وتَحْضُر على قاعدة اقتسام المغانم في مشروعات بينت لكثيرين منهم أن النفايات يمكن أن تتحول إلى ثروة من خلال استثمارات مربحة، على غرار ما نشهده في الكثير من دول العالم، خصوصا إذا علمنا أن هولندا أزاحت السويد مؤخرا عن صدارة الدول المستوردة للنفايات في العالم. وتأتي مبادرة “تجمع عرمون بلدتي” و”الجمعية الثقافية – عرمون” لتقدم نموذجا مضيئا، ليس في ما خططا ورسما من أهداف لجهة معالجة النفايات المنزلية الصلبة فحسب، وإنما في ما استشرفا من تحديات ومخاطر منذ الوعد “الأخير والنهائي” بإقفال مطمر الناعمة – عين درافيل الذي قطعته وزارة البيئة قبل نحو ستة أشهر.

 

وفي هذا المجال التقى greenarea عضو “تجمع عرمون بلدتي” الشيخ منير الحلبي الذي عرض لهذه التجربة وما وصلت إليه على صعيد الدراسات، وصولا إلى تأمين بلدية عرمون قطعة أرض والبدء بالاجراءات القانونية لبناء معمل معالجة نموذجي، على قاعدة التكامل مع المجلس البلدي كسلطة محلية. تجربة عربصاليم وأشار الحلبي إلى “اننا كتجمع عرمون بلدتي وبالتعاون مع الجمعية الثقافية – عرمون بدأنا منذ الإعلان قبل نحو ستة أشهر عن المهلة لاقفال مطمر الناعمة نهائيا البحث عن بدائل”، وقال: “تابعنا واطلعنا على بعض التجارب في مجال معالجة النفايات في بعض المناطق ولا سيما تجربة عربصاليم الرائدة، وأجرينا اتصالات مع خبراء ومن لديهم تجربة وخبرة في هذا المجال، وتواصلنا في الوقت عينه مع بلدية عرمون، وتوصلنا إلى تبني دراسة لمشروع متكامل وفق معايير حديثة تساوي صفر نفايات، بتكلفة لا تتعدى 58 دولارا للطن الواحد، فضلا عن تحويل النفايات العضوية بعد المعالجة إلى سماد بنوعية جيدة قابلة للتسويق”.

تدوير النفايات

ولفت إلى أن “المصنع قادر من خلال معدات حديثة أن يقوم بفرز النفايات، فيما سنعمل بخط مواز على تعميم وتحفيز المواطنين على الفرز من المصدر لتقليل حجم النفايات لاحقا”، وأشار إلى أن “الفرز سينجم عنه موادا قابلة لاعادة التدوير: خشب، بلاستيك، زجاج، كرتون واطارات (كاوتشوك)، والنفايات تذهب إلى التسبيخ والمعالجة لتصبح سمادا للتربة بمعايير عالمية”، وأكد أنه “يمكن بناء المصنع قريبا من الاحياء السكنية بعد أن اطلعنا على مصنع مماثل في لبنان، وتبين لنا أن لا روائح كريهة تصدر منه ولا انبعاثات سامة”. وأضاف الحلبي: “وفي هذا المجال قدمت بلدية عرمون قطعة ارض مساحتها 1500 و 2000 متر وهناك تعاون وتنسيق ودعم وشراكة من رئيس البلدية الشيخ فضيل الجوهري، أما التمويل فتتكفل شركة خاصة، وقد وقعت معها بلدية عرمون اتفاقية، ويتولى القيمون على هذه الشركة حاليا الحصول على ترخيص من وزارة الصناعة واتخاذ سائر الاجراءات القانونية”.

 

تدبير مؤقت أما بالنسبة لمعالجة النفايات في هذه الفترة، قال الحلبي: “جهزت بلدية عرمون فريق عمل لرفع النفايات من الاحياء والشوارع وطمرها في أماكن بعيدة، وهناك في الموقع الذي اختارته البلدية كميات كبيرة من التراب تصل إلى سبعين مترا، وسيصار إلى ردم النفايات وهذا تدبير مؤقت”. وأكد الحلبي “نحن كمجتمع مدني ننتظر ما ستقرره البلديات، لكننا بدأنا التحضير لإقامة خط لفرز النفايات عند المطمر المؤقت”.

مسؤولية الدولة ووزارة البيئة وأكدت المسؤولة الإعلامية في حملة “كفانا نفايات” الزميلة راغدة الحلبي على أن “إقفال مطمر الناعمة نهائي ولن نقبل بدخول كيس نفايات إلى المطمر، خصوصاً أنه صدر سابقاً مرسوم قانوني بإقفاله.

هذا مطلبنا منذ أكثر من سنتين ولكننا كنا نُقابل بالتسويف والمماطلة والتأجيل وخلق الأعذار غير المقبولة، رغم ان ملف النفايات طُرح منذ تشكيل الحكومة”. وأشارت إلى أن “آلية الحل هي مسؤولية الدولة ووزارة البيئة تحديداً”، ولفتت إلى أن “خطوات مهمة للبلدات المجاورة للمطمر بدأت في اتّباعها، ومنها مساعٍ لبدء المعالجة في بلدة عبيه-عين درافيل، ومسار تعتمده (جمعية سيدات بيصور) منذ أيار (مايو) 2014 يقوم على فرز النفايات من المصدر وبيع الصلبة منها إلى معامل التدوير وتخصيص الأرباح للأعمال الخيرية، وهذه كلها انجازات مهمّة برأينا هي السبيل لمقاربة ملف النفايات في لبنان.

(greenarea)

السابق
اتفاق النووي.. كالسم الذي تجرعه الخميني عام 1988!
التالي
كيف سيؤثر الاتفاق النووي على الحرب ضد «داعش»؟