«التيار» يلوّح بالشارع.. وخصومه يرفضون «المزاجية» النفايات إلى «مطمر» صلاحيات مجلس الوزراء

جلسة الحكومة اللبنانية

كتبت “السفير” تقول : فيما تزدحم الطريق إلى السرايا الحكومية بالنفايات المتراكمة أو المحترقة، تبدو جلسة مجلس الوزراء اليوم مثقلة بأكثر من ملف ساخن ومحفوفة بالمخاطر السياسية، حتى قبل أن تلتئم، في ظل الشرخ بين أولويات مكوناتها.
ومع تفاقم أزمة النفايات، يعتبر عدد من الوزراء أنه ما من أولوية يمكن أن تتقدم على البحث في كيفية معالجتها، رافضين أن تصبح أي جلسة رهينة مزاج فريق سياسي، بينما يؤكد “التيار الوطني الحر” أنه سبق للحكومة أن ناقشت هذه القضية واتخذت القرارات اللازمة في شأنها، وأن وزير البيئة حصرا هو المعني بالمتابعة وبتحمل المسؤولية عن أي تقصير في المعالجة.
وقال مصدر قيادي في “التيار” لـ”السفير” إن هناك اتفاقا تم مع الرئيس تمام سلام، وبحضور شهود في طليعتهم الوزير محمد فنيش، على أن آلية عمل مجلس الوزراء ستكون البند الأساس على طاولة الحكومة اليوم، وبالتالي فإن أي نقض لهذا التعهد سيرتب تبعات، قد لا يكون الشارع بمنأى عنها، في ظل جهوزية جمهور التيار للتحرك مجددا، لا سيما إذا جرى استفزازه مرة أخرى.
واعتبر المصدر أن التراجع عن الاتفاق سيشكل هدية لـ”التيار الحر”، لأنه سيمنح المزيد من الشرعية والزخم للتحرك الشعبي، محذرا من أنه “إذا جرى الانقلاب على التفاهم الذي عُلّق بموجبه التحرك، فإن ذلك سيكون بمثابة مغامرة جديدة”.
خطة المعالجة المقترحة
ومع دخول أزمة جمع ومعالجة النفايات في بيروت والضواحي وجبل لبنان يومها الخامس، بات واضحا أنه لا يمكن البحث في حلول جدية ولو كانت طارئة، من خارج مجلس الوزراء، كونه هو من كلف لجنة وزارية بالمتابعة، وهو من تبنى خطة معينة ووضع دفاتر شروط لتلزيم المعالجة بعد موعد انتهاء العقود المعمول بها حاليا، وإقفال مطمر الناعمة المركزي تبعا للخطة الطارئة التي وضعت في العام 1997.
لكن، ماذا يمكن أن يعرض وزير البيئة محمد المشنوق تحديدا، بصفته مكلفا من مجلس الوزراء بإدارة هذا الملف للخروج من الأزمة، إن على المستوى الآني الطارئ أو المتوسط والبعيد المدى؟
ليس لدى المشنوق خيارات واقتراحات كما قال لـ”السفير” أمس سوى انتظار موعد فض عروض المناقصة المتبقية التي أعلن عنها أمس للمرة الثالثة (لمنطقة بيروت والضواحي) في 7/8/2015، أي بعد أسبوعين تقريبا، لكي يستطيع فض عروض كل المناقصات المقدمة في المناطق كافة والاطلاع على الأماكن والتقنيات والأسعار.
وفي انتظار ذلك، طرح المشنوق مرحلة انتقالية تمتد 6 أشهر يتم خلالها توزيع 2500 طن يوميا من نفايات منطقة خدمات “سوكلين” التي انتهى عقدها لتوزع على الشكل التالي:
600 طن لمطمر الناعمة و200 طن لمكب برج حمود و200 طن لمعمل صيدا و200 طن لمكب النبطية و200 طن لمجدليا و500 طن لسرار في عكار و500 طن لبر الياس وزحله، على قاعدة “الأفضل اختيار أماكن ملوثة بالنفايات وتحتاج إلى معالجة على أن يتم اختيار أماكن جديدة بشكل عشوائي فتتفاقم الكارثة”.
وطلب المشنوق من مجلس الوزراء دعمه اليوم لتطبيق هذا المشروع، مشددا على أنه لا يوجد بديل عنه.
وردا على سؤال حول ما سيفعله إذا استمر الرفض من المناطق المذكورة، أو تم فض عروض المناقصات ليتبين أن العارضين اختاروا مواقع للمعالجة مرفوضة من السكان المحيطين، أجاب المشنوق: عندها يعرض الموضوع على مجلس الوزراء مجددا لاتخاذ القرار المناسب.
ولا يبتعد رأي نواب العاصمة بيروت كثيرا عن رأي وزير البيئة، كما فُهم من النائب محمد قباني الذي أكد ل “السفير” أمس، إثر زيارة الرئيس تمام سلام، أن سكان العاصمة هم من كل المناطق، وبالتالي على سكان المناطق أن يشاركوا في تحمل أعباء المعالجة، خصوصا أن بيروت تفتقر إلى وجود أماكن مناسبة للطمر.
وتأتي هذه الأزمة بعد فشل الحكومات المتعاقبة في وضع إستراتيجية متكاملة وعادلة وعلمية لإيجاد مطامر بديلة عن مطمر الناعمة على قاعدة المحافظات أو الأقضية.. وبعدما اتخذ مجلس الوزراء العام 2010 قرارا باعتماد المحارق ولزّم شركة لدراسة الجدوى اقترحت إنشاء 4 محارق، ناصحة أن تبدأ الدولة بإنشاء واحدة تجريبية من أجل نفايات بيروت (في الكرنتينا).
وطرح موضوع شحن النفايات إلى الخارج، لكن تبين أن كلفته عالية جدا. كما طرح أمر ترحيل النفايات إلى السلسلة الشرقية (في السابق) أو إلى عكار (طرح جديد)، وكلها طروحات تنطوي على الكثير من المحاذير المبدئية والتطبيقية.
ولم يجد الخبراء للخروج من الأزمة الحالية واعتماد خيارات مرحلية وبعيدة المدى، غير تحسين الخطة المرحلية التي يطرحها وزير البيئة لجمع النفايات من الشوارع بسرعة، بشرط أن يترافق معها الآتي:
حملة تجريبية للفرز من المصدر تشارك فيها البلديات والجمعيات المهتمة وصاحبة الخبرة، وتتحمل فيها كل مؤسسة ومنزل وفرد مسؤولية المشاركة في الحل وفي عمليات الفرز بين مواد عضوية وغير عضوية فقط، وتوسيع مراكز الفرز وتحسين خطوطها (لا سيما في الكرنتينا والعمروسيه) وتوسيع معمل “الكورال”، وتحسين عملية تخمير المواد العضوية التي يمكن أن تصل إلى الألف طن في اليوم (مع الإشارة إلى أن نسب المواد العضوية في نفايات لبنان تتراوح بين 50 و60% من حجمها).
وإذا تحسنت عمليات الفرز (في المصدر والمعمل) تنخفض كل الكميات التي أشارت إليها خطة البيئة الانتقالية والمذكورة أعلاه إلى أكثر من النصف، والأهم أنها ستذهب من دون رائحة إذا ما تم تحسين عمليات الفرز والتخمير، ما يسهل عندئذ إقناع المعترضين، وتصبح هذه الخطة خطة كل المواطنين الذين يفترض بهم أن يكونوا شركاء في المعالجة، بدءا من الفرز في المنزل وتحمل مسؤولية نفاياتهم، ما يؤدي تلقائيا إلى تخفيض حجم النفايات وكلفة معالجتها، وبالتالي تتغير كل شروط التلزيمات والمناقصات والأسعار.
ولكن، يجب الأخذ بالاعتبار المشكلة التي قد تترتب على نقل النفايات، عبر مسافات طويلة، إلى مواقع بعيدة للمعالجة، من قبيل التسبب بزيادة التلوث والانبعاثات المضرة، وتفاقم زحمة السير، وما إلى ذلك.
كما على وزيرَي البيئة والمال أن يناقشا لائحة شبه جاهزة بالمواد المصنفة خطرة أو معالجتها عالية الكلفة عندما تتحول إلى نفايات، واقتراح فرض رسم استهلاك على السلع المحددة في اللائحة بناء على القانون 132/1999، على أن تترافق هذه الإجراءات مع فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لإقرار قانون النفايات الذي يحتاج إلى مناقشة سريعة وتعديلات بسيطة تترجم هذه الخطة مع المراسيم التنفيذية اللازمة في مجلس الوزراء.

السابق
النهار : الحكومة بين نار الآلية وكارثة النفايات الشلل يُجمّد هِبات دولية وكويتية للاجئين
التالي
المشنوق : الفرنسيون يؤكدون تحقّق الخطوط الحمر النووية وإيران أمام امتحان العودة إلى الشرعية