اكتشاف نسخة من القرآن الكريم في برمنغهام

القرآن الكريم برمنغهام

نسخة جديدة من القرآن الكريم وجدت في مكتبة مغمورة في مدينة برمنغهام – بريطانيا، لم يسمع الكثير من الناس بها. ولم تكن ضمن المخطوطات المحفوظة في المكتبات الشهيرة حول العالم، التي تحتوي الكثير من الذخائر الإسلامية مثل برلين ولندن أو إسطنبول. وتشتهر مدينة برمنغهام محلياً أنها تحتوي على نسبة عالية من الآسيويين المسلمين. وهذه المدينة مرشحة أن يصبح فيها الإنجليز أقلية في المستقبل.
لكنها تصدرت نشرات الأخبار، بعد أن كشفت جامعتها، أي جامعة برمنغهام، أنها تمتلك مخطوطاً من أقدم نسخ للقرآن في العالم. وذكرت الجامعة أمس الأربعاء أنه تبين لباحثين من خلال فحص المخطوط في أحد المعامل بجامعة أكسفورد عبر تقنية الكربون المشع أن تاريخه يعود إلى نحو عام 600 ميلاديا.
وأضافت الجامعة أن هناك احتمالا بنسبة 4.95 في المائة أن يكون المخطوط قد تمت كتابته بين عام 568 و645 ميلاديا، ما يعني أنه يعود إلى عصر النبي محمد عليه الصلاة والسلام (نحو 570 – 632 ميلاديا)، ليكون بذلك من أقدم النسخ القرآنية المحفوظة.
وقالت سوزان ورال مديرة مكتبة كادبوري البحثية في الجامعة إن هذا الكشف يعد إسهاما مهما في فهم النسخ الأولى للقرآن، وأضافت: «نشعر بحماس شديد لوجود مثل هذه الوثيقة التاريخية المهمة هنا في برمنغهام، المدينة ذات التنوع الثقافي الأكثر في المملكة المتحدة».
ولفترة طويلة تم ربط هذا المخطوط عن طريق الخطأ بمخطوط آخر للقرآن مشابه، يرجع تاريخه إلى أواخر القرن السابع الميلادي.
الاكتشاف أثلج قلوب الباحثين وأهل المدينة المسلمين، والذي جاء بعد أن طلب أحد طلاب الجامعة الذي اكتشف صدفة خلال بحثه لرسالة الدكتوراه واكتشف أن المخطوط ارتبط بمخطوط آخر، وطلب هذا الطالب أن يجري فحصا على الورق الذي كتبت عليه النصوص القرآنية مستخدما تقنية الكربون المشع.
الفحص أثبت أن الكتابة تعود إلى عصر النبي محمد وأن هذه المخطوطة «قد تكون كتبت بعد وفاة النبي بقليل»، قال ديفيد توماس أستاذ الدراسات الإسلامية والمسيحية في جامعة برمنغهام، مضيفا: «النصوص القرآنية المكتوبة في المخطوطة هي نفس النصوص القرآنية المعروفة في النسخ القرآنية الموجودة الآن. هذا يدعم وجهة النظر بأن القرآن الذي نعرفه هو نفس القرآن الذي تم جمعه في البدايات الأولى للإسلام».

النصوص القرآنية وصلت إلى النبي محمد عن طريق الوحي، بين 610 و632 ميلادية، لكن لم يتم جمعها مباشرة. وبعد وفاة النبي محمد أمر الخليفة أبو بكر بجمعها، وكتبت عدة نسخ في فترة الخليفة عثمان بن عفان، أي عام 650 ميلادية.
ويضيف ديفيد توماس أن فحص الكربون المشع الذي استخدم أثبت أن الحيوان الذي استخدم جلده كورق للكتابة كان يعيش في فترة وجود النبي محمد، أو بعد وفاته بقليل. «ولهذا فإن كتابة أجزاء من القرآن على هذا الورق الجلدي، يمكن تحديدها بدرجة عالية من الثقة أنها قد تمت بعد أقل من عقدين من وفاة النبي محمد».
النصوص القرآنية تحتوي على أجزاء من سور (18 إلى 20) كتبت بحبر يظهر البدايات الأولى للكتابة العربية التي استخدم فيها الخط الحجازي. وأضاف توماس في مقابلة مع هيئة البث البريطاني (بي بي سي) «من المرجح أن الشخص الذي كتب هذه النصوص القرآنية كان على معرفة بالنبي، شاهده وسمعه يلقي الخطب، وربما كان على معرفة شخصية به».
المخطوط جزء من مجموعة من ثلاثة آلاف وثيقة شرق أوسطية حصل عليها في العشرينات من القرن الماضي الخوري ألفونسو مينانا، الذي ولد قريبا من الموصل في العراق. ورحلته للحصول على المخطوطات كانت بتمويل من قبل فاعل الخير المسيحي إدوارد كادبوري (من حركة كويكرز أو أصدقاء الإنسانية)، المشهور بتأسيسه مصانع الشوكولاته. دعم كادبوري أدى إلى تأسيس مكتبة تحمل اسمه، أي مكتبة كادبوري البحثية. لكن كان المخطوط قد أضيف بالخطأ إلى مخطوط آخر يحمل نصوصا شبيهة، لكنها ليست بنفس القدم. طالبة الدكتوراه، ألبا فضيلي، لاحظت الفرق بين النصين.
وتحتوي مكتبة كادبوري على 200 ألف كتاب تعود إلى ما قبل 1850، ابتداء من 1471، إضافة إلى أربعة ملايين مخطوط. وتم جمع الكتب والمخطوطات لرفع المستوى الثقافي لمدينة برمنغهام، وجعلها مركزا للدراسات الذهنية.
مدينة برمنغهام تحتوي على نسبة عالية من المسلمين، إذ يصل نسبة المسلمين فيها إلى ما يقارب 20 في المائة من سكان المدينة التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في بريطانيا بعد لندن. وتنوي الجامعة عرض مخطوطة النصوص الإسلامية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. الكثير من المسلمين أبدوا رغبتهم في الحضور إلى المدينة لمشاهدة هذه الاكتشاف التاريخي.
«الكثير من المسلمين من المدينة ومن خارجها» يريدون مشاهدة الوثيقة، قال محمد علي الذي يعمل في الجامع الرئيسي في المدينة، والذي دعي من قبل الجامعة لمشاهدة المخطوطة. «سالت دموعي عندما شاهدتها» قال علي، مضيفا: «إنه لمخطوط فريد من نوعه، إنه من فترة النبي محمد».

السابق
جويل حاتم بالبكيني…
التالي
المشنوق: بعد 15 يوما ستتولى شركات موضوع النفايات