هل تجتمع الحكومة استثنائياً لتفكيك قنبلة النفايات؟

الحكومة اللبنانية

كتبت صحيفة “السفير” تقول : للسياسيين “غرضياتهم” في ما تبقى من السياسة وفي كل شيء وصولاً الى النفايات. غير أن اللبنانيين، ليسوا معنيين بحسابات هؤلاء السياسيين ومصالحهم. ما يعنيهم أن يشاهدوا حكومتهم مجتمعة، استثنائياً، اليوم قبل الغد، لتتخذ القرارات المناسبة في ملف النفايات الذي طال تأجيل حلوله حتى بلغنا عتبة الأزمة مجدداً.
كل من جال في العاصمة وضواحيها والقسم الأكبر من جبل لبنان، أمس، هاله مشهد النفايات المتراكمة في يوم واحد ومتى؟ في عز تموز، أي أننا أمام قنبلة جرثومية باتت منتشرة في كل الطرق وبين الأحياء السكانية، وتهدد حياة كل الناس وخصوصاً الأطفال.
لن يكون مقبولاً التذرع بأية مبررات لعدم انعقاد مجلس الوزراء بصورة عاجلة. هذه مسألة لا تحتاج لاجتهاد.. ما دامت الضرورات تبيح المحظورات. فهل يحتاج الأمر الى ان يبادر اللبنانيون الى رمي نفاياتهم امام الوزارات كي يسارع الوزراء الى البحث الجدي عن حل عملي ودائم لهذه المسألة، تتشارك الادارات المحلية مع المواطنين والجهات الرسمية في تحمل مسؤولية إنجاحه.
لقد فشلت الحكومة حتى الآن في امتحانات كثيرة، لكن أخطرها وأكثرها حيوية للبنانيين الفشل في معالجة ملف النفايات، وخير دليل طرح مناقصات شكك العارفون منذ اللحظة الأولى في صحتها ونزاهتها وإمكان تطبيقها، خصوصا بعد أن تم إغداق الوعود بإغلاق مطمر الناعمة من دون تأمين بديل أو بدائل له.
وها هي العقود القديمة تنتهي مدتها من دون اية مخارج جديدة للمعالجة، فهل يراد تحميل الشعب اللبناني مسؤولية المماطلة والعجز في اتخاذ القرارات المسؤولة وزارياً؟
ليس وزير البيئة محمد المشنوق وحده المسؤول عن فشل الخطط والمعالجات، وقد تُرك وحيداً على حد تعبيره، فمجلس الوزراء الذي اجتمع اكثر من مرة وناقش وعدَّل وتدخل هو شريك في المسؤولية والعجز، ولذلك، عليه ان يصحح الخطأ بتأمين الحلول المؤقتة والمستدامة في آن معاً.
ومجلس النواب ايضاً يتحمل المسؤولية، ومثلما بادرت السلطة التشريعية الى طرح بعض المواضيع لتبرير “تشريع الضرورة”، وأولها مسألة الرواتب والأجور للعاملين في القطاع العام، فإن معالجة الآفات التي قد تتحول الى وباء في أيام معدودة تحتاج الى قرار شجاع بفتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب أولاً والدعوة الى جلسة تشريعية على وجه السرعة من أجل وضع تشريعات تؤدي الى ضبط زيادة حجم النفايات في لبنان من خلال تطبيق ابسط المبادئ كالفرز والتخمير وإعادة التصنيع، وإيجاد مراكز لهذه العملية بكل مندرجاتها.
وكما تحمس نواب بيروت امس للقاء رئيس الحكومة تمام سلام بعد ان شاهدوا النفايات تتكدس في الشوارع، على نواب الأمة ان يتحمسوا أيضاً، وإن متأخرين، للقيام بمسؤولياتهم، لا أن يبقى الملف منسياً في أدراج لجنة نيابية (البيئة) تضيع الوقت في مناقشة حلول انتقالية تحل مكان خطط طارئة لادارة النفايات لا تزال سارية المفعول منذ العام 1997، تاريخ إقفال مكب برج حمود واعتماد مطمر الناعمة المشكو منه اليوم، بدل مطالبة الوزارة المعنية بوضع إستراتيجية ومشاريع قوانين لإدارة هذا الملف بشكل شامل ومستدام.
وللمناسبة، قد يكون بين الأسباب الرئيسية لفشل محاولة الحكومة الحالية في حل مشكلة النفايات منذ سنة تقريباً، رفض نواب المتن الشمالي (مسايرة لنواب حزب “الطاشناق”) اقتراح معالجة مكب برج حمود وتحويله الى حديقة عامة تديرها بلدية برج حمود او اتحاد بلديات المتن، بمبلغ 30 مليون دولار اميركي، مقابل استخدام جزء من الارض لإنشاء معامل للفرز والتسبيخ وتخفيف كميات النفايات التي تذهب الى المطمر الى الحدود القصوى.
ان دل ذلك كله على شيء، فإنما يدل على عجز السلطة السياسية التي تدير هذا البلد والتي تحمِّل اللبنانيين اليوم مسؤولية إفلاسها وفشلها عبر ترك الازمة تتفاقم الى حدود غير قابلة للمعالجة.
لا داعي بعد الآن، لإطلاق الاتهامات في ظل يقين اغلبية اللبنانيين بوجود سمسرات ومحاصصات وصفقات من تحت الطاولة، خصوصا بعد المشهد الذي فرضته الازمة وطريقة ادارتها من قبل هذه الحكومة.
ان أي متعهد قد عقد أي صفقة ومهما كانت ومع من يكن وفي أي مكان.. لن يستطيع تنفيذها والاستفادة من عائداتها، بسبب رفض الناس لأية حلول وفقدانهم الثقة بهذه الطبقة السياسية المحترقة بنار الوعود الكاذبة واستثماراتها المفضوحة في الأزمات للاستفادة المادية والتجييش المذهبي والمناطقي والانتخابي الذي فقد أي معنى له بعد استفحال الأزمات والكوارث

السابق
جنبلاط في باريس
التالي
وزير الخارجية التشيكي يتصل بباسيل مستفسراً عن المفقودين مجلس الوزراء: لا حلّ في الأفق