الشيخ اسماعيل يواجه الشيرازيين والصفويين في الجنوب

تفاجأ رواد الفايسبوك في لبنان بأحد الناشطين الجدد على الشبكة يسمّي نفسه رامي سعد، ويقدّم نفسه على أنه شيعي كتب يتهجّم على المفكر الايراني الثوري الراحل الدكتور علي شريعتي، والتهمة هي سخيفة وواهية، بان شريعتي كان قد أساء في احد مؤلفاته لعصمة الامام علي بن أبي طالب قبل دخوله الاسلام، مع العلم ان كل المصادر التاريخية تشير أن الامام علي كان دون سنّ البلوغ والتكليف عندما دخل الاسلام.

ان الموضوع الذي أثاره الناشط سعد بعد عقود من اصدار شريعتي لمؤلفاته لا أهميّة له على الاطلاق ولا تأثير له الا في عيون من يتخذ من الامام علي شخصية اسطورية فوق مستوى البشر وملاكا من الولادة الى الممات، وهذا هو حال “الشيرازيين” الشيعة مع الأسف الذين بدأوا بالتغلغل في البيئة الشيعية وخاصة داخل صفوف جمهور حركة امل، ربما كتعويض عن تراجع تأثير الحركة السياسي على الساحة الشيعية اللبنانية مقابل تقدّم تأثير حزب الله وتصدره الواجهة، بسبب الدعم الايراني اللامحدود له عسكريا وماليا ومؤسساتيا.

وللتذكير فان الامام المغيّب السيد موسى الصدر مؤسس حركة أمل كان صديقا للمفكّر الايراني الراحل، وقد أقام له احتفالا عام 1977 في ذكرى أربعين وفاته في بيروت قال فيه: “نكرم بأشرف صورة فقيدنا الكبير الدكتور شريعتي. ولا شك أننا، في هذا المكان، عندما نلتقي بالشعلة المتقدة، كما قلنا، نشعر أن في هذا عزاءً لأهله، وعزاءً للشبيبة المؤمنة التي شعرت بالحرقة الكبرى في وفاة فقيدنا الراحل”.

وبالعودة الى ما نشر من تهجّم على شريعتي من قبل الناشط سعد، فقد ردّ امام مسجد شرف الدين في مدينة صور ورئيس “جمعية الوسط الاسلامي” الشيخ حسين اسماعيل على من تهجّم على الدكتور شريعتي بما يمثله الراحل من مفخرة للاسلام ، فقال في بيان نشره مهاجما بدوره التشيّع الصفوي بنسخته الشيرازية الذي يحاول التغلغل في صفوف شيعة لبنان بما فيه من غلوّ وتعصّب ورفض للآخر.وهذا ما جاء في بيانه الذي نشر مدة يومبن على الفايسبوك :

“ان المقصود بالتشيع الصفوي هو التشيع الذي يدعو الى الغلوّ باهل البيت ووصفهم بصفات الله من الربوبية والخلق والرزق والاحياء والاماتة ويعتمد التشيع الصفوي في ذلك على الروايات الضعيفة الداعية الى ذلك، وما أكثرها وكتاب بحار الانوار مشحون بها بالإضافة الى اعتماد التشيع الصفوي على الخرافات ووضع الاساطير في الشعائر الحسينية بهدف استغلالها من أجل بسط حكمهم وسلطانهم على الناس، وادعى الصفوييون وهم في الاساس لم يكونوا من شيعة اهل البيت عليهم السلام انهم نواب الامام المهدي عج وانه يعطيعهم اوامره وان دولتهم متصلة بظهوره، والصفويون حكموا ايران بين (1501) و (1736م) والتاريخ الصفوي الديني والفكري قد شوه التشيع وجلب له الويلات وما يزال، وهناك كلمة رائعة للامام الصدر اعاده الله في سلسلة محاضرات له في العقيدة حيث يقول :”فالشيعة والسنة ليسا دينان بل هما مذهبان لدين واحد فرقت بينهما السياسة من أموية متحمسة للتسنن الى صفوية متحمسة للتشيّع “.

فالامام الصدر اشار في كلامه هذا الى عدة حقائق منها :

أولا انه جعل الصفويين في مستوى الامويين من حيث التآمر على الاسلام والترويج للعقائد الباطلة كالعقيدة الجبرية التي روج لها بنو امية في سبيل تثبيت حكمهم الفاسد القائم على الاجرام، وبمعنى آخر هناك جهة مشتركة بين الصفويين والامويين. فالاموييون استغلوا سنّة النبي صلى الله عليه واله وسلم وتلاعبوا بها، ووضعوا فيها الاحاديث والتفسيرات المنحرفة حتى يبرروا حكمهم وسلطانهم انه تم بمشيئة الله، ونفس الشيئ فعله الصفويون فانهم استغلوا التشيع وغالوا فيه حتى يغالي الناس بهم ويبرروا صدق دعواهم في النيابة عن الامامة ويجمعوا بين السلطتين الدينية والدنيوية، ويلزموا الناس بتقديسهم وانهم نواب الامام المهدي (عج) وانه يمدهم بالاوامر وغير ذلك، وان المخالف لهم هو مخالف لاهل البيت،ومن المعروف ان الصفوييين قتلوا بعضهم البعض من اجل شهوة الحكم .

وثانيا فان الامام الصدرأشار الى ان الامويين والصفويين سعيا الى جعل السنة والشيعة دينين ونفي انهما مذهبان اسلاميان حتى يتم الترويج لثقافة التكفير بينهما،فالاموييون كفروا شيعة أهل البيت لانهم اعتبروهم انهم على غير دين.

وللاسف هناك من يروج لروايات الغلو والتكفير وللمنهج الأموي والصفوي من اصحاب المنابر الفضائية وغيرها ويحسب انه يخدم الاسلام والدين الحنيف، ولكنه في الواقع يخدم مصالحه المادية والسلطوية، ويخدم اعداء الاسلام والدين ويخدم مشروع الفتنة، ولا يخفى أن المدرستين الصفوية والاموية قادرتان على دفع المسلمين الى الاصطفاف المذهبي السني والشيعي، لذا حرصاً على الاسلام والتزاما بفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب التصدي للفكر الاموي والصفوي اللذين يلتقيان على استغلال التسنن والتشيع من اجل بسط السلطان على الناس بغير وجه حق. وكلا الفكرين ساهم في البنية الفكرية للارهاب في عصرنا الحاضر الذي يحترق المسلمون بناره وبدعم دولي.

وقد جاء الردّ على الشيخ اسماعيل فورا من صاحب الحساب المشبوه اياه “رامي سعد” وبإسلوب رخيص يتهم فيه سماحة الشّيخ بالعمالة وبخيانة المذهب الشيعي، وهو ما ذكّرنا بالتهجّم السابق على الشيخ من قبل قارىء العزاء السيد نصرات قشاقش قبل أشهر والذي أوردناه حينها في موقع “جنوبية”، عندما اتهم أيضا الشيخ اسماعيل بخيانة المذهب لانه بجمعيته الوسطية يتقرّب من أهل السنة وأنه ترضّى في احد المجالس الجامعة على الخليفتين أبو بكر وعمر بن الخطاب.

يبدو أن التقارب الشيعي مع السنة أصبح من المحظورات في جنوب لبنان هذه الأيام. وبنتيجة الامر يبدو أن تدخلات حصلت وضغوطات جعلت الشيخ اسماعيل يسحب البيان اعلاه الذي يدين فيه التطرّف القادم مع الصفوية الشيعية ويحذّر فيه من الغلو الشيرازي، وذلك مقابل سحب الاتهامات الباطلة والشتائم المغرضة التي طالته.

ونسأل نحن بدورنا هل أن المطلوب هو سيادة هذا النهج السلفي المتطرّف التكفيري الشيعي على ساحتنا الشيعية الجنوبية ردا على التكفيري السني فيصبخ لدينا جماعات داعش شيعية كما داعش السنيّة المستقوية في بعض مناطق سوريا والعراق؟

الا يعلم هؤلاء المروّجون لهذا النهج المتطرّف من مشايخ وقرّاء عزاء في جنوب لبنان أن التطرّف لا يقابل بالتطرّف، ولكن بالوسطيّة والاعتدال؟

السابق
المجلس الاسلامي الشيعي يعلن يوم السبت أول أيام عيد الفطر
التالي
لا أعياد هنا…