«الحظر» على التعاون مع إيران يفقد مبرراته مردود «النووي» لبنانياً: سلاح وطاقة ومصارف؟

الاتفاق النووي

كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثامن عشر بعد الاربعمئة على التوالي.
ولئن كانت جلسة الأمس لانتخاب رئيس الجمهورية قد لقيت “حتفها السياسي”، كما سابقاتها، إلا ان الفارق الوحيد هذه المرة هو ان منسوب الأمل في انتخاب “الرئيس المخصّب” ارتفع من تحت الصفر الى ما فوقه بقليل، مع ولادة الاتفاق النووي.
وفي انتظار ثبوت انعكاس الاتفاق إيجابا، على الاستحقاق الرئاسي، يمكن القول ان الامر المؤكد الوحيد حتى إشعار آخر هو ان الاقتصاد اللبناني قادر على ان يكون من “الرابحين”، في حال توافر القرار السياسي الشجاع.
وإذا كان الاوروبيون والاميركيون، شركات اقتصادية وإدارات سياسية، بدأوا بحجز أماكن لهم في “إيران الجديدة”، الى درجة ان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس المعروف بعدائه لطهران بات من أكثر المستعجلين لزيارتها.. فإن من واجب بعض الاطراف اللبنانية ان تكون أكثر واقعية وتواضعا في سلوكها، وان تضع مصالح لبنان الحيوية فوق كل اعتبار ذاتي او محور اقليمي.
ولعل الاختبار الاول لـ “نيات” الغيارى على الجيش اللبناني، يتمثل في مبادرتهم الى رفع “الحظر السياسي” عن الحصول على سلاح للجيش من إيران التي سبق لها ان عرضت تزويد الجيش مجانا بكميات من الاسلحة والذخائر النوعية، قبل ان يسقط الاقتراح سريعا بفعل اعتراض أطراف في الحكومة السابقة على خرق العقوبات التي كانت متخذة بحق ايران، وهو موقف ينطوي في جوهره على أبعاد سياسية تتصل بالخلاف مع طهران وحلفائها حول الخيارات الاستراتيجية.
أما وان العقوبات ستُرفع قريبا، فلم يعد هناك عذر لرفض المساعدة الايرانية للجيش اللبناني، الذي يحتاج الى كل دعم ممكن في المواجهة التي يخوضها ضد الارهاب.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن لبنان يقف أمام فرصة ذهبية لبناء علاقات اقتصادية منتجة مع إيران، لاسيما في المجالين الكهربائي والمصرفي.
وكان الايرانيون قد عرضوا على لبنان في السابق بناء معمل لانتاج الطاقة الكهربائية بكلفة مقبولة وشروط ميسرة وآجال طويلة وفترة سماح، لكن الجهات الرسمية اللبنانية تجاهلت العرض في حينه، لاسباب سياسية مغلفة بحجج تقنية ـ قانونية وهي عدم قدرة لبنان على خرق العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
كما ان بمستطاع لبنان استيراد النفط الايراني لتشغيل محطات الكهرباء بأسعار تشجيعية، باعتباره من الدول المشمولة بـ “الافضلية” لدى الجمهورية الاسلامية التي تملك مخزونا ضخما من النفط والغاز.
وقال وزير الطاقة آرتور نظاريان لـ “السفير” انه منفتح على كل تعاون مع إيران في مجال الكهرباء والسدود، ما دام يخدم لبنان، لافتا الانتباه الى انه كان من المتحمسين لمشروع يقضي بان تساهم إيران في بناء سد مائي في البقاع، حتى قبل توقيع الاتفاق النووي واتخاذ قرار بإلغاء العقوبات المفروضة على إيران، “وسبق لي ان تواصلت مع السفير الايراني في بيروت لهذه الغاية، وناقشت معه السبل الممكنة لتنفيذ المشروع، برغم العوائق المالية الناتجة عن العقوبات، فكيف بعد إلغائها وزوال العقبات التي كانت تمنع تفعيل العلاقة المشتركة”.
ويعتبر اصحاب الطموحات ان أفق التعاون مع “إيران الجديدة” يمكن ان يصل الى حد الاستفادة من الخبرات الايرانية لبناء محطة كهرباء نووية، على المدى الطويل، لاسيما ان الاتفاق الموقّع يسمح لايران بتصدير الوقود النووي، او لتطوير القدرات العلمية اللبنانية في مجال الطب والبيولوجيا، وما الى ذلك.
وفي ما خص القطاعين المالي والمصرفي، يشير الخبراء الى ضرورة استئناف العلاقة المتوقفة بين المصارف الايرانية والمصارف اللبنانية التي يفترض بها ان تتلقف هذه اللحظة، وتقدم كل التسهيلات والحوافز لاستقطاب الودائع الايرانية، بعدما كانت تمتنع في الماضي عن استقبالها، استجابة للتدابير المتخذة من المجتمع الدولي.
ويلفت خبير مالي الانتباه الى ان الجهاز المصرفي الايراني متواضع نسبيا، وبالتالي فان الجهاز المصرفي اللبناني يستطيع، عند اكتمال رفع العقوبات عن ايران بعد قرابة 90 يوما، ان يؤدي دورا حيويا لجهة تأمين الخدمات المصرفية والمالية للشركات الايرانية.
ويروي أحد الاقتصاديين اللبنانيين المواكبين للملف الايراني، انه استقبل قبل قرابة سنتين وفدا اقتصاديا ايرانيا، زاره لاستطلاع واقع السوق اللبنانية وامكانية الاستثمار فيها. وطرح الوفد يومها شراء بنك ومصنع واحدى شركات الصيرفة، والاستثمار في العديد من المجالات، فأجابته الشخصية اللبنانية انه سيكون من الصعب ان يجد هذا الطرح صدى في لبنان، بفعل العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
ولاحقا، نقل الاقتصادي اللبناني فحوى النقاش مع الوفد الايراني الى إحدى المرجعيات المالية التي أسدت له النصحية الآتية: “لا تتفق معهم، لكن لا تقطع معهم”..
ويؤكد العارفون ان القطاع المصرفي اللبناني يستطيع ان يكون نقطة ارتكاز للاستثمارات الايرانية، ليس فقط في لبنان وإنما ايضا في الجوار الاقليمي، خصوصا عندما تنطلق إعادة الاعمار في سوريا.
وعلى مستوى التبادل التجاري، يبدو لبنان أمام فرصة لتعزيز هذا التبادل الذي لا يتجاوز حاليا حدود الـ 60 مليون دولار سنويا، بفعل الحصار المفروض على إيران، وبالتالي فإن من شأن رفع الحصار ان يمهد لفتح الاسواق بين الدولتين على مصراعيها، وهو الامر الذي سيسمح للتجار ورجال الاعمال اللبنانيين باكتساب مساحة واسعة للاستثمار، بل هناك بين الخبراء من يقول ان السوق اللبنانية ستكون الاكثر استفادة من انفتاح ايران على الخارج، في مرحلة ما بعد رفع الحصار.

السابق
لقاء أقطاب 8 آذار مؤجَّل رغم الوساطة سلام : لنذهب إلى رئيس حيادي ومعتدل
التالي
جعجع يصطدم بقضيّة العماد قهوجي عون يُريد التعيين وسلام يرفض حتى أيلول