مخاوف خليجيّة: السعودية اعترضت والإمارات رحبت والبقية حذرون

الاتفاق النووي
تباينت أمس ردود الفعل الدولية حول الاتفاق النووي الذي أبرم، بين مؤيد حذر وبين معارض لأقصى حدّ. فما هي أبرز هذه المواقف؟ وماهي خلفياتها؟

بينما حُلّت في الأمس العقدة النووية الفارسية، انشغل العالم بهذا الاتفاق العتيد وتباينت حوله الأراء الدَولية  فمنهم من رحّب وبارك بغصّة، ومنهم من عبّر صراحة مناهضته لهذا الاتفاق وكل منهم حسب مصالحه ومخاوفه.

وفي حين أجمعت معظم دول العالم على الترحيب بالانجاز التاريخي بين ايران والدول (5+1) الكبرى، لم ترحّب إسرائيل به وعارضته بشدة. فقد صرّح  رئيس الوزراء الإسرئيلي نتنياهو عن خيبة أمل إسرائيل بشأن الاتفاق الذي وصفه بأنه “خطأ صادم.. تاريخي”. مضيفًا: “إسرائيل ليست ملزمة بهذا الاتفاق مع طهران ،لأن إيران مستمرة في السعي لتدميرنا. وسندافع عن أنفسنا على الدوام”.

أمّا على المستوى الخليجي، فلم يكن لدول الخليج أي موقف معارض صريح  لهذا الاتفاق، وقد اتسمت ردود فعلها بالترحيب الحذر. فأشادت المملكة العربية السعودية أمس بعدم رفع العقوبات المتعلقة بتسلح إيران وإبقائها قائمة مدة خمس سنوات قادمة كما ورد في الاتفاق الذي وقع بين إيران والقوى الكبرى.

ونقلت وكالة “واس” السعودية الرسمية، عن مصدر مسؤول، أن المملكة تشارك دول 5+1 و المجتمع الدولي موافقته على استمرار العقوبات المفروضة على إيران بسبب دعمها للإرهاب وانتهاكها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالتسليح.

لم يكن لدول الخليج أي موقف معارض صريح  لهذا الاتفاق

كما أن سلطنة عمان والكويت والجزائر رحبت بالاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، ووصفته “بالتاريخي”.

أمّا الإمارات العربية فتصدرت الدول العربية بموقفها الايجابي، إذ أبرق رئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان  إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني تهنئة بالاتفاق النووي التاريخي عل أمل أن “يسهم الاتفاق في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها”.

وأعربت قطر عن ترحيبها بالاتفاق فوصفت وزارة الخارجية القطرية الاتفاق “بالخطوة الهامة”، مؤكدة “حرص دولة قطر نحو حماية السلام والاستقرار”.

غير أن الـ”سي أن أن” نقلت عن” مصدر رسمي سعودي” أن “إدارة الرئيس باراك أوباما ارتكبت خطأ تاريخياً ضخماً، وستترك عبئاً هائلاً للإدارة المقبلة، عليها التعامل معه وتصحيحه”. وأضاف أنه “سيكون هناك رد قوي من السعودية من خلال اتخاذ إجراءات على المدى المتوسط”.

الاتفاق النووي الايراني

والأرجح أن هذه المباركات والتهنئات لا تلغي الخوف والحذر الخليجي من مفاعيل هذا الاتفاق بالرغم من تطمينات الأمريكية  لدول مجلس التعاون بأن الاتفاق مع إيران لن يكون على حساب أمنها واستقرارها، ولن يكون أيضا على حساب العلاقة الاستراتيجية بين دول الخليج والولايات المتحدة.

مصدر رسمي سعودي” أن “إدارة الرئيس باراك أوباما ارتكبت خطأ تاريخياً ضخماً،

أما الدولة المعنية من هذا الإتفاق، إيران، فقد أعربت عن انتصار وإنجاز كبير حققته. وعمت الفرحة على المستوين الرسمي والشعبي بسبب الإيذان بعودة العلاقات الطبيعية مع الغرب وأميركا من جهة، وفك الحصار الإقتصادي على ايران من جهة ثانية.

في هذا السياق أكّد الكاتب والصحفي سعد محيو لـ”جنوبية” بدايةً أن “هذا الاتفاق انهاء لسيادة واستقلال إيران سيّما أن النصّ تضمن شروطا هائلة غير مسبوقة وصادمة ولها ديمومة تاريخية. إذ جاء في الاتفاق أن “كل مكونات البرنامج النووي الإيراني ستكون خاضعة إلى تفتيش دولي دائم ومتصل، ليس فقط لسنة أو سنتين بل لـ 10 و15 و25 سنة في بعض الحالات. وتشتمل عمليًا كل سلاسل المشروع النووي الايراني العسكري والمدنيّة”. معربًا عن ذهول لقبول ايران بهذه الشروط  قائلاً: “إيران أعربت عن تحقيق انجاز ونصر لها بينما الوقائع تقول عكس هذا الكلام حيث “ينص الإتفاق أيضًا على أنه في حال اعترضت إيران على طلب لجان التفتيش الدخول إلى موقع ما، سيُرفع الخلاف إلى اللجنة الدولية المكوّنة من الدول الكبرى الست والمولجة بمتابعة تنفيذ بنود الصفقة. وفي حال قررت اللجنة أن الطلب مُبرر، ستكون الدولة الإيرانية مُلزمة بقبوله خلال 24 يوما”.

وتابع محيو: “إيران أصبحت دولة مكشوفة وتنازلت عن سيادتها مقابل رفع العقوبات المالية لأن اقتصادها منهار وهي مجبرة على ادّعاء هذا “الانتصار” على أن يقال إنها أنجزت صفقة مع الشيطان الأكبر”.

من ناحية ثانية شكك محيو في إمكانية قبول الغرب وأميركا بالنظام الايراني كما هو دون تعديلات وتغييرات، مؤكدا أنه ضمنيًا “يراهن الغرب على الولوج إلى الداخل الإيراني وفق مخطط على المدى الطويل يؤدي إلى تغيير توجهات وسلوكيات النظام بأكمله”.

ادّعاء هذا “الانتصار” على أن يقال إنها أنجزت صفقة مع الشيطان الأكبر

من هنا قال محيو: “تأتي التطمينات الأمريكية إلى دول الخليج على أساس أن الوسواس الخناس أصبح في الداخل الإيراني”. ويتابع: “كلّ هذه المباركات ما هي الا كلام سياسي، لأنه بالرغم من كل هذه التطمينات تبقى دول الخليج خائفة من صفقات ايرانية غربية على حسابهم ومن تحالف كعهد الشاه سابقًا، وفي الوقت الحاضر المخاوف أكبر لأنّ ايران أصبحت دولة شيعية بعدما كانت دولة علمانية آنذاك”.

السابق
الإسلام والحريّة (1): توحيد العبادة بالله حرّم عبادة القادة والمتسلطين
التالي
المرصد السوري: جيش الفتح يبدأ معركة للسيطرة على بلدتي الفوعة وكفريا