الاتفاق النووي وإيران الخمينية

“ ايران حققت اهدافها … الله استجاب لصلوات أمتنا“. كلام صدر عن الرئيس الايراني حسن روحاني في معرض تعليقه على الاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه بين إيران والدول الخمس زائد ألمانيا. تُرى، كيف كان سيكون وقع هذه الكلمات على أذن قائد الثورة الاسلامية، ومؤسس النظام الايراني الحالي “آية الله الخميني“ لو كان الاموات يسمعون؟

إتفاق تاريخي تم التوصل اليه بين إيران والغرب، ستختلف تفسيراته. كل طرف سيحاول طبعا القاء الضوء على النقاط التي تُظهر المكاسب التي حصل عليها بموجبه. ولكن بغض النظر عن التفاصيل التقنية التي يتضمنها، يبقى البند الرئيس الفاقع أن إيران أضحت، وبموافقة منها ( اذا صمد الاتفاق طبعا) تحت الرقابة الدولية بزعامة “الشيطان الاكبر“ (سابقا).

القبول بهذه الرقابة، الصارمة بحسب الاتفاق، لم يأت بسهولة. تطلب الامر جلسات طويلة من النقاش الجدي والجهد الديبلوماسي والوقت الثمين. أشهر طويلة تم العمل خلالها على توافق يبقى عنوانه رفع العقوبات المفروضة على ايران، مقابل التزامها بشروط الغرب ورقابته على نشاطها النووي. عقوبات، يتفق مراقبون، على انها تحولت حبلا أخذ يلتف ويضيق الخناق على عنق ايران، ودفع بمرشدها الاعلى الى إعطاء ضوء أخضر أتاح التوصل الى اتفاق.

الاتفاق المذكور يُنهي عقدا من زمن عزلة ايران عن العالم، ويضع في الوقت نفسه شروطا على برنامجها النووي. آراك سيُعاد تصميمه بحيث لا ينتج البلوتونيوم، فوردو سيتحول الى مركز للابحاث والتطوير، ناتانز خُفضت إمكاناته، عدد اجهزة الطرد المركزي انخفض بشكل دراماتيكي. والأهم أن كل ذلك سيجري تحت أعين المراقبين الدوليين.

هل يتعايش صقور ايران مع هذا الواقع الذي يمكن ان يفرضه تطبيق الاتفاق المذكور؟ وهل سيرضى الايرانيون الفخورون بقوميتهم أن تدفع بلادهم من سيادتها، ثمن نهاية العزلة ورغيف الخبز؟

الرئيس روحاني تحدث عن فصل جديد يتيحه الاتفاق، عنوانه العمل من أجل تحقيق النمو والتطور، ويتيح لشباب ايران الحلم من جديد بمستقبل أكثر إشراقا. كلام يعيد الى الذاكرة صدى كلمات الرئيس الاميركي باراك أوباما في مقابلته الشهيرة بعيد توقيع اتفاق الاطار. حينها وضع اوباما شباب إيران بين خيارين: العزلة والمعاناة من العقوبات، أو الانفتاح على العالم والمساهمة في تطوره (وبالتالي الاندماج في منظومته).

هل يكون الاتفاق كما وصفه روحاني، “نقطة انطلاق لبناء الثقة بين إيران والغرب“؟ وهل يشكل فعلا حلا لأزمة “غير ضرورية تنبثق مع حلها آفاق جديدة مع التركيز على التحديات المشتركة“؟

وهل هذه هي فعلا أهداف الجمهورية الاسلامية وقد تحققت في الاتفاق النووي؟ وهل يُطلق عجلة تغيير يمكن أن تعيد دمج إيران بالاقتصاد العالمي؟. ولكن، هل تلتق تلك الاهداف مع ثورة الخميني قبل خمسة وثلاثين عاما؟ ومن أجل ماذا قامت تلك الثورة ودفع الشعب الايراني أثمانها باهظا؟ ألعودة إيران إلى الاندماج في المنظومة الرأسمالية العالمية؟

إن تحققت تلك النظرية، هل يبتسم الشاه “محمد رضا بهلوي” في قبره، لو كان الأموات يبتسمون؟

(مدونة)

 

السابق
بداية التطبيع بين إيران و«الشيطان الأكبر»
التالي
فتفت : لمراقبة مدى جدية الدول الكبرى في إشرافها على تطبيق النووي