وأخيرا إيران في هذا العالم: أهلا وسهلا

وقع اليوم الثلاثاء في فيينا الاتفاق النووي المنشود بين ايران من جهة وبين دول العالم الغربي الست وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية. سنوات من المفاوضات انتهت نهاية سعيدة، ولكن ما هو مستقبل ايران بعد هذا الاتفاق التاريخي؟

ليس تفاصيل ما تم الاتفاق عليه اليوم بين ايران والمجتمع الدولي هو المهم، وليس التحوّل الكبير الذي جعل من هذا الاتفاق اتفاقا تاريخيا، خاصّة بالنسبة لما قيل عن اربعماية صفحة وقّع عليها الأفرقاء كبنود ملزمة لهذا الاتفاق.

فلم يكن يوما من الايام امتلاك ايران للقنبلة النووية هو ما يشكل الخطر الحقيقي على امن المنطقة او امن العالم كما كان يسوّق الاعلام الغربي او الاعلام المناوئ للجمهورية الاسلامية وفي مقدمهم اعلام العدو الاسرائيلي، ولم تكن امتلاك ايران لهكذا سلاح ان استطاعت اليه سبيلا هو مكمن قوة للشعب الايراني كما عمد على تشييع ذلك نفس هذا الاعلام ايضا.

ياتي هذا الاتفاق اخيرا لينفض عن الجسد الايراني سنوات من الاوهام ومن غبار الخرافة

فباكستان الجائعة وشعبها المعتاش على الاعانات تمتلك هذه القنبلة منذ سنوات طويلة من دون ان يكون لها اي آثار ايجابية على نمو هذا البلد او على جعله في مصاف الدول المتحضرة ، والشعب الباكستاني لم يحصد من امتلاكه لها اي ايجابية تذكر على مستوى حياته العملية.

لطالما اقتنع مريدو الامام الخميني وفي مقدّمهم الحرس الثوري بان ايران هي دولة الامام المهدي والممهّدة لظهوره المبارك وهي المسدّدة الهيا والمكتفية بدعم السماء لها

اذا، فان الاتفاق الموقع اليوم لن يرى ايجابيته الشعب الايراني كونه اتفاق حلّ لمشكلة ميكانيكية تتعلق بموضوع تسلّح او كونه يسمح برفع عقوبات مالية محتجزة تعود لايران، فإيران الغنيّة بمواردها وامكانياتها وثرواتها الهائلة تكاد لا تحتاج الى هذه الاموال اصلا وبالتالي يمكن الادّعاء هنا بان قراءة مفاعيل هذا الاتفاق من هذه الزوايا هي قراءة لا تخلو من سذاجة مفرطة ولا تصيب واقع الحال الذي جعل من هذا الاتفاق بمثابة فرج طال انتظاره عند الشعب الايراني.

والحقيقة ان الاهمية التاريخية (كما وصف وزير خارجية ايران) انما تكمن بكون هذا الاتفاق هو بمثابة ولادة جديدة لايران، أي كأنه ثورة بيضاء على الثورة الخمينية.

الاتفاق الموقع اليوم لن يرى ايجابيته الشعب الايراني كونه اتفاق حلّ لمشكلة ميكانيكية تتعلق بموضوع تسلّح او كونه يسمح برفع عقوبات مالية محتجزة تعود لايران

فالامام الخميني الذي صبغ ايران بافكاره وعقائده على مدى اكثر من ثلاثين عام، وكبّل الدولة الايرانية بشعارات واهداف آمن هو بها، ولكنه جعلها تعيش طيلة هذه الفترة خارج الزمان والمكان، ولطالما اقتنع مريدو الامام الخميني وفي مقدّمهم الحرس الثوري بان ايران هي دولة الامام المهدي والممهّدة لظهوره المبارك وهي المسدّدة الهيا والمكتفية بدعم السماء لها، وان خياراتها السياسية انما ترسم فقط وفق رؤية دينية تراثية تمظهرت اكثر ما يكون ابان مرحلة حكم احمدي نجاد الذي اخرج ايران بشكل اكثر وضوحا عن المسار الطبيعي لتنمية الدول الحديثة مما اسرع في تدهور الاوضاع وقطع نهائيا ذلك الخيط الرفيع بين ايران وبين الواقع الحقيقي ليأخذها اكثر فاكثر الى عالم من الاوهام لا تسمن الشعب الايراني ولا تغنيه من جوع.

الاتفاق النووي

ياتي هذا الاتفاق اخيرا لينفض عن الجسد الايراني سنوات من الاوهام ومن غبار الخرافة فيقرر اخيرا النظام الايراني وحكومة حسن روحاني ان الحاجة الى الواقعية هي اكثر ما تحتاجه ايران بعد كل هذه السنوات العجاف، وهنا فقط تكمن براينا اهمية هذا الاتفاق الذي اعاد ايران الى هذا العالم فقررت الانفتاح عليه والعيش معه ، فأهلا وسهلا !

السابق
استطلاع ميداني: شيعة لبنان يحتمون بحزب الله وليسوا مقتنعين بمشروعه
التالي
سلام تلقى دعوة من السيسي لافتتاح قناة السويس