استطلاع ميداني: شيعة لبنان يحتمون بحزب الله وليسوا مقتنعين بمشروعه

أجرت مؤسسة "هيا بنا" استطلاعا للرأي استهدف المجتمع الشيعي اللبناني. نتائج العينات الاحصائية استفتت 1000 شخص بواسطة شركة متخصصة،، ويتوزع المستطلعون في الانتماء الجغرافي بين 60 في المئة في الجنوب، 15 في المئة في بيروت وجبل لبنان، و25 في المئة من البقاع.

شمل الاستطلاع الذي توجّه الى الشريحة الشيعيّة اللبنانية، أسئلة من واقع حساسية الوضع الدقيق الذي تمرّ به المنطقة ولبنان تحديدا وما يعكسه الواقع الطائفي الملتهب والمستجد من أفكار وآراء على أبناء الطائفة الشيعيّة الذين يوالون في زمننا الحالي ثنائية سياسية تتمثّل بحزب الله أولا وحركة أمل ثانيا.

فقد وضعت الطائفة الشيعية في أيام الوصاية السوريّة تحت رعاية حركة أمل برآسة زعيمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعقدين منصرمين، وكان حزب الله هو القوّة الفاعلة الثانية كرس جهوده للمقاومة وتحرير الأرض من الاحتلال الاسرائيلي، وذلك قبل أن يعود ويهيمن الحزب الديني المسلّح ذو المرجعيّة الايرانية على الحياة السياسية للطائفة ويتقدّم للمرتبة الأولى بامتياز خلال العقد الأخير بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في العام 2005 إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

الأيديولوجية الدينية ليست هي المهيمنة على المجتمع الشيعي اللبناني بقدر العصبيّة الطائفيّة

البارز في هذا الإستفتاء هو طغيان التشاؤم على المستقبل السياسي والاقتصادي للبنان والقلق على مصير الطائفة الشيعية فيه إذ أن 81,3 في المئة يعتبرون ان الامور تسير في الاتجاه غير الصحيح ولديهم نظرة غير متفائلة. و66 في المئة يعتقدون ان حالهم المالية أسوأ من العام 2014 ، و86 بالمئة يعتقدون ان اوضاع البلاد الاقتصادية اسوأ من العام 2014و 52,8 في المئة يعتقدون ان اتفاق الطائف لم يعد مناسباً للبنان.

ولأن الشعور بالخطر على الجماعة هو الذي يجعلها أكثر تعصّبا وأكثر تماسكا، فتتطلّع نتيجة له للإلتفاف حول قائد أو زعيم، فان الاستطلاع المذكور يظهر ان 57,2 في المئة يرون ان الخطر التكفيري من أهم القضايا التي تواجه الشيعة، وأن 61,5 في المئة قالوا إنهم يثقون بقائد معين لتأمين مستقبلاً افضلا لعائلاتهم واختار هؤلاء السيد حسن نصرالله بنسبة 69,9 في المئة والرئيس نبيه بري بنسبة 17,2 في المئة.

وبالنسبة للشعور الديني فان 43 في المئة يعتبرون أنفسهم في موقع الملتزم دينياً بالكامل،و 44,7 في المئة ملتزمون بشكل اجتماعي معتدل،و 12,3 يعتبرون أنفسهم غير ملتزمين.

والمفاجأة كانت في النسبة المتدنيّة لمؤيّدي ولاية الفقيه الايرانية في الشارع الشيعي وهي يمكن أن تحدّد بشكل دقيق نسبة المنتسبين لحزب الله إضافة لجمهوره اللصيق، والنسبة هي 33 في المئة فقط . فيما يؤيد 34,7 في المئة مرجعية السيد محمد حسين فضل الله، و 21,9 في المئة مرجعية السيستاني(…). وهذا ربما دليل إضافي أن الأيديولوجية الدينية ليست هي المهيمنة على المجتمع الشيعي اللبناني بقدر العصبيّة الطائفيّة التي يمكن أن يتصدّر مرجعيتها أي تنظيم يرأسه زعيم قوي يحسبه أفراد الطائفة أنه قادر على حمايتهم وتحصيل ما يتصوّرون أنّه حقوقهم من النظام السياسي الطائفي اللبناني.

وضعت الطائفة الشيعية في أيام الوصاية السوريّة تحت رعاية حركة أمل برآسة زعيمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعقدين منصرمين

أما بالنسبة لتدخّل حزب الله في سوريا فان النتيجة هي حاسمة في غمرة التعبئة الطائفيّة العاتية التي تشهدها الطائفة الشيعية إسوة بسائر الطوائف الموجودة في لبنان، وهي تعبئة شملت أخيرا منطقة الشرق الأوسط العربي أجمع إثر فشل ثورات الربيع العربي في تحصين الكيانات الوطنيّة وجنوح شرائح عديدة من شعوب المنطقة نحو التطرّف الإسلامي. فنسبة 78,7 في المئة يدعمون تدخل “حزب الله” في سوريا،و 79,9 في المئة أيضا يعتقدون أيضا ان تدخل “حزب الله” في سوريا يجعلهم يشعرون بمزيد من الامان.

حزب الله

وأخيرا بالنسبة لنظريّة سيادة الشعور الطائفي وطغيانه على باقي عناصر الهويّة الفردية والاجتماعية في بلادنا، فإن الطائفة الشيعية في لبنان تصلح كأنموذج فاقع لتأكيدها ، إذ أنّ 61,9 في المئة من الشيعة اللبنانيين المستطلعين يعتقدون ان العلويين في سوريا، وشيعة العراق والحوثيين في اليمن يقاتلون من أجل قضية واحدة.

السابق
إتفاق إيران والغرب: طريق عبّدها الوليّ الفقيه بدماء العرب
التالي
وأخيرا إيران في هذا العالم: أهلا وسهلا