مشروع الفيدرالية تلقّى صفعاته الأخيرة والحلّ باللامركزية

خريطة لبنان
"ما أحوجنا إلى اللامركزية الموسعة". نعم في هذا الوقت الصعب الذي يعيشه لبنان الحل هو اللامركزية، وليس الفيدرالية التي طرحها النائب ميشال عون، وهي تلقّت صفعتها الأخيرة. اللامركزية تحرّر المواطن، وتخلق فرص العمل تخفّف البطالة والهجرة...لذلك هم لا يريدون تطبيقها.

لم تكد تبرز الفدرالية كشعار رفع عبر جهود فردية من بعض الناشطين في هذا المجال مؤخرًا، حتى خرج الجنرال عون داعمًا للمشروع كشعار من شعاراته التي يستعملها للدعاية في الشارع المسيحي، ثم تراجع عنها نوعيًا بعد سَيل الإنتقادات التي تلقاها من الحلفاء قبل الخصوم، وهذا دليل إضافي على التصدع الذي يحتويه هذا المشروع الذي أصبح من الماضي.

أمّا الملفت للإنتباه هو انجرار الإعلام اللبناني خلف المشروع التقسيمي “الفدرالية“، وما كان لهم إلا أن يهلّلوا لكلام الجنرال متجاهلين المشروع الحقيقي الإنقاذي للبنان والذي يتمثل بطرح “اللامركزية الموسعة” وما تحمله من إيجابيات على الصعد كافة.

في الشق العملي تقوم الفدرالية اليوم على شعارات الماضي، الذي سادته الصراعات المذهبية في وقتٍ قطع اللبنانيون أشواطا بعيدة كل البعد عن الحرب الأهلية وأصبح العيش المشترك واقعا وليس شعارا. وما تماسك الشارع برغم كل الأزمات الأقوى والأشد من فترة ما قبل الحرب الأهلية سوى دليل عافية. ولكن بعض السّاسة وعلى رأسهم الجنرال عون ما زالوا يعيشون المرحلة التقسيمية ويحلمون بها، فما الفائدة من ذلك ومن المستفيد من هذا المشروع؟

بعض الساسة وعلى رأسهم الجنرال عون ما زالوا يعيشون المرحلة التقسيمية ويحلمون بها

ليس من العجيب القَول بأنَّ المشروع التقسيمي له فوائد لدى الجنرال، فالجنرال الذي يحلم بخلق إمارة مسيحية يمكنه تحقيقها من خلال الفدرالية عبر ترؤّسه لبعض المناطق من الكونتون المسيحي المطروح. وكذلك توريث عائلته مناطق أو قرى أو حتى حارات مسيحية.

نعم أيها السادة، الفدرالية تصل إلى خلق حارات مسيحية وحارات مسلمة، فلا تستغربوا …

وبالنسبة لـ”اللامركزية”، فلماذا هذه الخشية منها؟ ولماذا لا يتم دفعها أكثر نحو المُقدمة؟

فتطبيق اللامركزية الإدارية في لبنان هو ضرورة من أجل تسهيل حياة المواطنين وتحسين الخدمات المقدمة لهم عبر الإفساح للمحافظات والبلديات للقيام بالتخطيط والتنفيذ الفعال لمشاريع تنموية نظرا الى معرفتهم الوافرة بحاجات مناطقهم ومتطلباتها، ويمكن أن تشمل هذه المشاريع الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية والتربوية والثقافية. وهكذا تكون اللامركزية الإدارية ركيزة أساسية للانماء المتوازن فضلا عن أهميتها من أجل تعميق التجربة الديموقراطية عبر إتاحة المجال أمام المواطنين للتعبير عن مصالحهم المحلية وانتخاب ممثليهم المحليين والاشتراك في إدارة شؤونهم المناطقية.

الفدرالية قد تؤدي إلى خلق انقسام اسلامي مسيحي

لذلك، تُشكّل اللامركزية مخرجًا إجتماعيًا إقتصاديًا للبنان، وهنا يقول البعض بأنَّ ذلك شيء جَيِّد وهدف عدد من الساسة اللبنانيين أصلًا فلماذا لم تُطَبَّق!

ميشال عون

يأتي الجواب من الناحية السياسية،فخوف الساسة من اللامركزية يأتي من خوفهم على زعاماتهم السياسية ومركزيتها، وخشيتهم من مشاركة السلطة المحلية لنفوذهم، كما لا بُدَّ من التذكير أنَّ خلق فرص العمل للمواطنين هي فكرة معادية لساسة الوطن الذين يريدون للمواطن أن يبقى أسير زعامتهم وتشعباتها من مساعدات إجتماعية وعمليات التوظيف المشبوهة.

نعم، لقد تلقّى مشروع الفدرالية صفعته الأخيرة عقب التحرّك الفاشل للعونيين، فما أحوجنا الى “اللامركزيّة الموسّعة” البديلة عنه كنظام حكم وادارة متقدّم ومتطوّر يحفظ الصيغة اللبنانية ويدعم العيش المشترك.

السابق
مسؤوليتي عن خياراتي
التالي
«المسحراتي» الرمضاني يهزم «المنبّه»