الحريري يُصوّب البوصلة

رأت “النهار” أنه اذا كانت إطلالة الحريري المنتظرة استعادت مواقف سابقة له من سياسات “حزب الله” في لبنان وسوريا، ولم تتسم بليونة على رغم الحوار الثنائي بين الطرفين، والذي تعقد له جولة اضافية مساء اليوم، فانها أعادت تصويب البوصلة في التوجهات السياسية الداخلية عبر تأكيد التمسك بـ”خيار واحد لا ثاني له: أن نتضامن على إعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية، وحماية الفكرة التي قامت عليها دولة لبنان وتكرست من خلال الميثاق الوطني في الأربعينات، وتجددت من خلال وثيقة الوفاق الوطني في الطائف”.

كتب عبد السلام موسى في “المستقبل”: .. أمانة وطن

«لا يهمني ما يحاول غيرنا القيام به، بل يهمني ما نقوم به نحن». جملة مفتاح أرادها الرئيس سعد الحريري رسالة مسؤولة وواضحة في خطابٍ خَطّت حروفه كلمات من ذهب، عن «أمانة وطن» يحملها «تيار المستقبل» منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري، بكل أمانة، فيما الآخرون يحملون «أمانات قاتلة» عابرة لحدود الوطن. لم يكن الحريري مهتماً لما يقوم غيره به، بقدر ما بدا في إطلالته الهادئة مهتماً بما يقوم به لإنقاذ الوطن، من ذهابهم إلى النار المشتعلة في المنطقة، وتأكيد التصميم على الاستمرار في تقديم المبادرة تلو المبادرة لـ»إيجاد المخارج»، مهما استمر البعض في الهروب من خريطة الطريق لحماية لبنان إلى خرائط التقسيم لتفتيت المنطقة، والغرق في حمامات الدم المذهبية، والتصوير أن طريق «بيروت طهران» الذي يمرون به في الزبداني ودمشق، هو طريق فلسطين!. حاضر الحريري بـ»حقوق اللبنانيين» ولم يحاضر بـ»حقوق طائفة»، من موقعه على رأس الاعتدال «الحامي» للإجماع الوطني، و»المقاوم» لـ «تخريب الدولة»، و»المناهض» لـ»وصفات التعبئة» الموصوفة لإنتاج التطرف بـ»حشد شعبي» أو «صحوات مذهبية»، و»الحريص» على أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو «حق حصري» للبنانيين، وليس «حقاً حصرياً»، لا لـ»شخص واحد»، ولا لـ»اتفاق نووي»، ولا لـ»متغيرات في سوريا». نقض الحريري «المواعظ» التي لا تعّظ من يقولها في محور «حزب الله»، من موعظة «تحييد لبنان» المترجمة بـ»الإصرار على زج لبنان بكل الصراعات من اليمن إلى العراق إلى سوريا»، إلى ترف النقاش في «اتفاق الطائف» الذي «يُظلم» عندما يتجاهل «الظالمون» الحديث عن «حصرية السلاح» و»حل جميع الميليشيات»، ويتحدثون عن «المثالثة» بديلاً لـ»المناصفة»، وصولاً إلى محاضرات «التفرد والتهميش» من قبل «قديسييها» حاملي «الرقم القياسي» في ضرب الشراكة الوطنية بقوة السلاح، بـ»تمجيد» قتل اللبنانيين في «7 أيار»، و»تقديس» المتهمين باغتيال رفيق الحريري، و»تشريع» الانقلابات على الوحدة الوطنية، و»التفرد» بقرار الحرب والسلم، و»تكريس» الاغتيال الجسدي وسيلةً للإلغاء السياسي، واللائحة تطول. وضع الحريري النقاط على حروف الأزمة، التي يحاول «تيار المستقبل» التخفيف من حدتها، بحوارات يخوضها للمستقبل لا على الماضي، وبحكومة «مصلحة وطنية» لا «مصلحة شخصية»، انطلاقاً من كون الأزمة تقوم على «ربط نزاع سياسي»، وليس على «ربط نزاع طائفي»، كما اجتهد الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، في محاولته المفضوحة لتصوير الأزمة على أنها مواجهة «سنية مارونية»، على أنقاض خطاب «الحقوق المهدورة» للنائب ميشال عونّ!. أعطى الحريري «تيار المستقبل» حقه كـ»قوة اعتدال لا تنكسر»، وأنصف جمهوره المؤتمن على رسالة رفيق الحريري في كل المناطق، وارتقى بدوره الوطني والعربي إلى حيث هو، في موقع «تيار الدولة» الذي لا تستهويه لعبة الميليشيات، ولا تغريه المشاركة في «ألعاب الدم بين الأخوة«، وفي موقع الاعتدال الذي يحارب التطرف، ويصون السلم الأهلي، ويقف سداً منيعاً أمام «جريمة حرق الوطن باسم الوطن». وجه الحريري رسالة حازمة إلى كل اللبنانيين، بأن «أمانة الوطن» التي ورثها عن رفيق الحريري ليست لعبة، إنما مسؤولية تستوجب العطاء بلا حدود، انطلاقاً من قناعة يقدمها «تيار المستقبل» على أي قناعة، بأن المهم هو ما نقدمه للوطن، لا ماذا يقدم الوطن لنا.  هنا يكمن أصل الخطاب، وفصله.

السابق
الحريري: غير معنيين بالمتاريس الطائفية والاعتدال لن ينكسر
التالي
الحريري وضع النقاط على الحروف