فرنجية يرفض الفدرالية.. والمشنوق لباسيل: تصبّون الزيت على نار الحرب

نهاد المشنوق

كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية، لليوم الثالث عشر بعد الأربعمئة على التوالي.
أزمة الحكم تراوح مكانها. لا اتصالات سياسية ولا تحركات في الشوارع. إنه موسم المنابر، وهو موسم سيمتد من الآن وحتى موعد جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد أسبوعين، إذا لم يطرأ ما يعدِّل موعدها.
ولعل أبرز لغم يواجه هذه الجلسة هو، أولاً، افتقاد الجهة المبادرة من أجل إقامة مشاورات سياسية بين الأطراف المعنية بالأزمة، وخصوصاً “تيار المستقبل” و “التيار الوطني الحر”، في ظل ما يشبه القطيعة السياسية بينهما حالياً، واستنكاف الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط عن القيام بأي دور في ضوء مجريات جلسة الخميس الماضي.
أما ثاني الألغام، فيتمثل بتحديد مطالب “التيار الوطني الحر”، في ضوء انفلاش العناوين وتشعبها، بدءاً من تعيين قائد جديد للجيش وصولاً الى دعوة الحكومة لوضع قانون انتخابي على قاعدة أولوية إجراء الانتخابات النيابية، مروراً بمطلب التسلح بصلاحيات رئيس الجمهورية والتوافق على مقاربة موحدة لآلية إدارة جلسات مجلس الوزراء.
أما ثالث الألغام، فيتمثل في تحديد مروحة الخيارات المطروحة بعد حسم المطالب، فإذا كانت الأولوية للقانون الانتخابي، فإن الأمر بات يتعدى قدرة مجلس الوزراء والحكومة، وربما يستوجب عقد مؤتمر للحوار الوطني في ظل استمرار إقفال أبواب مجلس النواب.
أما إذا كانت الأولوية لتعيين قائد جديد للجيش، فماذا اذا كانت أكثرية الحكومة ترفض ذلك، وماذا اذا تم التوافق على إحالة الأمر الى أقرب محطة ممكنة وهي السابع من آب المقبل، تاريخ إحالة نائب رئيس المجلس العسكري رئيس الأركان في الجيش اللواء الركن وليد سلمان للتقاعد.
أما اذا كانت الأولوية للتوافق على آلية عمل لمجلس الوزراء، فربما تكون هذه من أسهل الخيارات كونها تخضع لإرادة مجلس الوزراء مجتمعاً، وسبق أن تم التوافق على أكثر من آلية منذ بدء الفراغ الرئاسي قبل نحو 14 شهراً حتى الآن.
ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن الأولوية للتوافق على آلية عمل جديدة لمجلس الوزراء، على أن يكون الاختبار الأول لها في السابع من آب المقبل، وقالت لـ “السفير” إن مجلس الوزراء يمكن أن يحسم مسألتي قيادة الجيش ورئاسة الأركان في هذه الجلسة دفعة واحدة، أخذاً في الاعتبار أن التمديد للاثنين حصل في آخر مرة في السابع من آب 2014 (اي قبل نحو ستة أسابيع من تاريخ إحالة العماد جان قهوجي للتقاعد في 23 ايلول 2013).
وأوضحت المصادر لـ “السفير” أن مجلس الوزراء سيكون معنياً بمناقشة الأسماء المطروحة لهذين المنصبين، فإذا تعذر توافر الثلثين لأي منهما، يبادر وزير الدفاع غداة الجلسة الى إصدار قرار بالتمديد لكليهما أو لأحدهما تبعاً لمجريات مجلس الوزراء.
وقالت المصادر إنه من غير المسموح حصول فراغ في قيادة المؤسسة العسكرية “وهذا قرار أكبر من لبنان ومن كل اللاعبين المحليين”، وأكدت المصادر أن الحكومة لن تسقط “لأن قرار استمرارها أكبر من قدرة أي طرف داخلي على تعطيلها أو إطاحتها”.
نصرالله: لا لاستفراد عون
في هذه الأثناء، كان البارز على صعيد المواقف السياسية، غداة جلسة مجلس الوزراء و “حرب الشوارع والصلاحيات” التي رافقتها، تقديم الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله جرعة دعم كبيرة للعماد ميشال عون، وقال إن الحزب لن يتخلى عن العماد عون و “التيار الحر” “وخياراتنا للحفاظ على هذا التحالف مفتوحة، وكل شيء من الممكن أن يحصل وهذا ليس بتهديد إنما مجرد توصيف لحقيقة”.
وحذر نصرالله من أن إدارة الظهر لعون لن تؤدي الى نتيجة، ورأى أن الرهان على الوقت أو على عزل “التيار الوطني الحر”، “هو رهان خاطئ وبائس”.
نصرالله وفي خطاب عبر الشاشة ألقاه، أمس، أمام المشاركين في احتفال “يوم القدس العالمي”، في “مجمع سيد الشهداء” في الرويس، أوحى بأنه لا يلتقي مع عون في طرح الفدرالية، لكنه رفض في المقابل محاولة استفراده، ملقياً بالمسؤولية على “تيار المستقبل”، متبنياً “مطالبه المحقة” في شأن الحكومة وآلية عملها، وشدد على وجوب التفاهم على آلية عمل مجلس الوزراء وحسم النقاش بشأنها.
وإذا كان السيد نصرالله قد غطى التحرك الاحتجاجي العوني، فقد برر عدم مشاركة “حزب الله” في هذا التحرك بقوله “ليس من الحكمة أو مصلحة الحراك الشعبي أن نشارك في تظاهرات شعبية، ثم إن العماد عون لم يطلب منا ذلك، كما أنه يتفهم وضعنا وحجم المهام التي يتصدى لها حزب الله”.
وبالتوازي، قدم نصرالله جرعة إنعاش كبيرة لحكومة المصلحة الوطنية بقوله: “لا عون ولا أحد من حلفائه، يريد تعطيل الحكومة أو إسقاطها، نحن في ظرف استثنائي وسقوط الحكومة في هذا الظرف معناه ان البلد كله يذهب الى الفراغ”.
وإذ شدد على أهمية توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية وإعادة فتح أبواب مجلس النواب، ركز على مسلمات الشراكة والعيش المشترك والحوار بين اللبنانيين، وقال: “من الأجدى أن يبدأ هذا الحوار ثنائياً بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، ومن ثم ننضم إليه جميعاً”.
في الشق الإقليمي، وبعد أن أكد نصرالله على حتمية فشل الحرب السعودية الانتقامية على اليمن، توجه الى من يريد إسقاط سوريا قائلا: “لا تعدّوا الأيام ولا الأسابيع، سوريا صامدة وستصمد، وسنبقى معها، ومن يريد إسقاط سوريا فلن يستطيع ذلك، وسيخوض حرباً طويلة ولن توصله الى نتيجة. وطريق القدس تمر في القلمون ودرعا والسويداء وحلب وكل مدينة في سوريا، لأنه إذا ضاعت سوريا ضاعت فلسطين”.
فرنجية: الفدرالية
لن تعيد حقوق المسيحيين
بدوره، أكد رئيس “تيار المرده” النائب سليمان فرنجيه استمرار تمايزه عن “التيار الحر” في بعض الأمور، لكنه استدرك بتجديد وقوفه الى جانب عون ودعمه الى أقصى حد طالما الخط السياسي واحد والهدف واحد، متمنياً ان يكون الحديث عن الفدرالية زلّة لسان “لأننا دفعنا دماً ضد الفدرالية وهي مرفوضة ولن تعيد حقوق المسيحيين التي لا يختلف على أحقيتها أي مسيحي لبناني”، مؤكداً “أننا عندما نطالب بصلاحيات رئيس الجمهورية لا نسمح بكسر صلاحيات باقي الرئاسات، بل المطلوب حفظ كل الرئاسات، والخطأ لا يُعالج بخطأ”.
فرنجيه وفي مؤتمر صحافي عقده، أمس، في بنشعي، اعترض على قرار العماد عون بالنزول الى الشارع، وقال: “أن نتبلغ القرار قبل ساعات فنحن نحترم موقفه ولكن نختلف معه على الوسيلة”، ورأى ان اولويات الناس اليوم هي اقتصادية ومعيشية وأمنية.
وكرر التأكيد “أننا مع العميد شامل روكز لقيادة الجيش”، واستدرك بالقول إن العماد جان قهوجي “اثبت جدارته وأنه على مسافة واحدة من الجميع وهو بالتالي أفضل من الفراغ”.
باسيل والمشنوق
من جهته، أعلن وزير الخارجية جبران باسيل أن الشارع “خيار دائم” في معركة الصلاحيات، وقال في مؤتمر صحافي في قصر بسترس: “إذا كانت داعش السيف خطر على لبنان والاعتدال، فإن داعش السياسي خطر على كل اللبنانيين بكل طوائفهم.. وسنواجهه”.
وسارع وزير الداخلية نهاد المشنوق للرد على باسيل في إفطار أقامه، مساء أمس، في وزارة الداخلية، فسأل “ماذا يبقى من خيارات الاعتدال ومن مناعة بيئته الحاضنة إذا كان التهور يبلغ بالبعض حد وصف بيئة الاعتدال بالداعشية السياسية”؟
ورأى المشنوق أن هذا التوصيف “يعبِّر عن موقف سياسي يُبنى عليه حراك سياسي وشعبي في واحدة من أبشع صور الاستنفارات الطائفية في تاريخ لبنان، من دون أن يكون لها أي أفق سياسي جدي سوى استنفار جهات طائفية مقابلة وافتتاح جولة جديدة من جولات الجنون”، وحذَّر من أن المبالغة في رفع المظلومية المسيحية، “لا تخدم إلّا المغالين في المظلوميات السنية والشيعية، وهذا فيه الكثير من صب الزيت على نار الحرب الأهلية”.
أضاف: “لن يثنينا شيء عن متابعة ما بدأناه من محاربة التطرّف والإرهاب مهما قالوا ومهما فعلوا. وأقول لكل من يعتقد أن ممالأة التطرف بحثاً عن شعبية آنية، لا تؤدي إلا إلى تقوية المتطرفين وإضعاف الاعتدال”.
وناشد وزير الداخلية العماد عون بالقول: “تعال الى منطقة وسطى نحمي فيها البلاد مع قوى الاعتدال الحقيقي، فلا خيار لنا ولك إلا لبنان اولاً”.
وأعلن المشنوق في كلمته أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد أبلغه أن ملف موقوفي “فتح الإسلام” قد أقفل نهائياً مع صدور آخر الأحكام، أمس، وبالتالي، ينتفي من الآن وصاعداً باب الاستثمار السياسي لهذه القضية.
من جهة ثانية، وفي موقف هو الأول من نوعه، أعلن رئيس حزب “القوات” سمير جعجع تأييّده الحراسات الليليّة في البلدات البقاعية الحدودية بإشراف الجيش اللّبنانيّ وحده، ودعا “إلى إنشاء لواء من أنصار الجيش اللبنانيّ، يتألّف من أبناء القرى الحدوديّة في البقاع الرّاغبين في حراسة قراهم وبلداتهم، ويعمل تحت إشراف قيادة الجيش مباشرةً”.

السابق
تبريد في الداخل وفرنسا تنشط للتوافق نصرالله: لا أحد يريد تعطيل الحكومة
التالي
نصرالله : طريق فلسطين تمر عبر سوريا…