الضاحية مهدّدة.. وارتفاع جنونيّ في الإقبال على شققها!

إعمار الضاحية الجنوبية
هل سيصل بنا الحال يوما نحن اللبنانيين أن نسكن المقابر، كما فعل المصريون قبلنا.. نظرا للارتفاع الهائل في ثمن الشقق والبيوت والاراضي، وبسبب ضعف القدرة الشرائيّة لدى سائر المواطنين من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة؟

إشترت هدى عز الدين شقة صغيرة بواسطة سمسار في حي السلم بضاحية بيروت الجنوبية في العام 2012 بـ40 ألف دولار وبمواصفات رديئة. إلا أنها غيّرت المواصفات التي كانت رديئة جدا حين تسلُّمتها، بسبب عدم توفر أي بديل ثان. وتكلفت على اصلاحها ما يقارب الـ 15 ألف دولار.

كذلك اشترى أحمد شحادة شقته المستعملة بـ52 ألف دولار وأعاد تصليحها بحوالي 10 آلاف دولار، إلا أن عرضاً مغرياً قدّمه له احد السماسرة لكنه رفض العرض.

أما زينب.أ التي ظلت مخطوبة لمدة 3 سنوات، تطلّقت لأنّ خطيبها لم يوفّق بشقة لاستئجارها بهدف الزواج، وذلك بسبب الغلاء وعدم توافر شقق مناسبة الأسعار كي يشتريها العروسان.

ما هو سر إرتفاع أسعار الشقق الجنوني في الضاحية الجنوبية؟

فغالبا ما تكون الشقق المعروضة للإيجار غير مؤهّلة بشكل جيّد وتحتاج لتصليحات كبيرة، إضافة إلى الشروط التعجيزية التي يضعها المالك، الذي بات يشترط تخفيف زيارات أقارب المستأجر وأهله، وعدم إثارة الضجّة في المبنى. هذا كله مع إضافة فواتير المياه ومصاريف البناية المتوجّبة على المستأجر الآتي أصلا من بيئة متوسطة، متواضعة الحال ماديّا، وهو غير قادر على تقسيط شقّة ولو عن طريق مصرف الإسكان أو المؤسسة العامة للإسكان التي تقدّم قروضاً مع تسهيلات بالدفع لغاية 30 عاماً.

اقرأ أيضاً: من هي ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (1)

إذن ما هو سرّ إرتفاع أسعار الشقق الجنوني في الضاحية الجنوبية لبيروت، فالمياه فيها غير صالحة للشرب، فما بالك بالتيار الكهربائي المقطوع دائما والطرق المحفّرة وازدحامات السّير والمخالفات الكثيرة بلا حسيب، وانعدام وجود الأرصفة ومواقف السيارات في بعض المناطق مثل حيّ السلّم وتحويطة الغدير، إضافة إلى تراكم النفايات في بعض الزواريب.

المستأجر الآتي أصلا من عائلة وبيئة متوسطة الحال ماديا هو غير قادر على تقسيط شقة ولو عن طريق مصرف الإسكان

في محاولة للبحث عن السرّ.. تبيّن أن الطّلب على الشقق والإيجارات إزداد منذ العام 2011 بطريقة أكبر.

المهندس علي حطيط، صاحب شركة “مختار”، يعيد السبب إلى “العامل السياسي والحوادث الأمنية المتفرقة التي لعبت دورها خلال الأيام السابقة في دفع العديد من أبناء الضاحية إلى أن يتكتلوا في هذا المكان الصغير المساحة، المعدوم خدماتياً”.

ويلفت حطيط إلى أنه “نظرا لضيق المساحات في الضاحية، بات التنافس شديداً، حتى صار العقار الواحد يُشرى ويباع في السنة مرات عدة. وبالتالي زادت الكلفة على المشتري. وهناك عامل آخر هو كلفة اليد العاملة، وكلفة مواد البناء، اللذان يُعدان من العوامل الاضافية التي أدت الى إرتفاع أسعار الشقق، وبسبب الطلب الكبير على الشقق فإننا نبيع الشقق وهي لا تزال قيد الإنشاء، أي على الخرائط”.

ونظرا لانعدام مساحات البناء في الضاحية تقريباً، بات التنافس شديداً، حتى صار العقار الواحد يُشرى ويباع في السنة مرات عدة

والشقق، بحسب حطيط، أسعارها إلى إرتفاع “بسبب الطلب الكثيف على الشراء، ولأن الكثافة السكانية في الضاحية معروفة، وهي تزداد لأن أهلنا لا يرغبون في السكن إلا بقرب بعضهم البعض أي كالعائلة النواة. ولن تحلّ الأزمة السكنية قريبا لأن الطلب هائل على الشقق في المنطقة”.

اقرأ أيضاً: من هي ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (2)

وحول عدم بناء شقق على نمط الاستديو، أي غرفة نوم ومطبخ ومنتفعاتهما أو غرفتيّ نوم ومنتفعاتهما، للعرسان الجدد، أوالطلاب أوذوي الدخل المحدود، فإنه يرى “أنّ السبب هو عم وجود جدوى. فالأمر غير مربح. لذا أنصح الناس بأن تشتري اليوم قبل الغد”.

المؤسسة العامة للإسكان

وفي لقاء مع موظف في المؤسسة العامة للإسكان، رفض الكشف عن اسمه لأسباب وظيفية، قال إن “وزارة الإسكان تقدّم خدماتها لذوي الدخل المحدود بفوائد قليلة مع التسجيل المجاني. أي أن يكون الدخل العائلي أقلّ من عشرة أضعاف الحد الأدنى، فعندما كان الراتب 300 ألف ليرة كان القرض لمن لا يتقاضون أكثر من 3 ملايين ليرة شهريا، ولما بلغ الحد الأدنى 500 ألف صار القرض لمن لا يدخّلون شهرياً أكثر من 5 ملايين ليرة”.

ورش عمل

ويضيف الموظف: “القاعدة العامة للتسديد هي بحسب العمر، وتقوم على قاعدة أنّ سنّ التقاعد الرسمي في الدولة اللبنانية هو 64. ويقدم بنك الإسكان قروضه لمنزل لا تزيد مساحته عن 250 متراً والراتب المذكور. على أن يكون الراتب السنوي لا يزيد عن 45 مليون ليرة، والعمر لا يزيد عن41 سنة”. ويتابع: “لم يتناقص الإقبال على القروض، بل زاد لدرجة أننا كنا نستقبل 17 الى 20 ملفاً يوميا. وإرتفع عدد الطلبات لاحقا إلى 60 طلبا يومياً، ما دفع المؤسسة إلى تحديد عدد الطلبات بـ35 يومياً كحدّ أقصى”.

للحصول على قرض سكني

المستندات المطلوبة للحصول على قرض سكني هي: إخراجات قيد فردية وعائلية لطالب (ي) القرض + صور شمسية + ورقة راتب (أو أكثر) + ورقة سكن من المختار+ ورقة تسامح + إفادة عقارية + نظام الملكية + صورة السند الأخضر + رخصة الإسكان + خريطة الإفراز+ وعد بالبيع.

وربما لهذا السبب نذهد انتشار العروض في كل مكان عن بيع وشراء واستثمار البيوت، إضافة الى انتشار كبير لمكاتب السمسرة التي تأخذ حصتها من الشاري والبائع ما يعادل 2,5 في المئة من قيمة المنزل.

وقد رفضت (س. ف) بيع شقتها عبر سمسار كونها لن تستطيع دفع بدل سمسرة له، وهذا ما يفعله كثيرون حيث يعمدون إلى طباعة إعلانات بيع ونشرها على جوانب الطرقات وفي المحال التجارية بطريقة يدوية وشخصية او عبر الفايسبوك.

السابق
رحيل عمر الشريف
التالي
بالفيديو: تعرّف على حقيقة داعش