أزمة اللاجئين السوريين هي الأكبر في العالم منذ ربع قرن

كشف تقرير اصدرته حديثا مفوضية اﻻمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ان اجمالي عدد اللاجئين السوريين نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من 4 سنوات، تخطى حاجز الـ4 ملايين للمرة الأولى بعد 10 أشهر من إعلان بلوغ عددهم حاجز الـ3 ملايين، منهم نحو مليون و200 الف ﻻجئ في لبنان. هذا الامر يؤكد أن هذه الأزمة هي الأكبر في العالم منذ نحو ربع قرن، من بين الأزمات التي سبق ان شهدتها المفوضية.

ضاعفت أزمة اللجوء السوري من عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في لبنان الذي لا يزال اقتصاده مقيّداً بالاضطرابات القائمة في المنطقة. وتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي تداعيات هذه الاضطرابات الى نمو خجول للاقتصاد اللبناني لن يتعدى 2,5% في 2015 مقارنة بنحو 2% في 2014، في ظل ارتفاع مستمر في عجز المالية من 7,1% في العام الماضي الى 9,1% خلال 2015، في موازاة ارتفاع الدين العام الى نحو 70 مليار دولار. وادت أزمة اللجوء السوري الى ايجاد جيل جديد من العاطلين عن العمل في لبنان، اذ ارتفع عددهم إلى نحو 346 الفا وفق أرقام وزارة العمل، في وقت يتخطى هذا الرقم الـ400 الف بحسب الاحصاءات غير الرسمية، لترتفع نسبة البطالة زهاء 25% من إجمالي القوة العاملة و36% بين الشباب، مما ساهم في ارتفاع عدد اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر الى أكثر من مليون و170 الفا. وما زاد من حدة الازمة، الضغوط التي يعانيها المواطن بسبب المنافسة غير الشرعية التي يتعرّض لها في ظل ركود يعيشه الاقتصاد منذ أعوام. فسوق العمل تعاني منافسة غير شرعية وغير متكافئة، بعدما أقدمت مؤسسات على استبدال العمال اللبنانيين بسوريين لتخفيف التكاليف عنها. مع الاشارة الى ان لبنان باشر في 5 كانون الاول 2014، تطبيق معايير جديدة تنظم دخول السوريين الى اراضيه والاقامة فيها، تقوم على فرض سمة او اقامة. هذا الامر لم يكن معمولاً به في السابق، اذ كان السوريون يدخلون بحرية تامة الى لبنان ويعملون فيه بلا اي قيود. ولكن مع استمرار الازمة، ينبغي بدء تنفيذ خطوات أخرى قد تساهم في حماية سوق العمل اللبنانية من المنافسة السورية، ومنها وقف العمل بالاتفاق الثنائي الذي وُقّع بتاريخ 18 تشرين الثاني 1994 بين لبنان وسوريا والذي يحدد مجال العمل بين البلدين، أو إعادة النظر فيه، لحين عودة الاستقرار الى سوريا.

تقرير المفوضية
وبالعودة الى تقرير مفوضية اﻻمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نزح 7,6 ملايين شخص جديد على الأقل داخل سوريا، فيما يعيشش عدد كبير منهم في ظروف صعبة. وفي هذا السياق، أشار المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس الى ان اللاجئين السوريين يشكلون أكبر مجموعة من اللاجئين في العالم، مؤكدا حاجتهم الى الدعم لأنهم يعيشون وسط ظروف مزرية تزيدهم بؤساً”.
وفي ظل عدم بروز بوادر لانتهاء الحرب في سوريا، تتفاقم الأزمة بشكل مأسوي ويرتفع عدد اللاجئين تباعاً. واستناداً إلى المعدلاتت الراهنة، تتوقع المفوضية أن يصل عددهم إلى 4,27 ملايين لاجئ في حلول نهاية 2015. ومن بين الأربعة ملايين لاجئ سوري، هناك 1,805,255 لاجئاً في تركيا و1,172,753 في لبنان و629,128 في الأردن و249,726 في العراق و132,375 في مصر و24,055 في مناطق أخرى في شمال افريقيا. ولا يشمل هذا الرقم طلبات اللجوء التي يفوق عددها الـ270,000 طلب والتي قدمها سوريون في أوروبا. وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد كشف في وقت سابق ان نحو 12,2 مليون شخص في سوريا يحتاجون الى مساعدات بينهم أكثر من 5 ملايين طفل، في وقت أصبحت سوريا في نهاية 2014 أكبر منتج في العالم للنازحين داخلياً وللاجئين خارجيا، يليها كل من أفغانستان مع 2,59 مليوني لاجئ والصومال مع 1,1 مليون لاجئ.
لقد بات التمويل المتعلق بوضع اللاجئين السوريين مشكلة ملحة، اذ طالبت المفوضية وشركاؤها بتوفير مبلغ 5,5 مليارات دولارر لسنة 2015 للمساعدات الإنسانية. رغم ذلك، واعتباراً من أواخر حزيران المنصرم، تم الحصول على أقل من ربع هذا المبلغ أي ما نسبته 24%. هذا الوضع يشير الى أن اللاجئين سوف يواجهون انقطاعاً حاداً في المساعدات الغذائية، مما سوف يجعلهم يصارعون من أجل تحمّل النفقات والاعباء المعيشية. وتتزايد حياة السوريين في المنفى صعوبة، إذ يعيش نحو 86% منهم تحت خط الفقر المحدد بـ3,2 دولارات يومياً خارج المخيمات في الأردن. وفي لبنان، يعيش 55% من اللاجئين دون المستوى المطلوب، في الوقت الذي يتضاءل فيه أمل العودة إلى الوطن مع استمرار الأزمة.

(النهار)

السابق
جديد الحرب على «داعش»
التالي
ريفي : ليتوقف المتاجرون بالمذهبية عن سلوكياتهم البعيدة عن الإسلام