الجنرال وحليفه حزب الله خرجا من الكيان اللبناني

السيد حسن نصر الله
البلد في حالة ترقب، الجنرال يعلن الحرب، يدعو إلى استخدام الشارع دعوة إلى إنهاء ما تبقى من مؤسسات السلطة. كل ذلك كي يستعيد "المسيحييون" حقوقهم المهدورة.

في رأي الجنرال، لا يستقيم البلد إلاّ إذا أمسك المسيحيون بتلابيبه، وفي القلب موارنة يحلمون باستعادة الامتيازات التي خسروها في حرب أهلية امتدت 15 عاماً. لكن الموارنة لا يعرفون كيف يحكم البلد إلا إذا كان رئيس الجمهورية ذا صفات لا تنطبق إلا على الجنرال نفسه.

وكي يحمي الجنرال نفسه يجب أن تكون مؤسسة الجيش إلى جانبه، وحتى يؤمّن لها، يجب أن يكون على رأسها “صهره” شامل روكز، وعلى رأس الخارجية “صهره” الآخر جبران باسيل، ولا نعرف ماذا يخبّىء من مواقع لابن شقيقته النائب آلان عون.

اقرأ أيضاً: هل ساعدت الحرب السورية في شدّ العصب الكنسيّ المسيحيّ؟

ربما اللبنانيون تعساء لا حظ لهم لأن الجنرال لم ينجب ذكرا كي يرث جينات والده. ربما الجنرال يغار من زعماء عرب أورثوا أبناءهم، وهو يحاول أن يحل الموضوع بتوريث أصهرته.

المسيحيون خسروا الحرب الأهلية ودفعوا ثمن مواقف زعمائهم في سبعينات القرن الماضي

يبدو أن الجنرال لم يقرأ التاريخ جيداً. المسيحيون خسروا الحرب الأهلية ودفعوا ثمن مواقف زعمائهم في سبعينات القرن الماضي. عام 1972 طالب الزعيم الوطني كمال جنبلاط السلطة بالإقدام على إصلاحات سياسية خصوصاً في قانون الانتخاب، كي يؤمّن مشاركة أوسع من المواطنين اللبنانيين ويكون مدخلاً لإصلاحات تطال مجمل النظام. وهو ما كان يمكن ان يسمح للموارنة بالاستمرار في الحكم والحصول على الامتيازات، لكن السلطة رفضت اقتراح جنبلاط، وذهب البلد إلى الحرب الأهلية، وصار شعار المشاركة السياسية هو الأقوى لنصل إلى اتفاق الطائف الذي نقل السلطة الفعلية إلى الزعامات الإسلامية مجتمعة “سنّة وشيعة” وتراجع دور المسيحيين وكُرّس التراجع بمقاطعة انتخابات 1992.

يومها رفض الجنرال اتفاق الطائف وأصرّ على بقاء القديم على قدمه، وظن نفسه أنه في العام 1917 يوم بدأ النقاش بإنشاء الكيان اللبناني في فرساي، فبات متأخراً قرناً كاملا من الزمن.

وحتى يستعيد الزعماء المسيحيون دورهم ويحصلون على الامتيازات التي استولى عليها الزعماء المسلمون، عليهم خوض حرب أهلية جديدة قد تكلف البلد أضعاف خسائر الحرب الأهلية الأولى وستكون بلا نتيجة وسيدفع المسيحيون الثمن مجدداً بسبب قصر نظر “زعيمهم” الأوحد.

حتى يستعيد الزعماء المسيحيون دورهم ويحصلون على الامتيازات التي استولى عليها الزعماء المسلمون، عليهم خوض حرب أهلية جديدة

ويلتقي الجنرال وتياره مع حزب الله، بل هو يكمل ما بدأه الحزب منذ عامين، عندما خرج ليكون أداة إقليمية بيد النظام الإيراني والنظام السوري ويفقد موقعه كحزب لبناني. لم يخرج من الكيان سياسياً فحسب بل جغرافياً ليعلن أن الكيان لم يعد يعني له شيئاً، وأن لبنان ليس وطناً نهائياً لكل أبنائه وأننا بحاجة إلى مؤتمر تأسيسي لا تُعرف نتائجه ويرتبط بما سينتج عن الحرب في سورية.

ميشال عون والسيد حسن نصرالله

في حين أن الحليف الأساسي وهو الجنرال قد خرج أيضاً من الكيان وعاد إلى موقع الزعامة المارونية عام 1917 – 1919 عندما أصرت يومها على كيان ماروني صاف. ما يجمع الطرفان هو عدم الإيمان بلبنان وطناً لكل أبنائه من مختلف المكونات الاجتماعية، وما يدفع الطرفان إلى الانغماس أكثر في سياستهما هو سياسة الأطراف الأخرى التي تشكل نقيضاً لهما، لكنها تتماثل معهما في سياسة إلغاء الآخر بغض النظر عن المواقف “الوطنية” المعلنة التي تستخدم من أجل لديكور والجمهور.

السابق
في فيينا: الإيراني يستجدي الاتفاق النووي مع الغرب
التالي
فلسطين حكومة إنهاء الانقسام… بل إنهاء المصالحة