«المراجعة الشاملة» محور نقاشات التنظيمات الإسلامية

في لقاء إسلامي خاص جمع عدداً من القيادات والمسؤولين في حركات وأحزاب إسلامية لبنانية وفلسطينية، جرى استعراض الاوضاع العربية والاسلامية خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد «الثورات العربية» ووصول بعض الحركات الاسلامية الى الحكم والازمة السورية، ومروراً بنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة في تركيا والخسارة التي تعرض لها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان و «حزب العدالة والتنمية» في هذه الانتخابات.
وتكمن أهميّة هذا اللقاء في انه جمع شخصيات متنوعة ومختلفة وكان صريحاً وشفافاً وعميقاً، بحيث تم تجاوز الشكليات وتسجيل النقاط من كل فريق على الآخر. كما جرى بحث الاوضاع السياسية من خلال الأبعاد الاستراتيجية والمستقبلية لما جرى سابقاً ولما يمكن أن يجري في المستقبل في ظل المخاوف المستمرة من استمرار الصراع المذهبي لسنوات طويلة وتعرّض المنطقة لتقسيم طائفي ومذهبي وعرقي.
وقد أجمع المشاركون على أن جميع القوى والحركات الاسلامية في مأزق حقيقي سياسي وفكري. وأشاروا إلى أنّ ما يجري من تطورات لا ينعكس فقط على هذه القوى ومشاريعها السياسية والفكرية، بل أصبح يطال المشروع الديني كله وصورة الدين في المجتمع، خصوصاً في ظلّ تزايد العنف والتطرف وما يقوم به تنظيم «داعش» والتنظيمات التي تشبهه من ممارسات تشوّه صورة الإسلام والمسلمين وعدم قدرة القوى الإسلامية على الوقوف بوجهه.
لكن آراء المشاركين في اللقاء تباينت في كيفية إعادة مراجعة المسارات المختلفة ومن أين يجب البدء بالبحث والدراسة: هل من خلال تقييم تجربة الحركات الاسلامية في الحكم ولا سيما تجربة «الإخوان المسلمين»؟ ام من خلال التطورات في سوريا والعراق ولبنان ودور «حزب الله» وإيران في الازمات السورية والعراقية واليمنية والنتائج التي أسفرت عن ذلك؟ أم من خلال دراسة أسباب بروز ظاهرة التطرف والعنف وكيفية معالجتها اليوم؟

إلا أن ذلك التباين لم يمنع اعتراف الجميع بأن القوى والحركات الإسلامية تواجه اليوم مأزقاً خطيراً. وبالرغم من بعض النّجاحات التي تحقّقت سابقاً من خلال تجربة إيران والمقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين وبعض الإنجازات لـ «حزب العدالة والتنمية» في تركيا قبل الانتخابات الاخيرة، فإن الاوضاع اليوم لا تطمئن أحداً نظراً لازدياد الأجواء المذهبيّة ولتراجع العلاقات بين القوى والحركات الإسلامية وما تعانيه هذه الحركات في بعض الدول من اضطهاد وقمع، إضافة للتراجع الكبير على مستوى انتشار التدين الحقيقي وازدياد أجواء التعصب المذهبي في الشارع.
وحاول المشاركون البحث عن حلول للأزمة القائمة اليوم وتم تقديم العديد من الاقتراحات والأفكار، ومنها: إعادة تقييم كل التجربة الإسلامية في الحكم والمعارضة، والعودة الى الحوار المباشر والصريح بين القوى والحركات الاسلامية، إعادة تحديد الأولويات والأعداء الحقيقيين بدل التركيز على الخطر الايراني، دراسة الدور الاميركي في المنطقة وكيفية مواجهة تزايد هذا الدور ومخاطره، إعداد دراسة استراتيجية متكاملة للتطورات والمتغيرات الحاصلة في السنوات الاخيرة، البحث عن حلول سياسية وعملية للازمات الكبرى ولا سيما في سوريا والعراق واليمن، الدعوة لحوار مباشر بين الدول والقوى الفاعلة ولا سيما ايران وتركيا والسعودية ومصر.
وبالرغم من ذلك، تبقى المشكلة في كيفية تحويل هذه الافكار الى برامج عمل حقيقية ومن هي الجهة التي ستتولى متابعة هذه الحوار وتقديم الأفكار العملية، في ظل استمرار انعدام الثقة بين القوى والحركات الاسلامية وعدم توفر أجواء سياسية وإعلامية مشجعة للحوارات العلنية وتخوف كل طرف إسلامي من ردود فعل قواعده الشعبية على أية خطوة ايجابية تجاه الطرف الآخر.

(السفير)

السابق
حزب الله لن يبقى متفرّجاً
التالي
«داعش» زمن وليس اسماً… وذبذبات يرسلها «خليفة» متوهم