الاتفاق النووي: موعد خامس

مع أن الاتفاق النووي بذاته أهم من الموعد المحدد لتوقيعه، تتجاوز اليوم المفاوضات النووية مهلة رابعة في أقل من سنة لتوقيع اتفاق نهائي. بالطبع، ليست هذه نهاية العالم وخصوصاً أن الامر يتعلق باتفاق تاريخي بهذا الحجم. المسؤولون الايرانيون يقولون إنهم غير مستعجلين، ووزير الخارجية الاميركي جون كيري صرح الاحد بأن بلاده ستترك المفاوضات اذا لم يتحقق اي تقدم، وإذا أظهرت طهران عناداً .ولكن الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني قالت ان المفاوضات ستستمر “في الايام المقبلة” …حتى الجمعة.

واشنطن والدول الست كانت حريصة على انهاء الاتفاق قبل التاسع من تموز لان ذلك يتيح للكونغرس 30 يوماً فحسب لمراجعة الاتفاق قبل التصويت.أما بعد هذا التاريخ فسيحصل الكونغرس على شهر اضافي ، الامر الذي قد يؤخر موعد رفع العقوبات ويتيح لخصوم الاتتفاق مزيداً من الوقت للتعبئة.
إذا، بات المفاوضون أمام مهلة خامسة لحسم أربعة أمور، لعل أكثرها تعقيداً حظر الاسلحة لايران .

التفتيش
1-آليات نظام التفتيش الكفيلة التثبت من أن ايران تلتزم تعهداتها شكلت دائماً “مفتاح” اي اتفاق.لذا يطالب الغربيون بأن يتيح الاتفاق لمراقبي المنظمة الدولية للطاقة الذرية ،الهيئة الدولية التي ستكلف التحقق من تطبيق الاتفاق، الوصول الى كل المواقع، بما فيها العسكرية. وثمة من يعتقد أن واشنطن تريد التحقق من تطور البرنامج الصاروخي لايران تحديداً، لأن الصواريخ تستطيع حمل رؤوس نووية بعد انتهاء فترة الاتفاق.
ومع أن الدول التي تقبل تفتيشاً واسعاً وفضفاضاً لمواقعها العسكرية قليلة جدا، سبق للوكالة الذرية أن اضطلعت بمهمات مماثلة في اليابان وأفريقيا الجنوبية.

ايران رفضت مرارا مثل هذه المطالب ، كما رفضت السماح لمفتشي الوكالة باستجواب العلماء النوويين، لأن علماء عدة اغتيلوا بعدما كشفت شخصياتهم. وقبل أسبوعين، صوت مجلس الشورى مجددا على قانون يجدد منع تفتيش المنشآت العسكرية واستجواب العلماء.وكرر المرشد الاعلى للثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي ما قاله مراراً من أن “تفتيش منشآتنا العسكرية غير ممكن بتاتا، وهو أحد خطوطنا الحمر”.ففي رأيه تتجاوز هذه المطالب البروتوكول الاضافي للوكالة الذرية الذي التزمت طهران المصادقة عليه خلال الاتفاق الاطار في لوزارن والذي أمكن الاتفاق عليه في الثاني من نيسان الماضي. حدد هذا البروتوكول المعايير الرئيسية لتسوية نهائية بين طهران ومجموعة 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى المانيا، بما فيها السماح بعمليات تفتيش دقيق لكل المواقع التي يشتبه في حصول نشاطات نووية فيها.

ازاء هذا المأزق، حاول الديبلوماسيون في فيينا التفاوض على شروط “دخول منظم” الى المواقع النووية.ولم يعرف الاتفاق النهائي في هذا الشأن، وقت يناقش مسؤولون كبار من الوكالة الذرية هذه المسألة في طهران. الثابت الوحيد أن مطالب الجمهوريين بمنح المفتشين جواز مرور مفتوحاً الى كل المواقع وفي أي وقت، هي بعيدة المنال.

2-العقوبات
النقطة الثانية التي بدأت تجد طريقها الى الحل على ما يبدو تتعلق بموضوع العقوبات.فطهران تريد رفع العقوبات الدولية التي أضرت كثيرا باقتصادها ودفعتها الى معاودة التفاوض عام 2013، دفعة واحدة بمجرد سريان الاتفاق، بينما تعرض الولايات المتحدة وحلفاؤها رفعا متدرجا لتلك العقوبات التي فُرضت على مدى سنوات.

الاتفاق النووي

وبدأت التقارير من فيينا تتحدث عن اقتناع برفع العقوبات الدولية من دون اعادة فرضها تلقائياً في حال الاخلال بالتعهدات.أما في حال الاخلال بالتعهدات ، فيعود الى الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة حق اعادة العقوبات او فرضها مجددا بقرارات احادية.
الى ذلك، يرى مسؤولون غربيون أنه حتى لو أمكن التوصل الى اتفاق قريبا، لا يمكن رفع العقوبات قبل نهاية 2015 ، إذ على الوكالة الذرية التحقق من أن ايران تطبق التزاماتها، وهو ما يستغرق أشهراً عدة.إضافة الى أن اي اتفاق يحب أن يحصل على مصادقة مجلس الشورى، اضافة الى موافقة الكونغرس الاميركي.

3- الماضي النووي لايران
مدير الوكالة الذرية يوكيا أمانو قال إنه يتوقع أن يقدم بحلول نهاية السنة تقريراً عن النشاطات النووية الايرانية السابقة التي تعتقد الدول الست إنها كانت تهدف الى انتاج التكنولوجيا النووية العسكرية.وتريد واشنطن استجواب العلماء الإيرانيين لمعرفة تاريخ البرنامج النووي الإيراني قبل 2003، لأنها تشكك بنيات عسكرية قبل هذا التاريخ.بعض الاجوبة على هذه المطالب قد تربط برفع الدفعة الاولى من العقوبات على ايران.وفيما يقول مسؤولون اميركيون إن هدفهم ليس انتزاع اعتراف ايراني، من المرجح أن تحال مسألة المحاسبة الكاملة على النشاطات النووية الايرانية السابقة على مرحلة لاحقة.

4-حظر السلاح لايران
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لصرح اليوم بان احدى “المشاكل الرئيسية” التي لا يزال يتوجب حلها هي رفع حظر الاسلحة الذي فرضه مجلس الامن على ايران عام 2010. مفاوض ايراني رفيع المستوى كان حاسماً الاثنين بأنه لن يكون ثمة مكان لحظر السلاح في الاتفاق، علماً أن مثل هذا الامر قد يفسح المجال لايران للحصول على صواريخ باليستية يمكن أن تنقل أسلحة نووية.
في الماضي، قال مسؤولون غربيون إن حظر السلاح يجب أن يبقى سارياً بعض الوقت، وهو موقف يؤيده الكونغرس.ولكن الدول الست تبدو منقسة حيال هذا الامر.وسبق لموسكو أن أعلنت نيتها فك الحظر عن صفقة صواريخ لطهران.

الابحاث النووية
5-القيود على ايران واضحة في العقد الاول من الاتفاق، ولكن بين السنة العاشرة والسنة الخامسة عشرة لا تعود الامور بالوضوح نفسه، وخصوصاً لجهة القيود التي ستواجهها ايران على ابحاثها النووية.
من هذا المنطلق يبدو أن التمديد الخامس ضروري لتوضيح أكثر من مسألة.

(النهار)

السابق
عاتب على الله: في هذيان المظلومين
التالي
نبيل نقولا لمناصري التيار: ابقوا في منازلكم الخميس