هل من مؤشرات لانهيار إقتصادي في لبنان؟

التجاذبات السياسية وضعت الاجابة حول مصير الاقتصاد في حال من الغموض، خصوصاً بعد الأرقام والأرقام المضادة التي قدمتها أخيراً الهيئات الاقتصادية خلال الاعلان عن “نداء 25 حزيران” من جهة، و”تكتل التغيير والإصلاح” من جهة أخرى. ولكن هذا الغموض يأتي في الدرجة الأولى نتيجة طريقة طرح الارقام الاقتصادية، ما أدخل الاقتصاد في فلك السياسة.

المعروف أن الاقتصاد يتمّ قياسه عبر 3 مؤشرات هي الوحيدة القادرة على تقييم أداء هذا الاقتصاد وحجمه: نسبة البطالة، الناتج المحلي الإجمالي ونسبة التضخم. والجدير ذكره، أن التراتبية مهمة في قياس هذه المؤشرات من ناحية أن مؤشر البطالة يأتي في الدرجة الأولى نظراً الى البعد الاجتماعي لها والتي تضرب التوازن الاجتماعي، يليه الناتج المحلّي الإجمالي الذي يقيس حجم الاقتصاد، وفي المرتبة الأخيرة التضخم الذي يسمح بمعرفة القيمة الفعلية للناتج المحلي الإجمالي.

 

البطالة
لا يُخفى على أحد أن البطالة تعتبر تحدياً كبيراً وأساسياً تواجهه معظم الإقتصادات الحرّة، إذ أن سوق العمل عرضة للدورات الاقتصادية. وفي كل مرة يتحسَّن فيها الوضع الاقتصادي، أي يرتفع فيه حجم الإستثمارات، تقلّ نسبة البطالة والعكس بالعكس. لكن أهم ما في البطالة أنها مقياس أساسي في التوازن الاجتماعي وتُعتبر مؤشراً عن معدل الفقر في بلد مُعيّن. وإزدادت نسبة البطالة بشكل ملحوظ وفق ما يؤكده البنك الدولي في دراسته لعام 2014 والتي أشارت الى أن ما يزيد عن 320 ألف عامل لبناني إنضموا إلى العاطلين عن العمل بفعل اللجوء السوري الكثيف، وهذا أيضاً ما أكده وزير العمل سجعان قزي، إذ أشار الى ان البطالة في لبنان تخطت 25% من مجمل اليد العاملة.

 

الناتج المحلّي الإجمالي
الناتج المحلّي الإجمالي هو عبارة عن المدخول المالي لبلد معين، ويُعتبر النمو الاقتصادي – أي الفارق بين الناتج المحلي الإجمالي بين عامين متلاحقين بالنسبة المئوية – المؤشر الأساسي لتوفير الثروات. وكلما إزداد النمو الاقتصادي مع نسبة بطالة ضعيفة، كان توزيع هذه الثروة على المواطنين متوازناً، لذا يدخل النمو الاقتصادي في مؤشر الأمم المتحدة للتطور الإنساني (HDI). وفي لبنان قدّر الناتج المحلّي الإجمالي لعام 2014 نحو 47 مليار دولار، ما يندرج ضمن الخانة المنخفضة للدول ذات الدخل المتوسط. كما أن النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز سنوياً 2% منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، كان مدعوماً بشكل أساسي من قطاعين: القطاع المصرفي وتحاويل المغتربين.

 

التضخم
يُمكن تشبيه تضخم الإقتصاد كحرارة الجسم عند الإنسان. فنسبة تضخم كبيرة تأكل جزءاً من الناتج المحلي الإجمالي ومن القدرة الشرائية للمواطن، ما يضرب الإستهلاك والإستثمار. أما تسجيل نسب تضخم ضعيفة، فيعتبر دليلاً على فقدان النمو، لكون هذا الاخير يُترجم على الأرض بزيادة الطلب وتالياً زيادة الأسعار.

 

المؤشرات الأخرى
جميع المؤشرات الأخرى هي مؤشرات مسبقة لهذه المؤشرات الثلاثة. ففي حال أخذنا حجم تسليفات المصارف للقطاع الخاص اللبناني، يمكن ملاحظة أن القسم الكبير لهذه التسليفات هي إستهلاكية وليست إستثمارية وهذا ما دفع مصرف لبنان إلى إصدار التعميم 369 للجم القروض الإستهلاكية عبر فرض إمتلاك المقترض 25% من سعر السلعة المنوي شراؤها.
أما في ما يخص الميزان التجاري، فعجزه في إرتفاع مستمر وقد شارف حدود الـ20 مليار دولار سنوياً، أي ما يقارب نصف الناتج المحلّي الإجمالي. كما إنّ خدمة الدين العام تُقدّر بـ 11% من الناتج المحلّي الإجمالي. مع العلم بأن الدين العام اللبناني قد وصل الى حوالي 70 مليار دولار، اي ما يقارب 130% من الناتج المحلي الاجمالي.

(النهار)

السابق
هل ينفصل جورج كلوني وأمل علم الدين؟
التالي
هذه اللائحة 46 للعينات المطابقة وغير المطابقة