قراءة سـياسية لـ14 اذار في تمايز «امل» عن الحليف الشيعي

أبعد من توزيع الادوار داخل فريق 8 اذار، تقول مصادر سياسية رفيعة في قوى 14 اذار لـ”المركزية” ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يثبت منذ اكثر من عام تمايزا واضحا عن حلفائه في المواقف والمحطات السياسية والاستحقاقات الدستورية ما حمل الكثير من المراقبين السياسيين على طرح علامات استفهام حول ابعاد هذا التمايز وخلفياته، ذلك انه لم يقتصر فقط على التيار العوني المعروفة طبيعة العلاقات بينهما والخلافات في اكثر من ملف من النفط الى الكهرباء وقانون الانتخابات وغيرها.

واضافت المصادر ان الرئيس بري اعطى في المرحلة الاخيرة اكثر من اشارة واضحة في هذا الاتجاه لا سيما حينما امتنع عن استقبال وفد التيار الوطني الحر المكلف مناقشة مبادرته مع الافرقاء السياسيين، وأحال أعضاءه الى كتلته التي التقت الوفد في البرلمان، بل تعداه الى حليفه الشيعي الاساسي حزب الله مسجلا تباينا جليا في مقاربة الاستحقاقات بدءا من عدم المشاركة في المعارك في سوريا حيث اقتصرت على الحزب من دون عناصر حركة “أمل”، مرورا بجلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي يقاطعها نواب تكتل التغيير والاصلاح والحزب مقابل مواظبة دؤوبه من كتلة “التنمية والتحرير” اذ لم يتغيب هؤلاء عن اي من الجلسات الخمس والعشرين التي دعا اليها بري، وصولا الى تغطية حكومة الرئيس تمام سلام ميثاقيا حتى قبل اتخاذ حلفائه قرارا بالانسحاب من جلسات مجلس الوزراء، مسلّفا الرئيس تمام سلام ديناً على امل ان يرده له في تأمين الاصوات الوزارية الكفيلة بفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي للتشريع.

ولا تقف الامور عند هذا الحد، اذ ان ثمة مخزونا كبيرا من الأسباب والتباينات التي يجري التعبير عنها كلما دعت الحاجة. ويمتد ايضا الى ازمة التعيينات حيث جاءت مواقف رئيس المجلس بالغة الدلالة في سؤاله “كيف يرفض عون لغيره ما قبله لنفسه؟ عندما كان قائدا للجيش وبادر الى تأخير تسريح ضباط يصل عددهم الى العشرة؟ “وقد تجاوز بذلك موقف حزب الله، ولو ان المراقبين السياسيين يؤكدون ان الرئيس بري لم يكن ليطلق كل هذه المواقف لو لم يحصل على “قبة باط” من قيادة الحزب .

نبيه بري

هذا في اطار توزيع الادوار داخل الفريق الواحد وعلى وجه الخصوص في البيت الشيعي. اما على المستوى الاوسع فتعرب المصادر في قوى 14 اذار عن اعتقادها ان الرئيس بري يخطط لما هو أبعد بكثير، وبدأ يعد العدة لمواجهة مرحلة ما بعد الاتفاق النووي الايراني وتداعيات سقوط النظام السوري، وهي لحظة تتوقع الاوساط انها لم تعد بعيدة، بما يحتم على بري حفظ خط الرجعة للمكون الشيعي بعدما انغمس الحزب الى اقصى درجة في النزاع الداخلي السوري مخلفا موجة من التعصب السني ازاء هذا الانغماس لبنانيا وعربيا. وتقول ان رئيس مجلس النواب الذي وعلى رغم تحالفه المصيري مع الحزب ما انفك يقترب من خط الوسطيين ويتولى الوساطات والجهود الى جانب رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في اي ازمة داخلية، وتمكن من ارساء حلول للكثير من الخلافات الداخلية عبر ايجاد مخارج وتسويات، وهو دور يؤهله لتلقف الحدث الكبير عندما يحين الموعد، فيتمكن الى جانب الوسطيين من خلق “لوبي” حصانة للاستقرار على المستوى الوطني وابقاء الطائفة الشيعية في منأى عن ارتدادات سقوط النظام السوري وحمايتها من “الثأر” الممكن ان تلجأ اليه التنظيمات السنية المتطرفة من “داعش” وغيرها” قبل ان يتخذ القرار الدولي الكبير بالقضاء عليه نهائيا.

السابق
مذكرة القاء قبض في حق العسكريين الخمسة في قضية تعذيب مساجين رومية
التالي
فتفت: الجميع لديهم شارع عند الضرورة